رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ألبرتو مورافيا ... ضحية الشهرة وسوء الفهم!

محمد بركة
ألبرتو مورافيا

بحاجبين كثيفين شديدى البياض، ورأس نصف أصلع، يطالع الكاتب الأشهر الكاميرا بمزيج غامض من التأفف والريبة والفتور! هل كانت مصادفة أن تحمل أولى رواياته هذا العنوان اللافت وغير المعهود فى بدايات القرن العشرين "اللامبالون" ؟ لا يمكنك الجزم بشكل نهائي، لكن المؤكد أن "ألبرتو مورافيا" الذى يوافق شهر نوفمبر ذكرى ميلاده عام 1907 حظى بشهرة قوية ومفاجئة نتيجة هذا العمل الذى بدا للوهلة الأولى صادما، يسير عكس التيار، لأنه كشف عن موهبة مدهشة.

اختصر البعض أعماله فى خانة الجرأة فى تصوير الحياة العاطفية والتركيز على المشاهد الجسدية متهمين إياه بتعمد الإثارة، لكن بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على رحيله بدا أن العالم مدين له بالاعتذار والنظرة إلى أعماله من منظور جديد يرفع عنه الظلم التاريخى وينصفه ولو بأثر رجعى . ولد لأب ثرى يعمل مهندسا وأم كانت تتمنى هى الأخرى أن يكون المولود ذكرا. أصيب فى طفولته بنوع نادر من مرض السل أقعده بالفراش خمس سنوات استغلها فى المطالعة والقراءة لكبار الأدباء العالميين. كانت تجاربه الأولى فى الإبداع عبارة عن ديوان شعري، لكن روايته الفعلية لم تجد من يقبل بنشرها من دور النشر بسبب تركيزها على فضح النفاق الاجتماعى الذى يسود الطبقات الثرية فى المجتمع الإيطالى والأوروبى بشكل عام، فاضطر إلى أن يغامر وينشرها على نفقته الخاصة باسم مستعار هو "ألبرتو مورافيا" فى حين أن اسمه الحقيقى هو " ألبرتو بنشرلي" ! ألا يذكرك ذلك بما حدث عندنا فى الأدب المصري، إن أول رواية مكتملة وناضجة فى تاريخنا الثقافى "زينب" لم يستطع مؤلفها أن يوقع باسمه "محمد حسين هيكل" واضطر إلى أن يوقع باسم مستعار هو "مصرى فلاح"!

يقول أحد النقاد الإنجليز إن مورافيا صاحب أدب وجودى عبثي، غير أن روعته تتمثل فى أن تلك الوجودية وهذه العبثية "لا تظهران إلا للمنقبين بدقة". لم يكن النقاد والباحثون المعاصرون له من المنقبين بدقة، رأوا شهرته تتجاوز الآفاق وكتبه تحطم الأرقام القياسية فى المبيعات فغضوا الطرف عنه بسبب البساطة الشديدة فى اللغة - الأسلوب - التى ينتهجها فى كتاباته. ورأى المسئولون عن جائزة نوبل أن السينما العالمية تلهث لتحويل أعماله إلى أفلام، فقالوا يكفيه هذا ولم يلتفتوا إليه عبر ثلاث عشرة مرة تم ترشيحه فيهما للجائزة العالمية الأرفع .

توفى الرجل فى عام 1990من أهم أعماله "امرأة من روما" و"حكايات من روما" و"الفردوس" و"العصيان" . ومن أشهر مقولاته عن العلاقة بين المرأة والرجل والتى كان خبيرا بعالمها: الرجال يحبون بسرعة ويكرهون ببطء، والنساء يحببن ببطء ويكرهن بسرعة"، أما خبرته فى الإنسان عموما فتتجلى فى تلك المقولة: "إذا أردت أن تعرف أخلاق رجل فضع فى يده سلطة، ثم انظر كيف يتصرف"، ويبدو متشائما وهو يقول: لقد تخليت عن الكفاح غير المتكافئ ضد ما بدا أنه مصيري. بل لقد رحبت به بكثير من المودة "، كما يبدو ساخرا وهو يقول: الكتاب الجيدون رتيبون، مثل الملحنين الجيدين. إنهم يواصلون محاولة تحسين المشكلة لا حلها ".

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق