رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«عصريون».. رغم أنف العمر!

دينا عمارة
كبار السن

إذا كان عمرك قد تخطى الستين أو السبعين، فربما يكون قد مر على مسامعك مصطلح الشيخوخة فى المكان، والذى يعنى ببساطة تفضيل كبار السن لقضاء فترة تقدمهم فى العمر فى المنزل، منعزلين عن الأقارب والأصدقاء، لا يرغبون حتى فى الذهاب إلى دور الرعاية لتلقى المساعدة، مستمتعين باستقلاليتهم بعيدا عن صخب الحياة. قديما، كان هذا الأمر شاقا بالنسبة لمن يعانون بعض الأمراض المزمنة، وكانوا يطلبون المساعدة من الأبناء والأحفاد، حتى جاءت التكنولوجيا لتبشر بالخير، وتمد يد العون لهم، واعدة إياهم بحياة أفضل وأسهل.

ربما تبدو مواكبة التكنولوجيا بالنسبة لكبار السن مرهقة فى البداية، فالتطور السريع الذى يشهده العالم لا يستوعبه بعض أبناء الجيل الجديد، فما بالنا برجل عجوز أصاب عقله الوهن، أو امرأة مسنة ألف جسدها الألم حتى بات هو صديقها الوحيد. ومع ذلك، فإن كبار السن يتبنون التكنولوجيا الآن أكثر من أى وقت مضى. وليس هناك شك فى أن المخترعين فى الفضاء الرقمى يتدافعون، لإيجاد طرق لتسويق منصاتهم لهم. فكر مثلا فى الأجهزة القابلة للارتداء عالية التقنية التى تراقب كل شىء من ضغط الدم إلى الخطوات اليومية التى يتم اتخاذها. فكر فى الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وما لديها من امكانيات عديدة مثل تكبير الشاشة، وقراءة النصوص المكتوبة بصوت عال، وتطبيقات الحفاظ على نشاط الدماغ لأولئك الذين يعانون أعراض الشيخوخة. وفى المستقبل القريب، ربما تغزو الروبوتات المنزلية حياتنا لتغنيهم عن طلب المساعدة.

ثم هناك وسائل التواصل الاجتماعى، مثل فيسبوك وتويتر وغيرها، والتى تأتى مع كمية لا حصر لها من الخدمات، سواء بإبقاء المسن على اتصال دائم بالعالم الخارجى ومتابعة الأخبار، أو التواصل مع أحبائه وأقاربه حتى لو كانوا يعيشون فى الطرف الآخر من العالم. 

وفى تحليل حديث لمركز بيو للأبحاث، وجدت بيانات مكتب إحصاءات العمل، أن الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر، يقضون أكثر من نصف وقت فراغهم اليومى (ما يزيد قليلا عن 4 ساعات) على أجهزة التلفزيون أو أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى، كما أشار التحليل أيضا إلى أنه فى عام 2000، كان 14% من أولئك الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر يستخدمون الإنترنت، والآن وصلت النسبة إلى 73%. وبينما كانت ملكية الهواتف الذكية غير شائعة فى جميع الأعمار فى مطلع القرن الحادى والعشرين، أصبح الآن نحو نصف الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاما أو أكثر، يمتلكون هواتف ذكية.

ورغم مسارعة العديد من كبار السن إلى اقتناء هذه الأجهزة الحديثة، لكن يظل بعضهم غير واثق من استخدامها، بل ويشعرون بعدم الثقة والإرهاق والإحباط. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يثابرون، يمكن أن تكون المكافآت وفيرة: إكمال المهام بسهولة أكبر، والتواصل بشكل أكثر فعالية، وزيادة الاستقلالية والشعور بالإنجاز، وغيرها من الأشياء المهمة التى تجعل حياتهم اليومية أسهل.

ووفقا لليزا مارش رايرسون، رئيسة منظمة الرابطة الأمريكية للمتقاعدين، فإن حوالى 40% من الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر، يعانون وحدة كبيرة والتى من الممكن أن يكون لها تأثير سلبى كبير على صحتهم، كارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، بجانب الاصابة بالاكتئاب ومرض الزهايمر، ومن هنا تأتى أهمية منصات الدردشة المرئية مثل سكايب وفيس تايم، وما تقدمه لكبار السن من القدرة على الاتصال بأحبائهم خاصة فى الأوقات الصعبة، حينما فرض فيروس كورونا قواعده التباعدية على الجميع.

جعبة التكنولوجيا مليئة بالمساعدات بالنسبة لكبار السن، مثل التسوق عبر الإنترنت والحصول على خدمة التوصيل إلى المنازل. فقد أصبح أى شىء يريدونه على بعد نقرة واحدة دون تكبد عناء الخروج من المنزل أو القيادة. يمكن أيضا الوصول إلى الحسابات المصرفية وتحويل الأموال دون الحاجة إلى زيارة أحد البنوك شخصيا.

التقدم التكنولوجى سمح أيضا للأبناء بالاطمئنان على آبائهم وأمهاتهم دون حاجتهم إلى الوجود فى نفس المكان، إذ يمكن لأجهزة المراقبة الشخصية أن تفعل كل شىء بدءا من مراقبة حركة من يرتديها، وصولا إلى إرسال تنبيه إلى أفراد الأسرة فى حالة ملاحظة أى تغيير. هناك أيضا العديد من أنظمة أمان المنزل اللاسلكية الرائعة التى ترتبط بالتطبيقات، بحيث يتلقى أفراد العائلة إشعارات إذا لم يتم إغلاق الأبواب أو النوافذ، أو إذا تم اكتشاف دخيل فى منزل كبار السن.

يمكن أن يكون لاستخدام التكنولوجيا فى أى عمر إيجابيات وسلبيات، لكن الأبحاث أثبتت أن كبار السن يمكنهم تقديم منظور فريد، باستخدام الحكمة المكتسبة من الحياة، إذ يمكنهم الرجوع خطوة إلى الوراء والاعتراف بأن التكنولوجيا لها عيوبها، ولكن تبقى المثابرة هى طريقهم الوحيد للاتصال رغم أنف العمر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق