-
منطقة السياحة العلاجية القديمة «ترى» التطوير بعد نصف قرن من التجاهل
-
عودة النقاء للمياه الكبريتية.. وانتعاش البط والأسماك بعد النفوق المتكرر
-
وزير الإسكان: المشروع يلقى اهتمام ومتابعة الرئيس.. وتكلف 280 مليون جنيه
-
الزهار: سور مجرى العيون وحدائق الفسطاط تكمل المشهد وكبارى وبنية تحتية للطرق المحيطة
وكأنها كانت فى انتظارنا .. ترتيبات القدر، يوم زيارتنا لبحيرة عين الصيرة تؤكد ذلك، فالصدفة وحدها جعلتنا ندخل من بوابة شارع الفسطاط التى علمنا بعد ذلك أنها ستكون مخصصة لكبار الزوار، وبمجرد أن ترجلنا من السيارة بجانب الممشى الخشبى الذى انهمك اثنان من العمال فى وضع اللمسات النهائية له، إذا بأعيننا تقع على صفحة المياه التى عكست أشعة شمس ذلك اليوم وهى تتحرك وكأنها تتراقص احتفاء بقدومنا، ولتخبرنا أنها أصبحت أكثر خفة بعد أن نفضت حملا من الملوثات أثقلها لسنوات طويلة، وكيف لا وكميات المخلفات التى تمت إزالتها بلغت 200 ألف متر مكعب، وبالرغم من أن أصواتا كثيرة ظلت تطالب لعقود بالنظر بعين الاهتمام للمنطقة التى كانت تعد من أشهر مناطق السياحة العلاجية فى مصر حتى فترة الستينيات، دون مجيب، إلا أنه عندما توافرت أخيرا إرادة التطوير خضعت العين والمنطقة المجاورة لجراحة عاجلة استغرقت شهورا، لتعطينا نتائج مبهرة، أو ليعود النقاء للمياه الكبريتية، وتعود الحياة للبط والأسماك، ولننتظر قريبا بزوغ شمس المزار السياحى القديم من جديد.
بحيرة عين الصيرة ومتحف الحضارة - تصوير: محمد مصطفى
«منذ السبعينيات من القرن الماضى، ومن يمر بمنطقة عين الصيرة بمصر القديمة من شارع مجرى العيون وحتى صلاح سالم، لا يشم سوى رائحة كريهة تعكس حالة التدهور التى وصل لها مكان كان فيما سبق مقصدا للراغبين فى الاستشفاء من مختلف الجنسيات»، هكذا بدأ الدكتور جمال عبدالرحيم عضو لجنة سيناريو العرض المتحفى بوزارة السياحة والآثار وصفه للمنطقة التى تعود لامتداد عواصم مصر الإسلامية منذ الفترة الإخشيدية، قبل مشروع التطوير الذى جاء بعد مطالبات لعشرات السنوات لإنقاذ عين المياه التى تعرضت لإهمال شديد، مشيرا إلى أنه ليس هناك سبب مدون لتسمية «عين الصيرة» بهذا الاسم ولم يتم ذكرها تاريخيا سوى فى الفترة الزمنية بعد زلزال 1926 الذى ضرب مصر بقوة ويربطه البعض بنشأتها.
القصة حكاها لنا محمد عزام صاحب الـ74 عاما، من سكان المنطقة فتذكر معنا طفولته وهو صبى صغير مع رفاقه من أبناء المنطقة يحضرون للاستحمام فى العين وبجانبها مكان يسمى «المنشر» كانوا يصطادون فيه العصافير، قائلا بضحكة صافية «أيام البراءة والشقاوة فأنا من مواليد 1947 وكان المكان متنفسنا للمرح والانطلاق وقت أن كنا لم نحمل هموما» واستطرد «المكان أيضا كان مقصدا للطامحين فى العلاج فقديما من يصاب بحمو النيل أو الجرب أو البرص أو الصدفية كنا نأتى به عنوة للاستحمام فى العين، كنوع من العلاج وكان بالفعل يتم الشفاء وهذا أمر كان معروفا ولا يزال بين سكان مصر القديمة، حيث إن المياه كبريتية طبيعية لها القدرة على شفاء الأمراض الجلدية»، مؤكدا أنه حتى الآن وبسبب أن المكان مغلق لأعمال التطوير فلا يزال هناك من يقصدون المكان ويطلبون من العاملين ملء إناء مياه.
وأضاف عزام بحزن «مرت السنوات وتعرضت البحيرة للإهمال والتعديات، وأصبح المشهد كريها ومخيفا بسبب عشش «العربجية» التى انتشرت بالمكان وأوصلته لمصير مزر»، وفجأة لمعت عيناه بفرحة وهو يشير لنا بيده فى سعادة قائلا «انظروا البيت هناك بجانب المئذنة إنه بيتى ومن سطحه سوف نرى هذا الجمال، وسعيد أن أطال الله فى عمرى لأرى تغير الحال».
أما سعيد بكرى، أسطى نقاش من مصر القديمة فقال «أحضر للمكان منذ كنا أطفالا نأتى لنلعب الكرة ونعوم فى المياه وكبرنا وانقلب الحال،وأصبح مكانا لإلقاء المخلفات والحيوانات النافقة به فى مشهد لا يليق بمنطقة بها مبان تراثية دينية ومنطقة تاريخية»، مؤكدا أنه لم يتخيل أن يرى تبدل الحال بهذا الشكل ليحل الجمال محل القبح وكابن من أبناء المنطقة فهو فخور بها كبيته تماما على حد تعبيره .
بحيرة عين الصيرة - تصوير: محمد مصطفى
قبل الزلزال
سألنا المؤرخ والأثرى سامح الزهار، فأكد أن منطقة عين الصيرة قديمة جدا، وفى البداية كانت العين منطقة بحيرات اتحدت بعد زلزال عام 1926 الذى يربط البعض بينه وبين نشأة العين لكنها أقدم كثيرا، لكن لعدم ارتباطها بأحداث سياسية أو تاريخية كان ذلك سببا فى ندرة الكتابات عنها فضلا عن كون مياهها ليست من النيل فلم يكن هناك تجمعات سكنية بجوارها، موضحا أن شهرتها جاءت بعد الزلزال الذى من شدته هدم الكثير من المبانى وتسبب فى توسعة عين المياه بعدما كانت عدة مستنقعات ثم لفتت الأنظار لها بعد ذلك بموقعها جنوب الفسطاط.
وأضاف الزهار، أن عين الصيرة اشتهرت كعين كبريتية فكانت من أوائل مناطق السياحة العلاجية لمصابى الأمراض الجلدية سواء من الإنسان أو الحيوانات كالخيول، مشيرا إلى أن الإهمال غلف المكان منذ عقود وحدثت مطالبات كثيرة لإنقاذه، لكن لم تكن هناك إرادة لذلك حتى أصبحت منطقة موبوءة قبل البدء فى مشروع التطوير الذى تشهده حاليا خاصة مع مجاورته لمتحف الحضارة الذى شهد افتتاحه حفلا عالميا أبهر العالم بموكب نقل المومياوات فلم يكن معقولا أن يترك ما حوله دون إنقاذ وتطوير وهو يضم أثرا مهما كمشهد آل طباطبا الذى كان غارقا فى المياه الملوثة وتم فكه وتجفيفه تمهيدا لوضعه بمكان يليق بقيمته بجوار المتحف.
بحيرة عين الصيرة - تصوير: محمد مصطفى
طرق وكباري
«مشروعات التطوير مثل القطار لا يصح أن تكون به عربة» خربة «فى المنتصف» هكذا وصف الزهار مشروع تطوير عين الصيرة ومنطقة سور مجرى العيون وحدائق الفسطاط، مؤكدا أنه مشروع متكامل يشمل البنية التحتية المحيطة من إصلاح الطرق وتوسعتها ورصفها وإنشاء الكبارى لحل مشكلة التكدس المرورى الذى كانت تعانيه، قائلا «وبذلك تصبح عين الصيرة جزءا مهما ضمن مشروع كبير لم تشهد المنطقة مثله منذ مشروع لجنة حفظ الآثار العربية وقت الخديو عباس حلمى الثانى لترميم وحفظ تراث القاهرة الإسلامية »، مضيفا »حفظ تراث مصر وتاريخها يعد ضمن المشروعات الكبرى لحفظ وصون الأمن القومى فالحضارات القديمة لا تنهار مهما حدث لامتداد جذورها بفعل التاريخ ولذلك فإنه مهما تكلفت تلك المشروعات فهى تستحق».
وبجولة حول منطقة المشروع، وجدنا تغيرا كبيرا قد حدث فى الطرق من توسعة ورصف وإنشاء كبارى منها ما تم افتتاحه بالفعل ومنها ما هو جار الانتهاء منه، وكانت محافظة القاهرة قد أعلنت أن مشروع محور الحضارات يشمل إنشاء 6 كبارى فى مشروع ضخم مخطط له للاستفادة القصوى من المنطقة التاريخية، وذلك لحل مشكلات المرور وتيسير الحركة بها.
اللمسات النهائية
أيام قليلة وتصبح «عين الصيرة» جاهزة لإعلان عن نفسها رسميا بثوبها الجديد بعد جراحة تجميلية تكلفت 280 مليون جنيه وفق ما أعلنه المهندس عاصم الجزار وزير الإسكان قبل عام، تلك الجراحة التى أزالت ندبات الإهمال بالعين الشهيرة.
ومن داخل مشروع التطوير الذى لا يزال كخلية نحل، لا تتوقف للبحث عن أى قصور لإكماله فعلى حافة المياه مجموعات كل منها شخصان يقومان بقص ولصق الأسلاك لتركيب كشافات الإنارة الليلية، ومن داخل منطقة الأعمدة الرومانية عاملان يطمئنان أن كل عمود لا يوجد به ما يشوه جماله، فالجميع يرفع شعار اللمسات النهائية لإضفاء مزيد من الجمال حول عين المياه التى تصل لعمق 12 مترا فى منتصفها ومتر ونصف المتر عند الحواف يحيطها شريط من المساحات الخضراء » اللاند سكيب » من جميع الجهات ثم الممشى وحوله مناطق الخدمات، ليتناسب مع ما أكده المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء من أن المشروع الذى يلقى اهتمام ومتابعة الرئيس عبدالفتاح السيسى، يهدف لإعادة المناطق التاريخية لرونقها ومظهرها الحضارى وتوفير بيئة عصرية للمواطن المصرى.
«أيام قليلة جدا ويصبح الموقع جاهزا بشكل كامل» هكذا أكد المهندس حسام نصار العضو المنتدب بالشركة المنفذة لمشروع التطوير الذى حكى لنا بالأرقام أن زمن العمل الفعلى لإنجاز هذا التحول الكبير فى «عين الصيرة» استغرق قرابة العام ونصف العام. وفى جولتنا قابلنا محمد سيد مساعد كهربائى، منهمك مع زميله على حافة البحيرة فى توصيل أسلاك كهربائية لتركيب كشافات الإنارة الليلية وقال إن عملهم بدأ مؤخرا لأنه يعد خطوة أخيرة، موضحا أنهما يقومان بتركيب ما يقرب من 15 كشافا يوميا.
أما نادر السيد كهربائى من أسيوط فأكد لنا أنه يفتخر بالعمل فى المشروع ووصفه ببساطة بأنه «حاجة جميلة».
ومحمد سليمان حجاج يعمل فى رعاية النجيل والشجر والورود بالمكان قال «المكان أصبح جنة حسب وصف السكان الذين يحضرون هنا للفرجة أو لطلب كمية من المياه فيأتون بـ «جركن» ويطلبون مياها يقولون إنها تشفى بعض الأمراض الجلدية »، ثم ابتسم وهو يقول «فى يوليو الماضى حيث موجة الحر الشديد شعرت بحكة فى رجلى ونصحنى زملائى بتجربة ما نسمع عنه من أن المياه كبريتية فقمت بتغطيس رجلى فى المياه وبحلول الليل بالفعل زال الألم والرغبة فى الحكة».
أحمد فتحى يعمل فى مجال التشجير حكى بفخر بلهجته الصعيدية «مثلما ترون المشروع بسم الله ما شاء الله حاجة تفرح بعدما كان حشائش داخل المياه الملوثة وأصبح مكانا حضاريا وعندما ينتهى تماما ويتم فتحه للزوار نكون قد قمنا بعمل جميل لبلدنا وناسها نفتخر به أمام العالم».
منطقة ألعاب
ومن منطقة ألعاب الأطفال تجرى أعمال تجهيز الأرضيات «الترتان» وهى مادة مطاطية ناعمة ومرنة لكى تحمى الأطفال عند اللعب وتقلل تأثير السقوط، يقول عادل عبدالعزيز » فى البداية وضعنا هذه المادة من الكاوتش الأسود الناعم تليه طبقة تسمى سد المسام لمنع تسرب المياه ثم طبقة ثالثة من الكاوتش المطاطى لكى يوفر حماية قصوى للطفل عند اللعب والجرى فلا يصاب بأذى، وأوضح محمد حداد المشرف أنه تم مراعاة درجة أمان عالية، وسيتم استخدام 4 ألوان زاهية هى الأزرق والأصفر والبنفسجى والأخضر.
سامح الزهار
هدايا تذكارية
«هذه الشجرة نقلتها الساعة 12 ليلا فى أيام الصيف الحارة وزرعها العمال هنا وها هى تقف شامخة بين أشجار المكان التى تم الحفاظ على الكثير منها فى أماكنه خاصة أنها أشجار معمرة «هكذا بدأ المهندس مدحت أحمد السيد نائب مدير المشروع الذى التقيناه بعدما انتهينا من جولتنا قائلا» رغم أن العمل قد انتهى إلا أننى لا يزال يبدأ يومى من الثامنة والنصف صباحا أقوم بجولة حول المشروع، للوقوف على تفاصيل الأعمال الجارية من اللمسات النهائية والنواقص المطلوب استكمالها للوصول إلى أقصى صورة جمالية ممكنة، ثم انتقل للأعمال الإدارية والورقية اللازم إنهاؤها».
سارة حمدى
وأوضح أن المشروع مسطحه 63 فدانا منها 23 فدانا مساحة بحيرة المياه، وعلى مساحة 20 فدانا هناك ثلاثة مطاعم رئيسية بمساحات مكشوفة أمامهم، ومناطق ساحات الشاى وهى جلسات مفتوحة، ومنطقتا الجزيرة واللسان وتضمان كافيتريات، وهناك ممشى حول البحيرة بطول أكثر من 2 كيلو متر به أماكن للجلوس والراحة للزائرين، ومنطقة ملاعب للأطفال، ويضم المشروع 3 ساحات لانتظار السيارات سعة 450 سيارة بجانب البوابات الثلاث على المدخل الرئيسى من شارع صلاح سالم أو من شارع الفسطاط، وكذلك بجانب متحف الحضارة الذى تم الربط بينه وبين عين الصيرة بممشى، أما باقى المساحة مسطحات خضراء وأكشاك بيع هدايا تذكارية للجمهور.
ووسط مئات يعملون بالمشروع التقينا المهندسة سارة حمدى مسئولة عن الحصر والمراجعات لعمل الشركة المنفذة وقالت «منذ علمت بتاريخ عين الصيرة قبل التطوير وأنا أشعر بالفخر لمشاركتى بالعمل خاصة وأن والدى يحكى لى كثيرا عنها»، مشيرة إلى أنه بعد انتهاء المخطط الخاص بالمشروعات بالمنطقة مثل حدائق الفسطاط سيشعر الجميع بنقلة كبيرة فى المنطقة بالكامل.
المنطقة السكنية بعين الصيرة تنتظر دورها في التطوير
الأهالى يعيشون الفرحة بالتطوير.. والخوف من التغيير.. والأمل فى فرصة عمل
ما بين السعادة بالتطوير وبين الخوف والترقب لما سيحدث يعيش أهالى مساكن عين الصيرة خاصة بعد شائعات كثيرة تتعلق بمستقبل منطقتهم التى ما إن خطونا أولى خطواتنا بجانب مركز شباب عين الصيرة ودلفنا للشوارع الضيقة والمتعرجة حتى كانت العيون تتابعنا والشفاه تهمس بأننا من «الحكومة» أتينا لحصر السكان حيث تتناثر الشائعات بأن أماكن كثيرة سيتم إخلاؤها لهدمها ونقل سكانها، وكان السؤال الشاغل لكل من قابلناه «هل هذا حقيق»؟ وماذا سيفعلون معنا ؟».
وكان أول من قابلناه عاصم محمد «36» عاما ويعمل بأحد المحال ويسكن بمساكن عين الصيرة التى تسلم فيها والده شقته من أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى نهاية الستينيات قال «سعيد جدا بالتطوير الذى تم فى البحيرة وحديقة الفسطاط، فمنها تجميل وقضاء على التلوث لصحتنا وصحة أبنائنا لكن هذا فى الشارع العمومى خارج المساكن ونريد أن يصل التطوير للداخل حيث الشوارع مليئة بالقمامة ومشكلات الصرف الصحى لا تتوقف والمياه ضعيفة ويتم قطعها ساعات طويلة»، مضيفا تم إبلاغ أصحاب الورش أنها سيتم هدمها ومنذ علمنا ومن يعملون بها قلقين لأنها مصدر رزقهم وحتى فى حال انتقالهم للعمل فى مكان آخر سيكون هناك أعباء مالية كالمواصلات وغيرها واليومية 100 جنيه فقط.
وبوجه مصرى تعلوه ابتسامة الترحيب بالغريب قدمت نحونا «رئيسة عبدالجواد» وفى يدها اليمنى كيس خضراوات وفى اليد الأخرى حفيدها الصغير وقالت: «سمعت عن التطوير ونفسى عين الصيرة وبلدنا كله يصبح نظيفا وجميلا من أجل مستقبل الأبناء والأحفاد وأن يطال المدارس التطوير لتخفف عن كاهل ابنها أعباء الدروس الخصوصية»، مضيفة «أتمنى يكون فى هذه المشروعات فرص عمل للشباب فلدى ولدان أصغرهما 22 عاما وقد أنهيا تعليمهما المتوسط ولا يعملان وكانا أرزقية فى العتبة لكن من بعد أزمة كورونا والحال توقف».
عاصم محمد - رمضان عبدالمجيد - طارق حمدى
سألنا الحفيد عن البحيرة ومتحف الحضارة فقال بعد أن أوضح أنه يتمنى أن يكون «وكيل نيابة عندما يكبر» رأيت المومياوات والمتحف فى التليفزيون وأتمنى أن أراها حقيقة وأتصور هناك.
طارق حمدى، حلاق بمنطقة «مساكن الإيواءات» بعين الصيرة يقول «الناس سعيدة بتطوير منطقة البحيرة التى كانت مهملة من قبل لكن نفسنا نستمتع بالمكان بعدما تغير للأفضل لا أن يتم نقلنا الآن ولا نستفيد لا بالمكان بعدما تحسن ولا بالوظائف فى هذه الأماكن التى نريد أن تكون العمالة بها من أبناء عين الصيرة فنحن أولى والناس هنا كلها على باب الله»، وبدورها قالت شيماء أشرف - دبلوم تجارة - «نفسى أشتغل فى المتحف أو الكافيتريات التى ستقام فى بحيرة عين الصيرة فأنا تخصص تسويق وأتمنى أن أكمل تعليمى بعد الدبلوم مثلما يريد أبى».
ومن منطقة إيواءات أرض الغابة التابعة لعين الصيرة التقينا سيد وهبة الذى يعيش بالمكان منذ 45 عاما، فقال «أبلغنا موظفى الحصر بأن المكان ستتم إزالته لأنه عشوائى، ونريد شققا بديلة فى المدن الجديدة ومساعدة فى فتح باب رزق مناسب»، أما رمضان عبدالمجيد 65 سنة ويسكن مع زوجته بعد زواج أبنائه فقال «نريد شقة فى مكان قريب حتى نكون قريبين من أبنائنا فى هذا السن فقد علمنا أن هناك من انتقل لحى الأسمرات ومن انتقل لمدينة بدر أو السلام».
ضريح «الأطباء».. وقرار الإنقاذ
على بعد 500 متر غربى ضريح الإمام الشافعى، وعلى حافة العين الكبريتية كان يوجد ضريح «آل طباطبا»، أو «مشهد الأطباء» كما هو معروف لدى أهل منطقة عين الصيرة، شأنهم شأن المصريين فى إجلالهم لآل البيت حيث يُنسب إلى الشريف إبراهيم طباطبا بن إسماعيل من نسل سيدنا الحسن بن على بن أبى طالب.
ووفقا للرواية الشعبية المتداولة عن الضريح أنه كان مدفنا لسبعة أطباء مشهورين، عاشوا فى زمن الإمام الشافعى، ويقال عنه أيضاً إنه كان أقدم مستشفى أثرى فى مصر، وكان مقصدا للسائحين والمريدين من كل الدول، وذلك لإقامة الحضرات، وكان المصابون بأمراض جلدية يستحمون بماء البئر به كى يشفوا، فهى مياه شفاء وبركة كما يعتقد أهل عين الصيرة، الذين أكدوا أنه فى الآونة الأخيرة لم يعد أحد يأتى إليه، بعد أن طاله الإهمال وتوغلت به الحشائش وغمرته المياه الملوثة والقمامة التى اغتالت معالمه حتى صدر قرار نقله بجوار متحف الحضارة فى مهمة شهدت شدا وجذبا بين مؤيد ومعارض نظرا لخصوصية الضريح.
د. أيمن فؤاد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية
يوضح الدكتور أيمن فؤاد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية أن ضريح الطالبيين ــ كما يطلق عليه أيضا ــ من أبناء الإمام على بن أبى طالب، يعد أحد أثرين متبقيين من عصر الدولة الإخشيدية بجانب محراب قديم غربى ضريح يحيى الشبيه، موضحا أن الرفات من الصعب أن يبقى بعد كل هذه السنوات الطويلة كما أن كثيرا من مبانيه كانت حديثة العهد شيدت على بقايا الضريح الأصلى وبنيت من الطوب القديم، ووفقا للمؤرخ كريزويل فيرجع الضريح إلى عام 943 ميلادية. وقد عانى المشهد من مشكلة المياه منذ 22 عامًا والدراسات الهندسية أفادت فى تقاريرها بأن يتم نقله على الفور وصدر هذا القرار بعد أن تم تشكيل عدة لجان أثرية وهندسية رأت أنه ينقل ويوضع بجوار متحف الحضارة أى داخل محيط السور الخاص بالمتحف وليس داخل المتحف.
رابط دائم: