رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحنين إلى الفصحى من عبدالله غيث إلى أشرف عبدالغفور

باسم صادق
أشرف عبدالغفور

«كم من ليال قبعتُ فيها منكمشا فى صالة المسرح فى ظلام دامس مخيف، وصوت عبدالله غيث يجلجل فى العتمة بمونولوج «يا أيها السلطان».. إحساس مهيب وصفه الفنان أشرف عبدالغفور فى بداياته تجاه العملاق الراحل عبدالله غيث وهو يجسد دوره فى عرض «الفتى مهران» للمخرج المتجدد كرم مطاوع.. كلمات صادقة ذكرها أشرف عبدالغفور فى كتاب للناقد أحمد خميس ضمن إصدارات المهرجان القومى للمسرح بمناسبة تكريمه.. وتناسب مع تكريم عبدالله غيث أيضا فى ذات الحدث فصدر عنه أيضا كتاب فارس المسرح العربى للناقد والمؤرخ د. عمرو دوارة.. وبين الكتابين نعيش أجواء الحنين..

فهكذا كان يلتف مبدعو الفصحى حول رحيقها.. يرشفونه لينثرونه عبيرا متدفقا بين جمهورهم بسلاسة وعذوبة.. فلم تكن مصادفة أن تقشعر أبداننا جلالا واحتراما أمام مشاهد مسرحية عرضت خلال الافتتاح لبعض أعمالهما.. وكأنها تدعونا لوقفة مع المذابح التى تتعرض لها الفصحى فى أغلب المسرحيات.. فكان عبدالله غيث ممتلكا دوما لكل أركان المسرح يسحر الألباب بأدائه المفعم بالانفعالات المشحونة بحساسية اللغة حتى وُصف بأنه أفضل من جسد المسرح الشعرى، بجانب أدواره الشهيرة دينيا وتاريخيا عبر أكثر من خمسين عرضا مسرحيا حتى يمكننا القول إنه مروض المناطق الخطرة فى أى عرض صعب الأداء.. فهو ابن زيدون المتيم عشقا فى حب ولادة بنت المستكفى فى عرض الوزير العاشق للكاتب الكبير فاروق جويدة.. الشاعر الفقير المتمرد فى «الأميرة تنتظر».. ايجست عشيق كيلتمنسترا فى أجاممنون.. الملك الغادر مغتصب العرش فى ماكبث.. الكسندر عامل المناجم الثائر فى تحت الرماد.. عمار المناضل فى مأساة جميلة.. خوان الفظ الجلف فى مسرحية يرما.. زعيم الفلاحين فى الفتى مهران.. الأمير سالم الباحث عن العدالة فى الزير سالم.. العجوز فى «الكراسى».. ثيسيوس الأب المكلوم فى فيدرا.. وغيرها عشرات المسرحيات الرصينة التى ترك بصمته الأدائية فيها بإيمان شديد بأهمية الدور التوعوى لمسرح الدولة.. وهو ما أكده د. دوارة فى كتابه بأن عبدالله غيث عاش رافضا كافة إغراءات بطولات مسرح القطاع الخاص ومنها مثلا اعتذاره عن ثلاثة عروض لكبرى فرق القطاع الخاص مع كرم مطاوع رغم نجاحهما معا فى مسرح الدولة.. فاعتذر عن عروض وكالة نحن معك.. عالم كداب كداب.. ياسين ولدى..


عبدالله غيث و سهير المرشدى فى وراء الأفق

أما أشرف عبدالغفور فيبدو وكأنه امتص اللغة الفصحى بموسيقاها ومفرداتها حتى صارت نغما يوميا يعزفه كل لحظة فى حياته اليومية فلم تفارقه عذوبة الفصحى وبريقها أو شجنها حتى فى أدواره العامية؛ ذلك أنه بإتقانه نطق الكلمات ومخارج الحروف تكتمل الصورة الذهنية والبصرية لشخصياته الدرامية حتى ولو كانت ذات لكنات ريفية أو صعيدية.. لذلك يجسد أدواره وكأنه لا يمثل.. فبأعلى درجات الوعى مثلا قدم دوره فى عرض المحاكمة –المأخوذ عن النص الأمريكى ميراث الريح- كما لو كان فى صراع حى بين تعطيل العقل وضرورة إعماله وتفعيل حاسته النقدية.. لدرجة أنه قرأ النص بلغته الأصلية حتى يمكنه مناقشة مخرجه طارق الدويرى بشكل واع ودقيق.. تنقل عبدالغفور بهذا المنطق وتلك العقلية بين مدارس إخراجية مختلفة بدءا من عبدالرحيم الزرقانى ثم كرم مطاوع، عصام السيد، سمير العصفورى وجلال الشرقاوى وصولا إلى طارق الدويرى واستهوته الأدوار المركبة العميقة ولكنه ظل دوما متأرجحا بين العامية والفصحى كفراشة حالمة يجيدهما برشاقة لا متناهية.. فقدم بالفصحى سليمان الحلبى.. رجال بلا ظلال.. النار والزيتون.. وطنى عكا.. هنرى الرابع.. لعبة السلطان.. الخديوى.. الملك لير.. وغيرها، بالإضافة إلى أربعين عملا بالعامية تتنوع بين التراجيديا والكوميديا..

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق