رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الفائز بـ«نوبل» للأدب عبد الرزاق قرنح لـ «الأهرام»:حاولت إبراز قدرة البشر على النجاة.. والإسلام شكل خلفيتى الثقافية

الشارقة ــ هبة عبد الستار

  • يجب أن يقدم الأدب نوعا من القدوة بالقيادة
  • عندما أفكر فى الهوية فإن كل ما يشغلنى أمن الناس
  • الصمت يمكن أن يكون الملاذ الوحيد في مواجهة القمع

استندت حيثيات فوز الكاتب البريطانى التنزاني الأصل عبدالرزاق قرنح بجائزة نوبل للأدب ٢٠٢١ إلي اختراقه وتعمقه العاطفى المتجذر غير المسبوق لآثار الاستعمار ومصائر اللاجئين في الهوة بين الثقافات والقارات. في رواياته

ظلت أسئلة التاريخ والهوية والذاكرة، ومقاومة الاستعمار، والهجرة واللجوء، قضايا رئيسية تحدد مصائر شخصيات رواياته. استضافه معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الأربعين وفي أول حوار مفتوح له مع جمهور عربي للمرة الأولى منذ إعلان فوزه بـ«نوبل»، استطاعت «الأهرام» أن تقتنص معه بعض الوقت لتجرى ذلك الحوار الذى تنفرد به كأول صحيفة مصرية تحاوره.

فى حواره معنا يكشف قرنح أن الإسلام هو ما شكل خلفيته الثقافية، وأن هدفه لم يكن الكتابة عن الحرب أو بشاعة الاستعمار فى حد ذاته، بل إبراز وفهم السياق الذي حدثت فيه الحرب والاستعمار، لذا حاول عبر رواياته أن يروى كيفية بقاء الناس على قيد الحياة ومدى قدرتهم على النجاة رغم الصعوبات، معتبرا أن الأدب يجب أن يكون كنموذج قدوة ويلعب دورا قياديا للتغيير بالمجتمعات.

تظهر رواياتك أبطالك كرواة قصص ، يعيدون كتابة التاريخ ، يروون قصصهم عن مسارات النجاة بين الخسارة والحرية والخيانات القديمة والولاءات الجديدة. ما الذى تريد قوله من خلال أبطالك؟

نعم هذا صحيح. أعتقد أنني تعمدت جعلهم كذلك . لقد كنت أحاول أن أقول شيئا ما عن كيفية بقاء الناس على قيد الحياة ومدى قدرتهم على النجاة رغم صعوبة الظروف والتجارب والصعوبات التى يكافحونها، وكل ما ينطوي عليه ذلك. لست متأكدا مما إذا كان هذا أمرا استثنائيا. أعتقد أن أشخاصا آخرين حاولوا أيضا القيام بذلك على طريقتهم الخاصة. لهذا أعد هذا فقط جهدي الشخصي. لا أعتقد أن ما أكتبه فريد من نوعه. أعتقد أن الكتاب الآخرين حاولوا أيضا الكتابة عن تجربة القدوم إلى أوروبا أو الغرباء الذين يأتون إلى مكان آخر ويتعلمون.

إذن هل شخصياتك حقيقية ، عاصرتهم وقابلتهم فى موطنك واستحضرتهم من ذكرياتك أم التقيتهم عندما انتقلت إلى بريطانيا؟

بعضهم من ذكريات الطفولة. لقد عدت إلى زنجبار عدة مرات. لكن في الغالب أحب أن أعتقد أن تلك الشخصيات وتجاربهم يمكنها أن تكون في كل مكان آخر لأنى أكتب عما أعرفه فقط، ولكن غالبا ما أقرأ عن تجارب يمكن أن يشاركها أشخاص يأتون من مكان آخر ولكنهم يمرون بظروف وتجارب مماثلة . يمكنك القول أيضا إننى نشأت مع هذه القصص. كنت محاطا بأشخاص جربوا هذه الأشياء عن كثب وكانوا يتحدثون عنها. 

فى الواقع كتاباتك يمكنها أن تنسحب أيضا على تجارب شخصيات من عالمنا العربي عانوا ومازالوا يعانون تجربة الاستعمار واللجوء مثل ما يحدث فى فلسطين، وسوريا، والعراق وغيرها ، ولعل هذا ما جعل رواياتك أكثر إنسانية ومؤثرة.أتساءل كيف يمكنك ككاتب أن تلتقط هذه المشاعر والتجارب الإنسانية ببراعة وهو أمر يتضح بشدة أيضا فى روايتك الأخيرة “بعد الحياة”؟ 

أحب أن أومن بأن رواياتى ترصد تجارب إنسانية عالمية .  لكن اهتمامي لم يكن الكتابة عن الحرب أو بشاعة الاستعمار.فى حد ذاته. بدلا من ذلك ، أردت إبراز وفهم السياق الذي حدثت فيه الحرب والاستعمار. وأن الناس في هذا السياق هم بشر لهم حياة ووجود كامل وقادرون على المقاومة والنجاة بطرق مختلفة. أردت إظهار كيف يتكيف الأشخاص الذين أصيبوا جراء الحرب والحياة نفسها في ظل هذه الظروف. 

هذا يقودنى لسؤالى التالى، فرواياتك تظهر كيف يمكن للذاكرة أن تهرب من التاريخ . إلى أى مدى يمكن لاستحضار الذاكرة فى الرواية أن يتحدى الصور النمطية للسرديات عن إفريقيا فى الغرب وإضاءة المنسي بالتاريخ أو ما تم محوه عمدا ؟

لقد واجهت البلدان الإفريقية الاستعمار بطرق فريدة بسبب العوامل المختلفة. من المهم الاهتمام بالتفاصيل. لكننى متردد بعض الشيء باستخدام الذاكرة الجماعية في هذا الصدد. ومع ذلك ، فإن الإحساس بالعالمية هو طريقة جيدة للناس للتحدث مع بعضهم حول بعض هذه القضايا، وبالتأكيد يمكن اعتبار الأدب إحدى الوسائل المهمة لذلك .

تحمل شخصياتك أسماء عربية ومسلمة ويبدو تأثرك واضحا بالقرآن الكريم وحكايات التراث العربي مثل ألف ليلة وليلة .كيف تأثرت بذلك كله، وفى أى مرحلة من حياتك، وهل تقرأ لأدباء عرب، ومن هم ؟

فى الحقيقة أنا لا أعرف العربية، ولم أقرأ لأدباء عرب سوى القليل جدا الذى صادفته مترجما، ولست أتذكر حاليا أسماء محددة. لكن في الواقع ، ما أود قوله هو أن الإسلام منحنى كل هذه الأسماء وشكل خلفيتى الثقافية وليس بالضرورة الثقافة العربية، رغم أن القرآن مكتوب باللغة العربية ، ولكن أيضا في منطقتنا، في زنجبار بساحل شرق إفريقيا، نحن مرتبطون بشكل وثيق بالعالم المحيط بنا ، مع وجود أماكن ثقافية مثل المملكة العربية السعودية، والصومال ، وكذلك الهند وأماكن أخرى ، لذلك ليس من المستغرب على الإطلاق أن الجميع تقريبا في زنجبار مسلمين ، وغير مسلمين جميعهم لديهم أسماء إسلامية.

تناقش رواياتك دائما تطلعات ومعضلات البطل التى تعكس نضال إفريقيا للتخلص من جلدها الاستعماري، بتقاليدها، وبناء هوية جديدة لنفسها. إلى أى مدى نجحت إفريقيا فى ذلك من وجهة نظرك؟

عندما أفكر في قضية بناء الهوية فإن كل ما يهمنى هو أن يكون الأفرد آمنين دائما. الناس هم من يكونون ، كما تعلمين ، خبراتهم ، وتجاربهم بالحياة تشكلهم بطريقة أو بأخرى . قد تجبرهم التجربة الاستعمارية على تعديل نوع التعليم الذي يتلقونه أو شيء من هذا القبيل. لكنني لست متأكدا من أن ذلك يهز أساس هوية الشخص تماما. نعم قد يجبرك على المساومة لكن فى النهاية علينا أن نتساءل إلى أي مدى ينجح الناس في التمسك بالأشياء التي يقدرونها؟ هذه مسألة يجب أن تتعايش معها كل ثقافة ، فمثلا هناك بعض الأشخاص في إنجلترا يقولون إننا نفقد ثقافتنا لأن كل هؤلاء الأجانب يأتون إلى هنا. لذلك أعتقد أن هذا أمر شائع ، ولا أعتقد أنها مشكلة تستحق القلق بشأنها، لأن الثقافات تتطور وتنمو. بشكل عام ، الثقافات تكبر وتتطور لدرجة أنه إذا أصبح الأمر غير آمن للناس ، فإنها تتراجع وتنتهى.

فى روايتك “إجلال الصمت”  كيف جاءتك فكرة توظيف الصمت كرمز واستراتيجية اللاجئ لحماية هويته من العنصرية والتحيز ، وكوسيلة لتجنب الاصطدام بين الماضي والحاضر ؟

يمكنك القول بأننى على دراية بالطريقة التي يمكن أن يكون فيها الصمت هو الملاذ الوحيد والطريقة الوحيدة التي يمكن للناس الضعفاء أن يستجيبوا من خلالها فى مواجهتهم للقمع. الصمت قد يكون أيضا الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها إنقاذ نفسك عندما تتعرضين للهجوم . لقد أوضحت ذلك أيضا فى روايتى «بجانب البحر» كنت أحاول إظهار أن الصمت في حد ذاته يمكنه أن يصبح شكلا من أشكال المقاومة بنفس القدر الذى يتناقض فيه مع معنى المقاومة نفسها.

كشفت فى «دوتى» عن التناقضات التي تشكل نماذج مركزية لتجربة اللاجئين والمهاجرين، وكيف يمكن لطبقات العرق والطبقة والنوع الاجتماعى أن تحدد طبيعة ومدى السلطة . تلك الطبقات المتعددة كيف ترتبط كل منها ببعضها البعض من خلال روايتك والى أى مدى هى مؤثرة على هوية أبطالك؟

فى تلك الرواية تناولت الأشخاص الضعفاء الذين تضعفهم الظروف أكثر لأوضح كيف يمكنهم النجاة ، وكيف يتأقلمون، وكيف يحمون ما هو مهم بالنسبة لهم، وكيف كانت أوضاع هاتين الشقيقتين وخاصة ظروف دوتي نفسها قاسية جدًا بالنسبة لهما، لذا هما تفعلان ذلك من خلال نوع من الالتزام ، والشعور بالحقيقة والشعور بنفسهما بطريقة ما ، والتشبث بذلك باعتباره الشيء الوحيد المنطقي فى عالمهما الهش.

لا يمكننى إنهاء حوارنا دون أن أسالك كناقد ومحرر لدورية متخصصة بالأدب الإفريقي. لذا من واقع تجربتك إلى أى مدى، برأيك ،نجح الأدب الإفريقي فى عكس التغيرات الاجتماعية وتحولات المجتمع؟

قلت من قبل أن إفريقيا تحفل بالكثير من المبدعين ممن لديهم تجارب ثرية يمكن أن تدهش القراء في مختلف بلدان العالم، وقد بدأ الناشرون بالالتفات إلى الأدب الإفريقي أخيرا. ولكن من جهة أخرى يُظهر الأفارقة أن أهم شيء لهم بالإضافة إلى الأدب هو ماذا يفعل الأدب في ثقافة مجتمع ما وتأثيره. وهذا أمر يختلف من مجتمع لآخر. ولكن الأهم من ذلك كله ، أنه يوفر طريقة للتفاوض والمشاركة في الأفكار. هذه الأفكار تأتي من الداخل ومن الخارج. هذا ما يفعله الأدب ، لقد انخرطنا كثيرا في الرثاء والتفكير في أنفسنا ، وفيما نقرأ عنه. برأيي ، يجب أن يقدم الأدب نوعا من القدوة بالقيادة ، كما تعلمين ، فيما يتعلق بتطوير وتحسين السياسة الاجتماعية أو التقدم أو أي قضية مهمة، وهذا معيار التقييم الأهم لنجاحه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق