رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المحكمة الدستورية: منع الوالد من الرجوع فى هبته لأبنائه غير دستورى

يقدمه ــ بهاء مباشر

تمثل عقود الهبة واحدة من أهم المسائل التى حرص المشرع منذ عقود بعيدة على تنظيمها من خلال نصوص قانونية واضحة، لما تمثله من مساس بحقوق ومراكز قانونية ومالية حيوية بالغة الخطورة، ولما كان لعقد الهبة تلك الأهمية ، فقد أفرد المشرع ١٨ مادة فى القانون المدنى خصصها لعقد الهبة، نظمته وحددت شروطه والقيود التى أحيط بها، وحددت كذلك مواد القانون المدني، الحالات التى لا يسمح فيها برجوع الواهب فى هبته، ومن بين تلك الحالات، إذا كانت الهبة لذى رحم محرم «الأبناء»، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت مؤخرا حكما بالغ الأهمية فى هذا الشأن، انتصرت فيه للأب، فى مواجهة عقوق ولده، وقضت بعدم دستورية بند بالمادة ٥٠٢ ، الذى حظر رجوع الأب فى هبته لأبنائه، وقالت المحكمة الدستورية فى حكمها، إن منع الأب من الرجوع فى الهبة يجعله فى حرج شديد، ويرهقه من أمره، ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر أرذله، وأحوجته الظروف لاسترداد ما وهبه لابنه، ورفض الابن الرجوع فى الهبة إضرار بوالده، وهو الأمر الذى يصطدم بضوابط ومقاصد الشريعة الإسلامية .

وفى جلستها المنعقدة السبت الماضى «٩ أكتوبر ٢٠٢١» ، قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار سعيد مرعى عمرو، رئيس المحكمة، بعدم دستورية بند فى نص القانون المدنى والذى يمثل قيدا لعدم الرجوع فى الهبة.

حيث قضت فى الدعوى رقم 97 لسنة 30 قضائية «دستورية» بعدم دستورية البند (هـــ) من المادة (502) من القانون المدني، 131 لسنة 1949، فى مجال سريانها على هبة أى من الوالدين لابنه.

حيث كانت تنص المادة على أنه، يرفض طلب الرجوع فى الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية : (هـ) إذا كانت الهبة لذى رحم محرم.

وأسست المحكمة حكمها على أن المشرع استقى حكم النص المطعون فيه من الفقه الحنفي، الذى منع رجوع الوالد فى هبته لابنه، ولو كان لديه عذر يبيح ذلك، بينما يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وعلماء المدينة إجازة ذلك.

وأوضحت أن ذلك دل على أن الفقهاء باختلافهم هذا على عدم وجود نص قطعى الثبوت والدلالة فى مبادئ الشريعة الإسلامية يحكم هذه المسألة، ومن ثم تعتبر من المسائل الظنية التى يجوز فيها الاجتهاد، وهى بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان، وإذا كان الاجتهاد فيها حقا لأهل الاجتهاد، فمن باب أولى يكون هذا الحق لولى الأمر ( المشرع)، ينظر فى كل مسالة بما يناسبها، فى إطار المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، بما تقوم عليه من الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.

ومتى كان منع الأب من الرجوع فى الهبة يجعله فى حرج شديد، ورفض الابن إضرارا بوالده، ضاربا عرض الحائط بالواجب الشرعى والأخلاقى لبر الوالدين، وعدم عقوقهما، والإحسان إليهما وطاعتهما.

وأكدت الدستورية فى حكمها، أن منع القضاء من الترخيص للأب فى الرجوع فى الهبة، ولو توافر له عذر يبيح ذلك، فضلاً عن كونه يتصادم وضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية لشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد انطوى على تمييز غير مستند لمبرر موضوعى بحسب صلة القرابة التى تربط الواهب بالموهوب له، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق