فى مدينة "بيلا"، بمحافظة كفر الشيخ، تقع سرايا «العمدة العطافى»، ذات الـ 104 أعوام، ذات الطراز المعمارى الفريد والتاريخ العامر، والتى تعانى أيضا من إهمال وخيم فى السنوات الأخيرة.
يرجع إنشاء هذه السرايا إلى عام 1917، وعرف محيطها لاحقا بـ«حى العطافى»، نسبةً إلى مالك السرايا وهو «العمدة العطافى المنشاوي»، أحد أكثر الشخصيات تأثيرا والذى تولى مقاليد الحُكم المحلى فى مركز ومدينة بيلا مع بداية أربعينيات القرن الماضي.
تقع السرايا على مساحة 1150 مترا، وتتكون من بدروم، وطابقين علويين، كل طابق يحتوى على 8 غرف، ودورتى مياه، وصالة استقبال كبيرة. ويحيط بالسرايا حديقة صغيرة. أما البدروم ، فكان يضم المطابخ والجراجات وحُجرات الخدم.
وكانت السرايا على موعد مع الشهرة، حينما زارها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، بصحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة، لافتتاح مقر الاتحاد الاشتراكى فى وسط مدينة بيلا. وبدأ ناصر الزيارة بالتوجه إلى السرايا مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوي، عضو مجلس قيادة الثورة وابن شقيق «العمدة العطافى». وصاحبه خلال الزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والمشير عبد الحكيم عامر، وعزيز صدقى، رئيس وزراء مصر الأسبق، وآخرون. وكان فى استقبال الزوار الآلاف من أهالى مدينة بيلا ومحافظة كفر الشيخ، الذين صاحبوا موكب الرئيس من أول المدينة، وحتى سرايا «العُمدة العطافى».
وتناول الرئيس الأسبق وصحبته خلال الزيارة وجبة الغداء فى السرايا ، وجلس على مأدبة الطعام التى شملت أطيافا عديدة من أبناء الشعب المصرى، ويومها أبدى، ناصر إعجابه الشديد بالسرايا.
ولعل المشير عبد الحكيم عامر، القائد العام للجيش والنائب الأول لرئيس الجمهورية حينها، كان أبرز المُترددين على سرايا «العُمدة العطافى» فى الخميس من كل أسبوع. فكان يصل من القاهرة مع حلول العصر، ليأخذ قسطاً من الراحة فى إحدى غرف السرايا التى خُصصت له، ثم يستيقظ قبيل آذان المغرب، ويتناول وجبة تضم خيرات المنطقة مع صديقه، البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوي. ثم يجلسان يتسامران ويلعبان «الدومينو» حتى صباح يوم الجمعة، ومن ثم يُلملم «عامر» أغراضه الشخصية، ويستعد للسفر إلى القاهرة.
ولكن هذا التاريخ لم يشفع للسرايا، فيوضح محمد على العطافى المنشاوي، أحد ورثة سرايا «العُمدة العطافى»،أن البناء العريق يعانى من الإهمال الشديد منذ سنوات طويلة، وأصبحت آيلة للسقوط فى أى وقت، إذ لم تخضع لأى أعمال تطوير أو ترميم خلال مدة الـ 104أعوام، وهى عمر السرايا. ولفت إلى أنه تم تسجيلها كأحد المبانى ذات الطراز الحضارى المُتميز عام 2006، وبذلك فهى تتبع الجهاز القومى للتنسيق الحضارى بوزارة الثقافة.

العمدة العطافي المنشاوي
وأضاف المنشاوي: «إن مبنى السرايا أصابته التشققات، بجانب تداعى أجزاء من حوائطه ، وتأثرها بالرطوبة وعوامل المُناخ، ما أثرت سلبياً فى سقوط الرسومات الفنية، والزخارف، والمُقرنصات التى كانت تجذب أعيُن الجميع»، مُستطرداً: «السرايا كانت منارة لمدينة بيلا وبقت خرابة بسبب الإهمال».
وأكد حسام مصطفى على العطافى المنشاوي، نجل حفيد العُمدة العطافي، والمُقيم حالياً فى السرايا، أن المبنى بات يمثل خطورة داهمة على حياتهم، متابعاً: «عايشين فى البدروم بسبب تهالك الأدوار العلوية من السرايا، ولا نستطيع الصعود إليها خوفاً من انهيارها علينا فى أى وقت».
وأوضح أن طائر "أبو قردان" داهم أشجار النخيل وأشجار الزينة الموجودة فى حديقة سرايا جدّه «العُمدة العطافى» مُنذ فترة وأصبحت السرايا فى حالة يُرثى لها بعدما كانت شاهدة على حقبة تاريخية مُميزة فى مصر.

مبني تاريخي ينتظر الانقاذ
ومن جانبه، يوضح الدكتور إبراهيم ماضي، أحد الأثريين، أن «سرايا العُمدة العطافي» تعد تحفة فنية رائعة، وهى ضمن المبانى التاريخية والخاضعة لقانون رقم 144 لعام 2006. وقد صدر كشف حصر لها من قبل مجلس الوزراء لعام 2009، على أن تكون تحت إشراف الجهاز القومى للتنسيق الحضارى . وأوضح ضرورة أن تخضع هذه المُنشأة التاريخية لقانون حماية الآثار، حفاظاً على الطراز المعمارى الفريد، والزخارف النادرة التى تُزين واجهة المبنى.
رابط دائم: