يتوقع سكان الأرض من قادة العالم المجتمعين، فى مؤتمر المناخ للأمم المتحدة بجلاسكو بالمملكة المتحدة، والمعروف باسم «مؤتمر الأطراف السادس والعشرون«كوب 26»، اتخاذ قرارات وأفعال تحفظ الجنس البشرى من الانقراض بسبب تغير المناخ، الذى أيقن العالم أسبابه وعواقبه الوخيمة على كوكب الأرض، وما به من مخلوقات، ولذلك وضع العلماء الحد المتفق عليه للإبقاء على الزيادة فى متوسط درجة الحرارة العالمية من أجل تجنب كارثة مناخية «1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية»، وقد ترك العلماء لقادة العالم اختيار أنجح الوسائل لعدم تخطى ذلك الحد من خلال تقديم المساعدات للدول الفقيرة، وطرح خطط جديدة لخفض انبعاثاتها من غازات «الدفيئة»، فى سياق تعزيز الاستجابة العالمية لتهديد تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة للقضاء على الفقر فى العالم. لقد تحرك متوسط درجة الحرارة العالمية بالفعل وتجاوز درجة واحدة مئوية أعلى من مستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية، على مدار الأعوام العشرين الماضية، ولذلك قرر علماء العالم ضرورة إيقاف ذلك، وعدم تجاوز عتبة الـ 1٫5 درجة مئوية، لعدم إحداث أضرار كبيرة بالغذاء والتنوع البيولوجى واستمرار حياة البشر. إن الحد من الاحترار العالمى إلى 1٫5 درجة مئوية أمر ممكن فى قوانين الكيمياء والفيزياء، ويمكن أن يحدث بالفعل، ولكنه يتطلب تغييرات غير مسبوقة فى جميع جوانب المجتمع، ووجد العلماء أن هناك فوائد واضحة للحفاظ على الاحترار إلى 1٫5 درجة مئوية مع تحقيق الأهداف العالمية الأخرى للأمم المتحدة. لكن الاتجاهات الحديثة فى الانبعاثات وعدم التزام البعض يجعل الأمر معقدا، ونأمل من «مؤتمر المناخ» رفع طموح التخفيف المتزايد والعاجل فى السنوات المقبلة، وتحقيق انخفاض حاد فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بحلول عام 2030، وإلا فإن الاحترار العالمى سيتجاوز 1٫5 درجة مئوية فى العقود التالية، مما يؤدى إلى خسارة لا رجعة فيها للأنظمة البيئية الأكثر هشاشة، وتتابع الكوارث على الأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفاً. لقد أكد علماء العالم أن ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين يهدد استمرارية الإنتاج الغذائى لسكان الأرض، وإذا ارتفعت درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية، فقد تتزايد أعداد الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر، وإذا ارتفعت درجات الحرارة بأكثر من 4 درجات مئوية قد تغيب مدن بأكملها مثل الإسكندرية وشنغهاى وميامى وغيرها من المدن التى ستضيع تحت أمواج البحر».ويجب علينا على المستوى المحلى إجراء تقييم شامل لفهمنا لتغير المناخ للمساعدة فى تكثيف العمل للاستجابة لتغير المناخ، وتقديم مشروعات بيئية واقتصادية متكاملة تتوافق مع الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخى للاستفادة من التمويل المقدر بـ 100 مليار دولار الذى تقدمه دول العالم النامى لمساعدة الدول النامية على الانتقال للاقتصاد الأخضر، والأقل تلويثاً للبيئة، وتحقيق التنمية المقاومة لتغير المناخ، وعلينا أن نقلل من اعتمادنا على الوقود الأحفورى الذى يدفع البشرية إلى الهاوية، مع تعزيز البرامج المتكاملة لتوفير الخدمات المناخية على جميع مستويات الاقتصاد والإدارة.. إن الفشل فى مواجهة التغير المناخى سيعرض سكان الأرض للانقراض.
د. كمال عودة غُديف
أستاذ المياه والبيئة بجامعة قناة السويس
رابط دائم: