رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الأهرام» تتفقد أحواله وتقدم له التحية فى عيده
شعب السويس.. سلامٌ عليك

تحقيق : هـاجر صلاح
ميدان الأربعين شاهد على الهزيمة المرة لجنود العدو- تصوير ــ أمير عبدالظاهر

  • الأهالى يشيدون بتطوير طريق السويس والممشى وحل أزمات الكهرباء والنظافة.. ويترقبون التأمين الشامل والمدينة الجديدة
  • الانتهاء من 70 مشروعا فى المياه والصناعة والإسكان والتعليم والصحة
  • شباب المدينة: نبحث عن فرصة للعمل والوظائف الجديدة يعمل بها مغتربون


 

  • اليوم ذكرى هزيمة الإسرائيليين بعد «اصطيادهم» فى شوارع المدينة على أيدى المقاومة الشعبية
  • لماذا لم يخلد المتحف القومى انتصارات «السوايسة»؟ ومن يتبنى تحويل قسم شرطة الأربعين إلى متحف شعبى؟
  • المقهى الثقافى التاريخى بالمدينة يتحول إلى صالون حلاقة.. والسينما الوحيدة مغلقة بدعوى التجديد

 

كان الشارع الرئيسى واسعا ولم يبد لنا أى كائن حي.. مررنا بالأحياء السكنية فى مدخل المدينة. دخلنا الجزء القديم منها.. كله يبدو مهدما ومصابا، وبعد أن توغلنا كيلومترا بدأ الاحتفال.. أطلقوا علينا النار من جميع المنازل والشبابيك والمنافذ، بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية ..لم نعرف من أين يطلقون النار، ولم نستطع التحرك فى أى اتجاه حتى إلى الوراء. فدخلنا أحد المنازل ليتضح أنه أسوأ مصيدة.)

الوصف السابق جاء ضمن شهادة مهمة لعدد من الجنود الإسرائيليين الناجين من حرب أكتوبر، سجلوها فى الكتاب الشهير الذى صدر فى مطلع عام 1974 بعنوان» التقصير»، يكشفون فيه عن أسباب الهزيمة. أما الكلمات السابقة فكانت تخص تحديدا ما حدث فى «معركة السويس»، آخر المعارك الكبرى التى شهدتها حرب أكتوبر، وتوقف بعدها القتال، تلك المعركة التى وقعت أحداثها فى مثل هذا اليوم منذ 48 عاما، ليصبح تاريخها عيدا قوميا لمحافظة السويس.

 

«تحقيقات الأهرام» توجهت لإلقاء نظرة على بلد الأبطال. تتفقد أحوالها، بعيون "الغريب" ، وبشوق "المتلهف" على زيارة مدينة، مقدر لها أن تكون شاهدة منذ تكونها، وبحكم موقعها الاستراتيجي، على أحداث جسام على مر التاريخ، ما جعلها دائما مدينة "محاربة" ومدافعة؛ ليس فقط عن أهلها بل عن كل المصريين.

لم يكن السفر من القاهرة إلى السويس سوى نزهة استغرقت وقتا، يقل كثيرا عن الوقت الذى قد يستغرقه أحد"المشاوير" الداخلية فى قلب العاصمة، بفضل طريق السويس الذى تمت توسعته وتمهيده وإنارته ليلا، وانتشرت على جانبيه المدن الجديدة العامرة، وقبل انتصاف النهار بقليل، دخلنا المدينة "الهادئة"، استقبلتنا شعلات اللهب من فوهات مصانع البترول، لنسترجع على الفور شعار المحافظة الشهير ( ترس وبداخله شعلة حمراء على أرضية زرقاء).

قررنا أن نتعرف على المدينة من خلال متحفها القومي..استقبلتنا مديرته النشيطة الشابة دينا السيد، وصحبتنا فى جولة داخل المكان.. لفت انتباهنا أنه خال من الزوار، إلا من سائحين اثنين فرنسيى الجنسية، فأخبرتنا أن معظم الزيارات تكون غالبا للرحلات المدرسية والجامعية، واسترعى انتباهنا أيضا قبل الدخول عدم وجود ما يشير إلى أن هذا المبنى الضخم هو لمتحف السويس، فكانت المفارقة أننا كنا نسأل عن مكانه، بينما تقف سيارتنا أمام بوابته مباشرة !

لم تستنكر مديرة المتحف علينا تلك الملحوظة، وأخبرتنا أنه بالفعل توجد خطة لتوحيد شكل اللافتات الإرشادية لجميع المتاحف المصرية، وأرجعت تعطلها إلى تغير الجهات التابعة لها تلك المتاحف من وزارة الثقافة ومنها إلى وزارة الآثار، وأخيرا وزارة السياحة والآثار بعد ضمهما.


متحف السويس

المتحف الذى مر على افتتاحه سبع سنوات، ويقع فى منطقة بورتوفيق، يحكى لزائره قصة ربط البحر الأحمر بنهر النيل بقناة سنوسرت فى عهد الفراعنة لتسهيل التجارة من وإلى الساحل الإفريقى انطلاقا من السويس، كما كانت تلك القناة تربط الوادى بسيناء، ومن ثم ببلاد فارس، ويتضمن المتحف قطعا أثرية مصنوعة من الخامات التى كانت تجلب عبر تلك الرحلات التجارية ولم تكن موجودة فى مصر.

بانسيابية، ننتقل من قاعة لأخرى، لنعرف أن القناة تجدد حفرها وتوسعتها فى عصر البطالمة ومن بعده الرومان، لتمتد التجارة مع سواحل مصر الشمالية. وسيستمتع الزائر بمشاهدة 1300 قطعة أثرية، تم العثور عليها فى مواقع مختلفة فى مصر أو خارجها. أما فى قاعة العصر الإسلامي، تبرز أهمية القناة فى نقل الحجاج من شمال إفريقيا إلى الأراضى المقدسة عبر السويس التى كانت أولى محطات الرحلة من خلال قلعة "عجرود"، ومنها أيضا كان يخرج "المحمل" وكسوة الكعبة التى كانت تصنع فى مصر. ثم يحكى المتحف قصة حفر القناة التى ربطت بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وسميت باسم "السويس" لتصبح أهم ميناء للتجارة العالمية. وأخيرا قاعة صممت لتحاكى شكل جبانة "مقبرة" فرعونية.

انتهت رحلتنا داخل المتحف الذى تكلف نحو 40 مليون جنيه، دون أن نجد ما انتظرناه.. وسألنا مديرة المتحف: أين تاريخ السويس الحديث؟ أين بطولاتها فى الحروب التى مرت على مصر فى العصر الحديث من العدوان الثلاثي، مرورا بحرب الاستنزاف، ثم أكتوبر وحصار المائة يوم ؟ فأوضحت لنا أن هذا متحف "أثري".. إلا أنها أيدتنا فى ضرورة وجود متحف آخر لتوثيق هذا الجزء المهم من تاريخ المدينة.

خرجنا من المتحف وقد مسنا بعض" الإحباط"، فقررنا التعرف على المدينة عبر شوارعها، تلك التى رأيناها فى الصور القديمة، وتشهد على بطولات أهلها ضد المعتدين، والتى حكوا عنها مرارا فى شهادات مبعثرة هنا وهناك.. لكن قبل الانطلاق نحو قلب المدينة، لم يكن لنا أن نغادر دون التجول فى ممشى أهل السويس الذى أعطى مظهرا حضاريا للمنطقة، ويتخذ شكل حرف L مقلوبة، بطول 1300 متر.


واجهة جامع الشهداء مدونة عليها أسماء أبطال معركة السويس

أمام ذلك المشهد البديع لخليج السويس، يحده من الغرب جبل عتاقة، اخترنا أحد "الكافيهات" التى أنشأها اثنان من الشباب، مازالا يدرسان بالمرحلة الجامعية، وبعد دردشة قصيرة، علمنا أنهما سعيدان بالممشى الجديد، خاصة أنه أتاح لهما إقامة مشروعهما الناشئ، بعد أن أصبح الممشى قبلة لكل أهالى السويس خاصة بحلول المساء.

كنا نتمنى لو استطعنا المكوث لمزيد من الوقت، نتأمل المشهد الساحر ونهنأ بالمكان الذى تم رصفه وتخطيطه وتزويده بالمقاعد الرخامية ، لولا أننا لم نجد مهربا من أشعة الشمس،سواء ببرجولات أو حتى بعض أشجار الظل، وهو ما نأمل تداركه لاحقا.

.................

(كان لابد من الانسحاب.. المصريون يطلقون النار بصورة مخيفة. خيم الليل علينا وجرحانا يتمددون فى الشوارع يئنون من الألم وتتعالى صرخاتهم.. بينما تتصاعد ألسنة اللهب من مصفحاتنا المحترقة بعد انفجار خزانات الوقود بداخلها).

نسترجع كلمات الجنود المهزومين، ونحن نسير فى شارع الجيش الرئيسي، ذلك الطريق الذى سلكوه، وهم يدخلون بـ"غرور" إلى قلب المدينة بعد أن خدعوا بغياب أى مقاومة تعيق تقدم مدرعاتهم، وكما يحكى لنا صقر السويس عبد المنعم قناوي، بطل المقاومة الشعبية:"فى العاشرة صباح 24 أكتوبر، دخلت مجنزرات ترفع أعلام الجزائر والمغرب كنوع من التمويه لرجال المقاومة، وعند موقع "سينما ريناسنس" حاليا، وحيث مزلقان شارع بورسعيد، كان هناك حقل ألغام، فانقطع جنزير إحدى الدبابات ، فتم سحبها من حيث أتت فى اتجاه الزيتية، بينما استقرت باقى المجنزرات أمام مبنى المحافظة، وأعطى القائد إشارة البدء للقوة الآتية من محور المثلث ليخترق شارع الجيش ومنه إلى الأربعين، حيث الفخ الكبير!".


وصلنا إلى ميدان الأربعين، ذلك الذى شهد أشرس المواجهات بطول يوم 24 أكتوبر 1973، وقبل عيد الفطر بيومين فقط لا غير. يطل على الميدان قسم شرطة الأربعين القديم، الذى فر إلى داخله الجنود الإسرائيليون يحتمون به، وسقط فيه شهداء المقاومة الشعبية فى أثناء الاشتباك معهم لإخراجهم .. مبنى القسم مهجور، ولولا أننا كنا نسأل المارة عن مكانه لتجاوزنا مكانه دون أن نلحظه. ذلك المبنى الذى بحت أصوات "السوايسة" لتحويله إلى متحف يؤرخ لما شهد عليه من أحداث.

فى ذات الشارع، وجدنا مبنى سينما مصر مهجورا ومهملا أيضا، وهو الذى كانت تظهر أمامه دبابة إسرائيلية فى صورة شهيرة، بينما سينما رويال قد حل فى موقعها مقر بنك الإسكندرية، وكانت كلتا الدارين ملجأ لاحتماء الضباط الإسرائيليين من نيران المقاومة الشعبية.

يخبرنا محمود الريفي- أحد شباب السويس، وأمين الإعلام بالحزب الناصرى بها- أن فكرة تحويل القسم إلى متحف تتعرف من خلاله الأجيال الجديدة على تاريخها، تبناها حامد حسب، وكيل وزارة الثقافة بالسويس سابقا، وأحد رموزها الوطنيين، وصاحب كتاب" السويس.. تجربة مدينة "، وعرض الفكرة على محافظ السويس الأسبق اللواء العربى السروي، وتحمس لها، لكن للأسف بعد مغادرته المنصب، ماتت الفكرة.

دون يأس، واصلنا جولتنا نتلمس أى إشارة أو نصب تذكارى أو لافتة فى أى شارع أو حارة تسجل أو تعكس قيمة تلك المدينة التى حفرت اسمها فى سجلات المقاومة، بأحرف من نور. لم يكن أمامنا سوى التوجه إلى شارع الشهداء حيث المسجد الذى يحمل نفس الاسم، والذى شهدت باحته لقاءات أفراد المقاومة الشعبية بقيادة الشيخ حافظ سلامة، وتخطيطهم لاستقبال الهجوم على مدينتهم الذى بدأ منذ مساء يوم 23 أكتوبر ، تلك الليلة التى لم يغمض فيها جفن لأهل المدينة ممن بقى فيها من موظفى الحكومة وعمال المصانع والمرافق الحيوية بالإضافة إلى أفراد المقاومة الشعبية وضباط من الجيش الثالث بما لا يزيد على 5 آلاف شخص.

من ميكروفون هذا المسجد، دوى صوت الشيخ حافظ صباح يوم 25 أكتوبر، ردا على تهديد الإسرائيليين بضرورة إعلان الاستسلام خلال عشر دقائق وإلا دمروا المدينة بالطيران ، قائلا:" أهلا ومرحبا بكم فى أرض السويس.. فهى مازالت عطشى لدمائكم"! على واجهة المسجد وجدنا أسماء شهداء معركة يوم 24 أكتوبر مدونة، فشعرنا أخيرا بـ "رائحة" من روائح تلك الأيام المجيدة. لكنها تظل غير كافية أو مشبعة.

................

يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى .. أستشهد تحتك وتعيشى إنت

أستشهد والله وييجى التانى .. فداكِ وفدا أهلى وأوطاني

 

نسترجع كلمات الخال عبد الرحمن الأبنودى الذى لم يجد بعد خروجه من المعتقل فى الستينيات سوى السويس التى احتضنته، وعاش بها سنوات ما بعد النكسة، وفيها كتب أشعارا وأوبريتات خلدت بطولات المقاومة، بعد أن تشبع صدره بهواء" شط القنال"، وعبير حى "الجناين".

لم يكن الأبنودى الشاعر الوحيد الذى جذبته السويس، بل هناك كثيرون غيره تأثروا بها ووقعوا فى غرامها كأمل دنقل وسيد حجاب وفؤاد قاعود، يلتقون مع شعرائها المحليين على رأسهم شاعر المقاومة الكابتن غزالي، وفرقة أولاد الأرض، فى "قهوة نيو سوريا" ذلك المقهى الثقافى الشهير الذى كان ملتقى لأدباء ومثقفى السويس. كان الشاب مصطفى السويسى أخبرنا مسبقا أنه تم إغلاق المقهى منذ أشهر. سألنا المارة فأكدوا لنا المعلومة، ووصلنا فعلا لمكانها فى الشارع الموازى لشارع الشهداء فى مواجهة المبنى القديم لمحافظة السويس، ووجدنا بدلا منها "صالون حلاقة"!

.......

غنّى يا سمسمية لرصاص البندقية.. ولكل إيد قوية حاضنة زنودها المدافع

غنّى ودقى الجلاجل مطرح ضرب القنابل.. راح تطرح السنابل و يصبح خيرها ليّ

 

كلمات الكابتن غزالى ترن فى آذاننا بصوت محمد منير فى فيلم" حكايات الغريب"، ولم تكن رحلتنا لتنتهى قبل أن نزور بيوت حى الغريب، بعد أن أخبرنا البعض أن منها ما زال شاهدا على طلقات المدافع التى لم تسلم منها المدينة طوال السنوات الست ما بين الحربين، لكن فى الحقيقة لم نجد لها أثرا. سألنا رجلا تبدو على ملامحه آثار الزمن، فأخبرنا أن كل تلك البيوت القديمة تم هدمها، لذلك لم نجد أثرا سوى لبضعة بيوت على طراز معمارى قديم، لكن بلا آثار للحرب، بيت واحد عليه آثار طلقات رصاص التقطنا له صورة ومضينا.


> فرحة أهالى السويس بعد فك الحصار الذى استمر 100 يوم > تصوير ــ محمد لطفى

دققنا النظر، فوجدنا فعلا أن الأبراج الشاهقة والعمارات الجديدة فرضت سطوتها وسيطرتها على المدينة، بينما تنتشر المحال التجارية بكثافة فى مداخلها، ولم يقتصر الأمر على الشوارع الرئيسية بل امتد نحو الفرعية.

عم "على البلبوشي" واحد من الذين لم يغادروا السويس بعد هجرة أغلب سكانها خلال حرب الاستنزاف ثم أكتوبر وحصار المائة يوم. ذلك الحصار الذى عزل السويس تماما بعد قطع شبكة الاتصالات والكهرباء والمياه. كان شابا عشرينيا ويعمل سائقا. سألناه عن بيوت الغريب؟ فأخبرنا أنه كان لابد من هدمها، لأنه لم يكن من الممكن السكن بها من جديد، وكانت مبنية من الخشب البغدادلي، فكانت ستصبح مأوى للحشرات والزواحف.

تملكتنا خيبة الأمل بعد أن اكتشفنا أن كل الشواهد على تاريخ صمود المدينة قد انطمست، وكما يخبرنا "البلبوشي" فإن أغلبية من يعيشون الآن فى السويس مغتربون من محافظات أخرى، يعملون فى شركاتها ومصانعها. والمشكلة كما يقول أن أبناء السويس أنفسهم لا يجدون فرص عمل بسهولة خاصة بعد أن تضاعف عدد سكان المدينة على مدى نصف قرن. سألته: هل حكيت ما عشته لأبنائك وأحفادك؟ وجاء رده سريعا: "طبعا حكينا .. لكن الكل مشغول فى عيشته"

أعود به إلى الوراء وأسأله عن أيام الحرب التى عاش تحت نيرانها فيقول:" قلوبنا كادت تنخلع من صدورنا خلال القصف، وفوارغ طلقات الرصاص كانت تملأ الشوارع مثل "الزلط"، لكن رغم كل ما عشناه من مخاطر، كانت أياما حلوة لأننا كنا أسرة واحدة ".

ماذا عن شباب السويس؟ وبم يحلمون؟ وما الذى تحقق من أمنياتهم؟

مصطفى السويسي، شاب فى مطلع الثلاثينيات ممن يعتزون بانتمائهم للسويس، لكنه اضطر للانتقال إلى القاهرة، ليعمل فى مجال برمجة الكمبيوتر، فكما يخبرنا: "سوق العمل فى السويس ليس متنوعا،خاصة أن مصانع وشركات البترول أصبحت "متشبعة" وغير قادرة على استيعاب المزيد بعد أن التحق بها الكثيرون عن طريق الوساطة والمحسوبية".

مع ذلك يرى السويسى أن هناك إنجازات ملموسة على الأرض تبدأ من طريق القاهرة السويس الصحراوى الذى تم تطويره وتوسعته بعد أن كان يشهد حادثا بشكل يومي، أما داخل المدينة، فيؤكد أن هناك اهتماما ملحوظا بالنظافة، فضلا عن الممشى الجديد على خليج السويس، وإن كان يتمنى أن يعاد فتح ممشى بور توفيق الذى يطل على المدخل الجنوبى لقناة السويس، بعد إغلاقه فى فترات الانفلات الأمنى سابقا، مشيرا إلى أن لكل أهل السويس ذكريات جميلة مرتبطة بهذا المكان الذى كانوا يتابعون فيه عن قرب حركة السفن المارة بالقناة.

يتمنى مصطفى أيضا أن يكون هناك اهتمام بالجانب الثقافى والترفيهى فى المحافظة، إذ يكشف لنا أن السينما الوحيدة التى كانت تعمل حتى أشهر قليلة مضت قد تم إغلاقها بدعوى تطويرها، ويتساءل: هل يعقل ألا يكون فى السويس دار واحدة للسينما ؟ الأمر نفسه بالنسبة للمسرح، إذ لا يوجد سوى مسرح قصر الثقافة. على جانب آخر، ينتظر مصطفى وغيره من أهل السويس الانتهاء من تنفيذ مدينة السويس الجديدة .

أما محمود الريفى وهو شاب ثلاثينى أيضا، فقد تمكن من الالتحاق بالعمل فى قطاع الأمن الإدارى بإحدى شركات البترول، ويؤكد أن هناك انجازات ملموسة فى محافظته لا يمكن إنكارها، على رأسها شبكة الطرق المؤدية إليها والى مناطقها الصناعية، وهى تخدم مواطنى السويس وغيرهم . أيضا الممشى الجديد حيث أصبح الكورنيش أكثر اتساعا، وبه مضمار للدراجات، وملاه للأطفال، مؤكدا أن كل ما يتعلق بالمظهر الحضارى والجمالى للمدينة لم يشهد له، عن نفسه، مثيلا من قبل.


كورنيش السويس الجديد

يشيد أيضا بحل مشكلة انقطاع الكهرباء، التى كانت تمثل أزمة حقيقية، لكنها انتهت تماما الآن. وقريبا من المنتظر تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل. على جانب آخر، يرى محمود ضرورة الاهتمام بـ "احتضان" الشباب، مؤكدا أنه لا يوجد بيت فى السويس دون أن يكون به شاب أو أكثر بلا عمل،وبالتالى يفتقد الأمان المعيشى والقدرة على تكوين أسرة، وإن وجد فرصة ،تكون بلا أى حقوق أو تأمين، كأن يعمل مقاولا أو عامل توصيل طلبات للمنازل، رغم أن السويس مدينة صناعية بالأساس.

أكثر من70 مشروعا

وفقا لموقع خريطة مشروعات مصر، فإن نصيب السويس من المشروعات الجديدة 76 مشروعا جديدا، تم الانتهاء من 72 بينما تتبقى 4 قيد التنفيذ. فى مجال الكهرباء مثلا، تم تنفيذ محطة كهرباء السويس الحرارية، ومحطة جبل عتاقة، وفى مجال المياه والصرف الصحي، تم إنشاء محطة رفع السلام، ومحطتى رفع مياه مصرف المحسمة، ومحطة تحلية فى مدينة الجلالة، و3 مشروعات للصرف الصحي. أما الطرق، فمنها طريق نفق أحمد حمدى وطريق جنيفة، فضلا عن الأنفاق الجديدة أسفل قناة السويس. أما فى مجال الصناعة فتم إنشاء مصنع لإنتاج الرخام والجرانيت فى العين السخنة ومجمع إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، ومصنع الجلالة للرخام، ومشروع الاستزراع السمكى شرق القناة، بينما فى مجال الإسكان، فهناك عدة مشروعات للإسكان الاجتماعى فى عتاقة، كما تم تطوير منطقة عزب الصفيح واليهودية، فضلا عن مشروعات لتطوير الموانى كميناء العين السخنة الذى يقع ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروعات أخرى عديدة فى مجالى التعليم والخدمات الصحية. إذن فهناك طفرة حقيقية فى الخدمات والمشروعات، يبقى فقط أن يشعر شباب السويس بثمارها، ويجدوا فيها فرصة العمل التى يستحقونها.

فى الختام، الحاضر السعيد لا يعنى نسيان الماضي، وإذا كان فضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر يقول إن أمة بلا تراث هى أمة بلا رأس، فنحن نستعير تشبيهه، ونقول إن أمة بلا ذاكرة هى أيضا أمة بلا رأس.. نتمنى أن تتخذ خطوات حثيثة وجادة لتوثيق وإتاحة كل ما يتعلق بتاريخ مدينة السويس البطولى فى متحف يليق بها، لأنه واجب.. وحق للأجيال القادمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق