رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاقتصاد الهش.. وطموحات «الورقة البيضاء»

العزب الطيب الطاهر
الاقتصاد العراقى

لم يكن الحراك الشعبى الذى انطلق فى العراق فى أكتوبر 2019، بمنأى عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، التى باتت تفرض سطوتها على المواطن، لاسيما منذ الاحتلال الأمريكى لبلاد الرافدين فى 2003، الذى حمل معه وعودا بنظام سياسى جديد، مصحوب بتحولات إيجابية تسهم فى تحسين مستوى المعيشة، وتوفير فرص العمل وتطوير أداء الخدمات،خاصة على صعيد الكهرباء والطاقة والصحة والتعليم وغيرها.

بيد أن المواطن العراقى لم يلمس أى تجليات لذلك فى واقعه، على الرغم من مضى  نحو 17 عاما على الاحتلال، وتعاقب حكومات خرجت من رحمه، ومن رحم ارتباطها بقوى إقليمية، لم تضع فى حسبانها تصحيح المسار السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وإنما ركزت على تثبيت نفوذ النخب السياسية الحاكمة، وتطلعاتها لامتلاك معادلة السلطة والثروة، الأمر الذى أسفر عن تصاعدالفساد، وهروب مبالغ بمليارات الدولارات إلى الخارج، فى ظل غياب المحاسبة والمساءلة .

تفاقمت الأوضاع على الرغم من اعتماد موازنات ضخمة، فتقلصت فرص العمل وأضحت البطالة حالة عامة، وتدهور مختلف القطاعات الخدمية، فالكهرباء فى حالة انقطاع شبه دائم، والمستشفيات تعانى نقصا فى تجهيزاتها الطبية، وغيرذلك من جوانب النقص والمعاناة.

بالطبع أسهمت التقلبات فى أسعار النفط وجائحة كورونا فى  تعميق جوانب الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذى أفضى إلى الخروج  فى احتجاجات شعبية، عمت مختلف المحافظات العراقية، مطالبة بتغيير شامل فى النظام السياسى، والنخبة القابضة على مفاصل السلطة والثروة والإقدام على تغيير واسع، تمثلت بداياته فى تشكيل حكومة جديدة، برئيس وزراء طرح الحراك الشعبى اسمه فى ميادين الاحتجاجات، وهو مصطفى الكاظمى الذى لا ينتمى للنخبة السياسية التقليدية، وإنما هو خارج من رحم مؤسسة أمنية (جهاز الاستخبارات) عرفت بنزاهتها، فضلا عن امتلاكه المعلومات عن مختلف مفردات المشهد العراقى . وانطلقت الحكومة الجديدة فى خططها لتغيير الواقع الاقتصادى والاجتماعى، وهى مهمة ليست سهلة، تنطلق من ضرورة المضى قدما فى الإصلاحات الطموحة، التى حددتها حكومة الكاظمى فيما يعرف بـ «الورقة البيضاء».

 وحسب الخبراء، فإن الاقتصاد العراقى أضحى بحاجة لتحول جذرى، إذا كان يُراد له أن يكون قادرا على إيجاد الوظائف لأعداد الشباب المتزايدة من السكان، وبإمكان العراق أن يحصل على مكاسب مالية سنوية قدرها 11 مليار دولار أمريكى، إذا تم تنفيذ السياسات الداعمة للنمو فى القطاعات غير النفطية جنبا إلى جنب مع معالجة أوجه الجمود فى موازنته المالية. ويمكن لتسريع برنامج التلقيح ضد فيروس كورونا أن يسهم أيضا فى تسريع عملية التعافي. وأن يعكس بشكل تدريجى اتجاه مسار الارتفاع فى معدل الفقر الوطني، الذى تم تسجيله خلال عام 2020، ومع وصول أسعار النفط الى مستوى يتجاوز 60 دولاراً للبرميل، أصبح بوسع العراق الشروع بشكل فعال فى تنفيذ الإصلاحات التى اشتملت عليها «الورقة البيضاء» وتوظيف هذه المكاسب غير المتوقعة فى التخفيف من أثر التداعيات المحتملة لمثل هذه الإصلاحات والاستثمار فى رأسماله البشرى والمادي. .  إن ضبط أوضاع المالية العامة والتنويع الاقتصادى من خلال زيادة مشاركة القطاع الخاص أمران على أهمية قصوى - وفقا للبنك الدولى- للحد من هشاشة اقتصاد العراق أمام الصدمات الخارجية. ومن شأن اعتماد برنامج موجه نحو الإصلاح وتعزيز النمو أن يُسهم فى استدامة جهود إعادة الإعمار والحفاظ على المكاسب الإيجابية التى تحققت خلال العام الماضي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق