الرحمة والعدل

علم الفرائض أو المواريث هو أحد أهم علوم الفقه الإسلامى الذى يُعنى بأحوال تَرِكة الميت وتوزيعها على من يستحقها من الورثة ونصيب كل منهم، وذلك بعد تأدية ديونه، وإنفاذ وصيتة فيما لا يتجاوز الثلث من التركة.

إن قسمة الميراث قسمة إلهية لا دخل للعباد فيها، تولاها سبحانه وتعالى بكل الرحمة والعدل والحكمة، وكذلك كثير من الأحكام الأخرى التى جاءت مُجمَلة فى الكتاب وفصلتها سنة النبى صلى الله عليه وسلم كالصلاة والزكاة والحج..

وقد سمَّى الله سبحانه وتعالى هذه الفرائض حدوده، فقال تعالى: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ» [ النساء: 13- 14]

ولذا فقد كان أمر الميراث عظيما عند المسلمين الأوائل فجاء فى الأثر أنَّ امرأة من الصالحات أتاها نعيُ زوجها وهى تعجن، فرفعت يدها من العجين وقالت: (هذا طعام صار لنا فيه شركاء).

ومع كل ما سبق فإنى أعجب الآن أشد العجب لهوان أمر الميراث على كثير من الناس الذين أعمى الطمع أعينهم وزينت لهم أنفسهم اختراع الحجج واتباع الحيل الباطلة لتأخير توزيع المواريث والتدليس فى مقدارها ونوعيتها أو توزيع القليل من الأموال عوضا عما شملته من العقارات والأراضى، مما تسبب فى قطع الأرحام وانتشار الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة، بل وحدوث جرائم قتل بين الفروع الوارثة فى أحيان كثيرة.

د. أنس عبد الرحمن الذهبى

طنطا