رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«كوب 26».. توافق صعب وحلول وسط..
جوتيريش: قمة المناخ بمصر تبدأ الآن

منال لطفى
> ألوك شارما رئيس قمة جلاسجو يتلقى ترحيبا حارا من الحاضرين عقب البيان الختامى

كاد العالم يتعثر فى الأمتار الأخيرة من ماراثون مؤتمر المناخ العالمى فى جلاسجو بعدما تعلق مصير المؤتمر بحبل رفيع بين النجاح والفشل فى صراع إرادات، وشد وجذب بين الدول الفقيرة الأكثر تضررا من الاحتباس الحراري، والتى أرادت بنودا أقوى فى قضايا مثل الفحم والوقود الأحفورى وآليات جديدة لتمويل مواجهة الكوارث البيئية، وبين الدول الغنية التى سارت خطوة متقدمة للأمام مقارنة بالمؤتمرات الدولية السابقة، لكنها لم تسر بما يكفى لتجنب السيناريو الأسوأ فى أزمة التغيرات المناخية.

وبرغم تمديد مؤتمر جلاسجو ليوم أضافي، تم تمرير النص النهائى بعد مفاوضات صعبة ومتوترة، وحلول وسط لم ترض جميع الأطراف. وبينما اعتبر رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون أن مؤتمر جلاسجو نجح فى تحقيق بعض التقدم للامام، إلا أنه اعترف أنه «لا يزال هناك الكثير الذى يتعين القيام به فى السنوات القادمة».

ولم يخف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إحباطه من تعديلات فى البيان الختامى للقمة للوصول للإجماع اللازم لتمرير النص النهائى، كما لم يخف حماسته لبدء الاستعدادات لقمة المناخ الدولية فى مصر فورا.

وقال جوتيريش حول البيان الختامى لقمة جلاسجو: «النص المعتمد هو حل وسط. هناك خطوات مهمة، ولكن لسوء الحظ لم تكن الإرادة السياسية الجماعية كافية للتغلب على بعض التناقضات العميقة». وأشار بشكل خاص إلى الجدل فى البيان الختامى بشأن الصياغة حول الوقود الأحفورى والفحم، حيث تم استبدال الفقرة الأصلية والتى كانت تنص على «التخلص التدريجى والنهائى» من الفحم بفقرة تنص على «الحد التدريجى» من الفحم، بعد ضغوط من الهند والصين.

وقال جوتيريش «أؤكد من جديد اقتناعى بضرورة إنهاء الدعم الحكومى للوقود الأحفورى. والتخلص النهائى من الفحم... نتيجة قمة جلاسجو هى تسوية تعكس المصالح والتناقضات وحالة الإرادة السياسية فى العالم اليوم. إنها خطوة مهمة، لكنها ليست كافية...معركة المناخ هى معركة حياتنا ويجب كسب هذه المعركة. كوكبنا الهش معلق بخيط رفيع... وما زلنا نطرق باب كارثة المناخ... أعلم أن الكثيرين منكم أصيبوا بخيبة أمل...لكن طريق التقدم ليس دائمًا خطاً مستقيماً. فى بعض الأحيان هناك التفافات».

وخلص بقوله أن قمة المناخ 27 فى مصر «تبدأ الآن».

واعتبرت المفوضية الأوروبية أن «ميثاق جلاسجو» «أبقى على أهداف اتفاق باريس حية، من خلال منحنا فرصة للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى عند 1.5 درجة مئويّة».

وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين فى بيان «أحرزنا تقدّما فى تحقيق الأهداف الثلاثة التى حددناها لأنفسنا فى بداية قمة جلاسكو.. وهذا يجعلنا واثقين من أنه يمكننا أن نوفّر للبشرية مكانا آمنا ومزدهرا على هذا الكوكب. لكن لن يكون هناك وقت نضيعه: لا يزال هناك عمل صعب فى انتظارنا».

وفى ختام المؤتمر، تبنى المشاركون «ميثاق جلاسجو» الهادف إلى تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحرارى. لكن المفردات المستخدمة فى النص النهائى كانت أقل قوة من المسودات السابقة.ودعا الاتفاق دول العالم إلى تسريع خفض انبعاثاتها، من خلال تقديم خطط وطنية جديدة بحلول 2022 خلال قمة المناخ فى مصر.

وبعد مقاومة الدول الغنية بقيادة أمريكا والاتحاد الأوروبى، حذف النص النهائى أى إشارة إلى «آلية تمويل» للخسائر والأضرار التى تسبب بها تغير المناخ فى العالم النامي. وبدلاً من ذلك، تم التعهّد فقط بـ «حوار» مستقبلى حول هذا الموضوع.

كما وُجهت أصابع الاتهام خلال القمة إلى الدول الغنية التى تقاعست عن تقديم ضمانات مالية جديدة ملموسة للدول الفقيرة لدعم تحولها نحو الاقتصاد الأخضر. وأشار النص «بأسف عميق» إلى أن الدول الغنية فشلت فى جمع مبلغ سنوى منفصل قدره 100 مليار دولار وعدت به منذ أكثر من عقد، وحضت الدول على دفع المبلغ «بشكل عاجل».

وبعد الاتفاق على البيان الختامى الذى دعمته الكثير من الدول النامية على مضض لأنه افتقر لآليات جديدة لمساعدة الدول الأكثر تضرراً، قال رئيس قمة جلاسجو، ألوك شارماوهو يذرف الدموع «أعتذر عن الطريقة التى سارت بها هذه العمليّة. أنا آسف بشدّة»، قبل أن يطرق بمطرقته على الطاولة معلنا انتهاء قمة 26.

وأبدت منظمات بيئية دولية وناشطون من بينهم الناشطة السويديّة جريتا ثونبرج أسفهم لما انتهى إليه المؤتمر، معتبرة أنّه لا يعدو كونه «ثرثرة»، داعية إلى مواصلة الضغط الشعبى على حكومات العالم.

وقالت أماندا موكواشى، المديرة التنفيذية لمنظمة «كريستشانآيد»، «قيل لنا إن مؤتمر جلاسجو كان أفضل فرصة أخيرة للحفاظ على 1٫5 درجة مئوية، لكنّه وُضِع على أجهزة التنفس الاصطناعى».

وفى نظر الكثير من الدول والمنظمات البيئية حول العالم تعتبر قمة المناخ 27 فى مصر، بين 7و18 نوفمبر 2022 «فرصة تاريخية» للدول النامية، فى القارة الإفريقية بالذات، لمواصلة الضغط فى القضايا والملفات المصيرية التى تركت معلقة. وسيعود قادة العالم إلى طاولة المفاوضات فى مصر العام المقبل لتحديث خططهم من أجل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة على أمل الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية بنهاية القرن الحالى. كما ستدفع البلدان الفقيرة نحو تحويل الالتزام العاطفى والأخلاقى إلى أموال ملموسة تساعد تلك الدول على مواجهة الأسوأ.

وداعا جلاسجو.. مرحباً شرم الشيخ

الخلافات التى هددت البيان الختامى لقمة جلاسجو ليست بالشىء الجديد. فعادة مفاوضات المناخ هى الأصعب على مستوى العالم، ففيها يتشابك الاقتصادى مع البيئي، والسياسى مع الجيوسياسي، والعلمى مع الأيديولوجى، والمصالح القومية مع المصالح الدولية، والأهداف بعيدة المدى مع الأهداف قريبة المدى .. فما هى القضايا الأساسية التى تُركت معلقة فى جلاسجو وستنتقل لقمة شرم الشيخ؟.

معركة ديون خسائر المناخ:

كان الدعم المالى الذى سعت له الدول النامية، وأحجمت عن تقديمه الدول الغنية، أكبر مصدر للتوتر فى قمة جلاسجو. وبالتالى انتهى المؤتمر بمذاق مر لدى الكثير من الدول والناشطين. فبعد أسبوعين من المفاوضات، لم يتم التوافق على مبدأ «الخسائر والأضرار (Loss and Damage) وهو مبدأ جديد على مفاوضات المناخ، وبمقتضاه تريد البلدان النامية، التى تمثل أكثر من 6 مليارات شخص، «صندوق تمويل دوليا» تحت إشراف الأمم المتحدة، للتعويضات الاقتصادية عن آثار كوارث المناخ التى تضرب أفقر الدول والجزر حول العالم، وتكبدها خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة.

فمثلا عندما ضرب إعصار إيداى وكينيث ساحل موزمبيق فى مارس 2019، تسببا فى تشريد ربع مليون شخص، وترك مليون آخرين فى حاجة ماسة إلى الأدوية والغذاء والمساعدات الصحية. آنذاك طلبت موزمبيق 3 مليارات دولار، للمساعدة فى إعادة بناء البنية التحتية وتأمين الإمدادات الغذائية والصحية للمتضررين، لكنها بدلاً من ذلك، تلقت قرضا صغيراً بقيمة 120 مليون دولار، من صندوق النقد الدولي، لم يكف لمساعدتها، وكان عليها أن تدفع عليه فوائد أيضاَ.  أما جزيرة مدغشقر، التى تقع على السواحل الشرقية لإفريقيا، وتعتبر ثانى أكبر جزر العالم بعد اندونيسيا، بعدد سكان يبلغ نحو 26 مليون نسمة، فلا تسهم بأى قدر فى انبعاثات الغازات الدفيئة، فهى جزيرة تعيش على الصيد والزراعة، ومع ذلك تعد الجزيرة من أسوأ دول العالم تضررا بسبب الاحتباس الحرارى. فهى تعانى من تصحر متزايد، وتراجع فى سقوط الأمطار. كما أن سواحلها مهددة بسبب ارتفاع مستويات مياه المحيط، وبسبب العواصف غير الموسمية، بات الصيد أصعب وأخطر. وبالتالى تواجه مدغشقر خطر أن تكون أول دولة فى العالم تعانى من «مجاعة المناخ»، أى أن يجد غالبية السكان أنفسهم غير قادرين على إنتاج ما يكفيهم من الغذاء، ليس بسبب أخطاء ارتكبوها، بل بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة من بلدان صناعية تبعد عنهم آلاف الأميال فى أوروبا أو آسيا أو أمريكا. ومع أن الوضع الإنسانى فى مدغشقر كارثي، حيث يضطر السكان لأكل أوراق الشجر وأوراق التين الشوكى، إلا أن المجتمع الدولى لم يقدم لمدغشقر أى مساعدات تذكر.

وما تعانى منه موزمبيق ومدغشقر، تعانى منه كينيا، ورواندا، وباربادوس، واندونيسيا، والفلبين، وأفغانستان، وسيرلانكا، والبهاما، والمالديف، وجامايكا، وسيشيل، وبابا نيوغينيا، وجزر مارشال، وفيجى وغيرهم.

وخلال قمة جلاسجو، قالت هذه الدول إنها تريد آلية تمويل جديدة لمواجهة كوارث المناخ، لمساعدة الدول النامية على التعافى من العواصف المدمرة وارتفاع منسوب البحار وإعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية بعد الكوارث البيئية. وتشير الدراسات، إلى أن الضرر الناجم عن الكوارث المناخية قد يتجاوز 500 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030. ووفقا لتقديرات عدد من المنظمات البيئية، فإن الدول الـ 65 الأكثر فقراً فى العالم والأكثر تعرضا للآثار الكارثية للتغييرات المناخية، قد تشهد انخفاضاً فى الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 20٪ فى المتوسط بحلول عام 2050.

لكن ضغوط مجموعة الـ 77، وهى تحالف يضم 134 دولة نامية، بالإضافة إلى الصين، لم ينجح خلال جلاسجو فى تمرير نص قوى، برغم الضغوط وتمديد القمة يوماً إضافيا.

فالنص الذى يعالج تعويضات كوارث المناخ عارضته أمريكا ودول أوروبية، لأنه قد يفتح الباب أمام تحديات قانونية ومالية، وأسئلة أخلاقية عن المسئولية التاريخية للاحتباس الحرارى.

وقال مسئول أمريكى كبير فى وقت سابق هذا الأسبوع، إن إنشاء صندوق جديد لتعويض الدول عن الخسائر والأضرار «يعد خطاً أحمر». كما قال مبعوث المناخ الأمريكى جون كيرى، إن واشنطن لن تدعم قرارا يفتح الطريق أمام الدعاوى القضائية. أيضا عارض الاتحاد الأوروبى اقتراح مجموعة الـ 77.

وبالتالى لم يتضمن البيان الختامي، إشارة إلى آلية تعويض مالية للكوارث المناخية، بل تضمن فقرة فضفاضة، تنص على خطة «لإقامة حوار» بين الدول والمنظمات الدولية «لمناقشة الترتيبات» لتمويل الخسائر والأضرار.

وفى الجلسة الختامية للمؤتمر، قبلت غينيا، رئيسة مجموعة الـ 77، على مضض البيان الختامى، وأقرت بأنه لن يكون هناك آلية تمويل جديدة لضحايا الكوارث المناخية فى جلاسجو. وهكذا ستنتقل القضية لمؤتمر المناخ الدولى فى مصر. وسيكون هدف مجموعة الـ 77 زائد الصين، هو إجراء المزيد من المشاورات والعمل خلال الأشهر المقبلة على نيل المزيد من الدعم للمقترح. وفى نظر البعض، بات الطريق مفتوحا إلى حد ما لتحقيق تقدم خلال الرئاسة المصرية لقمة المناخ العالمية فى 2022. فمجرد تضمين بند «الخسائر والأضرار» فى البيان الختامى لجلاسجو، حتى لو كان بلا أنياب، هو انتصار للدول النامية لأنه يفتح الباب أمام المزيد من الضغوط والدبلوماسية، خلال قمة المناخ فى مصر والتى ستعقد فى شرم الشيخ.

وقالت الناشطة أنيتا مورجينى من «الصندوق العالمى للطبيعة» لـ «الأهرام» إن هذه الآلية الجديدة ستشهد مواجهة مستمرة بين الدول الغنية والفقيرة خلال مؤتمرات المناخ الدولية المقبلة، موضحة: «كوارث المناخ باتت تشكل أزمة وجودية للكثير من دول العالم، ويجب النظر بكل جدية لتوفير آليات جديدة للمساعدة على مواجهة هذه الكوارث. فنحن نشهد المزيد والمزيد منها كل يوم. هناك مناطق مثل جزر البهاما، التى تعرضت لأعاصير مدمرة منذ نحو ثلاث سنوات، مازالت منشآتها الحيوية مدمرة وعشرات الآلاف فى سكانها فى مساكن إيواء مؤقتة، لان العالم لم يتحرك لتقديم دعم عاجل أو كاف. والمشكلة أنه ليس هناك صندوق دولى لمواجهة كوارث المناخ، وهذا يجب ان يتغير بسرعة».

 معركة الانبعاث الصفرى:

وصف ألوك شارما، رئيس قمة جلاسجو 26، نص الاتفاق الختامى بأنه «انتصار هش»، موضحاً: «لقد أبقينا هدف إبقاء ارتفاع درجات حرارة الأرض عند 1.5 على قيد الحياة. لكن نبض هذا الالتزام ضعيف»، وذلك فى إشارة إلى هشاشة الالتزامات الدولية، فيما يتعلق بالحد بالسرعة الكافية من زيادة غازات الاحتباس الحرارى. فالاعتراف بالحاجة لتخفيضات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى خلال جلاسجو، لم يصاحبها التزامات جديدة محددة. على العكس، دول مثل الهند قالت إنها لن تستطيع أن تحقق انبعاث صفرى للغازات الدفيئة إلا بحلول 2070، فيما قالت الصين وروسيا، إنهما يسعيان للتوصل لذلك الهدف بحلول 2060.

وحتى بعد تفاهمات جلاسجو، ترى الأمم المتحدة أن درجات الحرارة فى طريقها للارتفاع بين 2.4 درجة مئوية و2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، حتى لو أوفى قادة العالم بوعودهم، بالحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بنسبة 45% بحلول 2030.

وتقول منظمة العفو الدولية، إن الفشل فى الالتزام بالحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية، سيحكم على أكثر من نصف مليار شخص، معظمهم فى جنوب العالم، بعدم كفاية المياه للشرب والزراعة، وسيعرض مئات الملايين من الناس لموجات الحر الشديدة. وعلى الرغم من هذا السيناريو الكارثى، فشلت القمة فى نيل المزيد من التعهدات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. لكن إبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض فى حدود 1.5 درجة مئوية بنهاية هذا القرن مازال «حجر الزاوية» فى الجهود العالمية للتصدى للاحتباس الحراري. وفى قمة المناخ فى مصر 2022، ستتجه أعين الوفود لتعهدات أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات.

وقالت جابرييلا بوشر المدير التنفيذى لمنظمة أوكسفام الدولية، إن توافق الوفود فى قمة جلاسجو على نيل المزيد من التعهدات الملزمة من القوى الدولية خلال قمة المناخ 27 فى مصر، بشأن تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، سيكون «خطوة مهمة جدا»، مشيرة إلى أن ما أعلنته بعض دول العالم خلال جلاسجو لم يكن مرضيا بما فيه الكفاية، وبالتالى هناك توافق دولى على ان القمة الدولية فى مصر ستواصل المساعي، لدفع المزيد من دول العالم للالتزام بالحد من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون خلال هذا العقد.

 معركة زيادة تمويل صندوق المناخ:

شهد مؤتمر جلاسجو تقدما فى مفاوضات زيادة تمويل صندوق المناخ التابع للأمم المتحدة، المفترض أن يقدم 100 مليار دولار سنويا لدعم الدول النامية، فى معركتها ضد تحديات المناخ. ومنذ إقراره عام 2009 خلال قمة كوبنهاجن، لم يوفر الصندوق مبلغ الـ 100 مليار دولار سنويا، بل فى بعض السنوات لم يوفر غير 20% من المبلغ. ووجد تقييم أجرته منظمة أوكسفام فى عام 2020، أن الدول قد بالغت فى قيمة مساهماتها فى تمويل صندوق المناخ، وأن معظم الأموال قدمت فى الواقع فى شكل قروض بفوائد للدول الفقيرة. ومع ان لغة البيان الختامى لقمة جلاسجو، تشير للسعى لمضاعفة تمويل الصندوق، إلا أن البند كان محل خلاف حتى آخر لحظة، بين من يريدون صياغة تدعو لمضاعفة تمويل الصندوق، وبين صياغة تدعو «للنظر» فى مضاعفة تمويل الصندوق، وهو ما يعنى، أن الدول المانحة ليست ملزمة بمضاعفة تمويل الصندوق. ويقول الناشطون والوفود الممثلة للدول النامية والمنظمات البيئية، إن هذا الموضوع سيكون على رأس جدول أعمال قمة المناخ الدولية فى مصر العام المقبل.

> جينيفر مورجان

رغم الانتقادات...هناك أسباب للتفاؤل

كأى مؤتمر دولى تشارك فيه 196 دولة، من الصعب تحقيق إجماع حول كل القضايا. وبرغم الانتقادات إلا أن قمة جلاسجو لم تخل من إيجابيات كبيرة تضاف لقمة باريس 2015 وعلى رأسها:

بداية نهاية الفحم: 

قالت جينيفر مورجان، المديرة التنفيذية لمنظمة السلام الأخضر الدولية، إنه برغم أن الصين والهند نجحتا فى تخفيف لهجة الفقرة المتعلقة بالتخلص من الاعتماد على الفحم، لكن تخفيف اللغة لا يغير النتيجة التى نحن بصدد الوصول إليها وهى أن عصر الفحم على وشك الانتهاء. فحتى الدول التى تعتمد على الفحم مثل ألمانيا فى أوروبا والصين والهند فى أسيا يدركون أن من مصلحة جميع البلدان، بما فى ذلك هم، الانتقال إلى طاقة متجددة نظيفة. وبرغم ضعف الفقرة الخاصة بالحد التدريجى من الفحم والدعم الحكومى للوقود الأحفورى، لكن وجود الفقرة بحد ذاته يمثل اختراقا كبيرا، فهى المرة الأولى فى أى وثيقة أممية التى تتوافق فيها كل دول العالم على نص يشير لضرورة التخلص من الفحم والوقود الأحفورى لتحقيق هدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45٪ بحلول 2030 لإبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية بنهاية القرن.

أحد الإنجازات الأخرى الملموسة هو اتفاق قادة العالم على تحريم إزالة الغابات بحلول عام 2030، حيث وعد أكثر من 100 من قادة العالم بإنهاء إزالة الغابات فى غضون الـ10 سنوات المقبلة عبر ميزانية تقدر بنحو 20 مليار دولار من الأموال العامة والخاصة لحماية الغابات. وسيذهب بعض التمويل إلى البلدان النامية لاستعادة الأراضى المتضررة ومعالجة حرائق الغابات ودعم مجتمعات السكان الأصليين. لكن اتفاقية جلاسجو غير ملزمة قانونا، كما لا توجد آلية إشراف لضمان امتثال الدول وبالتالى يمكن لقمة المناخ فى مصر أن تحسن من تطبيق ذلك الاتفاق.

من النتائج الملموسة أيضا، نجاح مارك كارني، ممثل الأمم المتحدة الجديد لشئون اقتصاديات المناخ، فى نيل دعم المؤسسات والشركات الكبرى حول العالم لضخ تريليونات الدولارات من رأس المال الخاص لدعم التكنولوجيا النظيفة. فقد جمع كارنى 450 منظمة لديها احتياطى مالى يقدر بـ130 تريليون دولار، أو حوالى 40٪ من الأصول الخاصة العالمية، وهم يخططون لتحويل الموارد المالية إلى الأنشطة التى تساعد فى التحرك نحو عالم خال من الكربون، مثل الطاقة الخضراء المتجددة. أيضا تم التوصل لاتفاق، برعاية أمريكا والاتحاد الأوروبي، لخفض انبعاثات غاز الميثان، ثانى أسوأ غازات الاحتباس الحرارى فى العالم، بنسبة 30٪ بحلول عام 2030. لم توقع الصين وروسيا والهند ونيجيريا، ولكن من المأمول أن ينضموا لاحقا.

بالأرقام

3

مليارات شخص قد يعيشون فى مناطق غير صالحة للعيش بحلول 2070، من إجمالى عدد سكان العالم المتوقع أن يبلغ نحو 9 مليارات نسمة آنذاك، بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض.

22

مليون شخص تعتبرهم مفوضية اللاجئين «نازحى المناخ»، وهم الأشخاص الذين تركوا بلادهم منذ 2010 بسبب كوارث متعلقة بتغير المناخ مثل نقص الغذاء والماء والصعوبات فى الوصول إلى الموارد الطبيعية.

1.2

مليار شخص قد يصبحون «لاجئى المناخ المنسيين» بحلول 2050، حيث قد تجبر ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية المصاحبة لها من جفاف وفيضانات ونقص فى المواد الغذائية مئات الملايين من البشر للجوء والهجرة.

260

مليون شخص من ساكنى المناطق الساحلية معرضون اليوم لخطر داهم بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر خلال الثلاثين عاما الماضية. 90٪ منهم من البلدان النامية الفقيرة والدول الجزرية الصغيرة. على سبيل المثال، فى بنجلاديش، من المتوقع أن تغمر المياه 17٪ من البلاد بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بحلول عام 2050، وسيفقد 20 مليون شخص يعيشون هناك منازلهم.

60

مليون شخص فى العالم اليوم يواجهون نقصا حادا فى الغذاء، نصفهم فى إفريقيا والباقى فى أمريكا الوسطى والبحر الكاريبى والمحيط الهادى وآسيا بسبب موجات جفاف شديدة وفيضانات مدمرة تغرق المحاصيل الزراعية مرتبطة بالتغيرات المناخية.

> الجفاف فى مدغشقر أجبر السكان على طهو أوراق الشجر

> طفل من السكان الأصليين يحتضن شجرة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق