رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى «مائدة مستديرة» بالمجلس المصرى للشئون الخارجية
دعوة لإيجاد صيغة «توافقية عربية» بشأن وضع سوريا فى «الجامعة»

إيمان أبو العطا
منير زهران .. عزت سعد

لا تزال الأزمة السورية تراوح مكانها ضمن أزمات عديدة مُنِيَت بها المنطقة العربية منذ أوائل العقد الماضى على وجه الخصوص.

وعلى الرغم من حالة التهدئة النسبية التى طرأت على هذه الأزمة، فإنها لا تزال تنطوى على العديد من عوامل الاختلاف والتنافر، وربما التصعيد المستقبلى مرة أخرى، لا سيما وأن عملية التسوية تشوبها حالة من الجمود، الذى يجب كسره لإيجاد حل نهائى للأزمة التى أنهكت أوصال التراب السورى وشعبه. 

وجاء ذلك خلال ندوة نظَّمها المجلس المصرى للشئون الخارجية حول مائدة مستديرة تحت رعاية السفير منير زهران رئيس المجلس والسفير عزت سعد مدير المجلس، وبمشاركة السفير أحمد رخا، وجمع من المشاركين السوريين، وذلك تحت عنوان «فرص تحريك التسوية فى سوريا»، حيث تناولت عدة محاور، هي: مستقبل النظام السورى فى ظل ضغوط الداخل والخارج؛ وفرص تسوية الأزمة السورية وتحدياتها، خاصة فيما يتعلق بمواقف كل من إيران وتركيا، والحوار الكردى – الكردي. 

وقد استُهِلَّت الحلقة بالإشارة إلى وجود العديد من التحديات التى تواجه عملية التسوية، والتى من بينها فشل مجلس الأمن الدولي، فى جلسته المغلقة المنعقدة فى 31 أغسطس الماضى بشأن سوريا، فى الاتفاق على بيان مشترك فى هذا الشأن، وتصريحات المبعوث الدولى لسوريا جير بيدرسون التى أقر فيها بـ«فشل المسار السياسى» ودعوته لأعضاء المجلس لتوحيد موقفهم لكسر الجمود فى الملف وإحياء العملية السياسية.

كما تم التطرق إلى الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مجموعة السبع الصناعية الكبرى فى لندن، والذى كشف عن بعض أوجه التغير فى موقف واشنطن وحلفائها إزاء الملف السوري، وتراجع القضية على سلم أولويات الرئيس جو بايدن، حيث أشار البيان الختامى الصادر عن الاجتماع إلى النقاط المعروفة فى بيانات سابقة، لا سيما وضع القرار «2254» موضع التنفيذ، والملف الكيماوي، ووصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية فى الشمال.

ومن بين التفاهمات التى تمت بشأن سوريا فى قمة 16 يونيو الماضى بين بايدن وبوتين، موافقة روسيا ــ بعد تهديدات باستخدام حق النقض ــ على قرار مجلس الأمن رقم 2585 فى 9 يوليو الماضى بتمديد التفويض الممنوح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أجل مواصلة عمليات إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر وحيد هو «باب الهوى» الحدودى مع تركيا إلى أكثر من ثلاثة ملايين سورى شمال غرب سوريا.

ومن الواضح، كما جاء فى نقاشات الندوة، أن هناك تحولاً فى موقف إدارة بايدن من الملف بالمقارنة بإدارة ترامب التى قامت سياستها على أساس ممارسة «أقصى ضغط» على دمشق والتزام «الصبر الإستراتيجي»، من خلال استخدام أدوات، منها العقوبات، وعرقلة إعادة الإعمار، وفرض العزلة على دمشق، إذ يظهر تراجع الملف على أولويات إدارة بايدن من خلال مؤشرات عدة، أبرزها أن بايدن لم يأتِ على ذكر سوريا فى أى من خطاباته الرسمية حول سياسته الخارجية، وأن إدارته لم تقم بتعيين مبعوث خاص لسوريا حتى الآن، كما أنه لم تكن هناك ردود فعل أمريكية قوية على حملة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف للتشجيع على إعادة سوريا إلى «الحضن العربي»، فيما لم تصدر أى عقوبات جديدة بموجب «قانون قيصر»، من الإدارة الجديدة.

ومع ذلك، ووفقا لما ذكره المشاركون فى الندوة، تظل المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه سوريا كما هي، وتتمثل في: دعم قوات سوريا الديمقراطية ضد قوات الرئيس السورى بشار الأسد وحلفائه؛ والحفاظ على ما تحقق من نجاحات، مع تفادى الانزلاق لحرب واسعة لا تريدها واشنطن، ومباركة غارات إسرائيل على المواقع الإيرانية فى سوريا، ورفض الاعتراف بشرعية بشار وإعادة انتخابه.

ومن غير المرجح رفع العقوبات عن الأسد أو تخفيفها أو السماح بالتطبيع معه أمريكياً وأوروبياً.

وفى هذا السياق، قررت واشنطن الإبقاء على وجودها العسكرى فى «التنف»، وفى المناطق الشمالية ــ الشرقية، وربط انسحابها بانسحاب القوات الإيرانية.

وتؤكد واشنطن أن بقاءها فى سوريا يصب فى خدمة مصالحها ومصالح حلفائها، كما يحقق الاستقرار فى المنطقة.

كما لا يجب استبعاد انعكاسات لعودة الولايات المتحدة إلى الملف النووى الإيرانى على الوجود العسكرى الإيرانى فى سوريا، كما تظل تراوح مكانها مسألة وجود عشرات الآلاف من عناصر تنظيم «داعش» السابقين والمقيمين حالياً فى معسكرات اعتقال، والتى تهدد بإنتاج جيل جديد من العناصر الإرهابية شديدة الخطورة فى قلب الشرق الأوسط.

وبالنسبة لعودة سوريا لعضوية الجامعة العربية، أشار المشاركون إلى تصريح أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة مؤخراً بأن العودة السورية يجب أن تكون «عبر توافق الآراء»، وأن «هذا التوافق لم يتوافر بعد».

وتشير بعض التقديرات إلى إمكانية حدوث انفراجه فى الموقف العربى من سوريا مع التقدم فى مفاوضات فيينا لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي، ورفعها العقوبات تدريجياً عن طهران، وبالتطورات المحتملة لمحاولات التقارب بين السعودية وإيران.

واتفق المتحدثون على أن الولايات المتحدة هى الداعم الأكبر لأكراد سوريا منذ بداية الأزمة، كما شهدت الفترة الأخيرة محاولات روسية لتطوير العلاقات معهم، والسعى لتقريب وجهات النظر بينهم وبين الحكومة السورية.

وأشارت الندوة إلى أن روسيا لا تزال هى القوة الحاسمة فى سوريا، ومن المشكوك فيه أن تسفر الضغوط الاقتصادية الغربية على حكومة دمشق عن إجباره على التفاوض، كما أن العقوبات لم تسفر عن شيء.

ومن هنا، لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها مصرين على حرمان الأسد وداعمته روسيا من الانتصار، أما إيران، فما تزال قوة حاضرة فى سوريا، رغم الضغوط العسكرية الإسرائيلية المستمرة على الوجود الإيرانى لإخراجه من سوريا، وهناك توافق عام حول إصرار إيران على الحفاظ على وجودها وانتشارها الواسع فى سوريا بالرغم من إدراكها ضعف إمكاناتها وإمكانات الحكومة السورية فى الرد على الهجمات الإسرائيلية.

وأشارت الندوة إلى أن الخلافات وتعارض المصالح بين روسيا وإيران فى سوريا لا تزال مكتومة، ولم تبلغ بعد مستوى الأزمة المعلنة، ومع ذلك، تدرك طهران أن الحرب الجارية ضدها من قبل إسرائيل لا تثير قلق موسكو طالما أن ضربات إسرائيل لا تضر بالمصالح الروسية، كما لا يخفى على أى مراقب التنافس المتزايد بين البلدين فى إطار سعى كل منهما لتأكيد دوره فى تقرير مصير سوريا، وهو ما يبعث على الاعتقاد بأن هذه العلاقات قد تتدهور فى المستقبل، خاصة إذا ما عادت واشنطن إلى الاتفاق النووى مع إيران وتحسنت، بالتالي، علاقات البلدين، ومن جهة أخرى، من المرجح أن تستمر موسكو فى حوارها مع تل أبيب من أجل البحث فى إمكانية ترتيب تفاهمات بين إسرائيل والرئيس الأسد. 

وإجمالاً، أشار المتحدثون إلى أن الجزء الأكبر من حل الأزمة السورية يكمن فى الإرادة السياسية الداخلية فى سوريا، وكذا إرادة القوى الإقليمية والدولية، لإحداث وإيجاد مساحة ممكنة للتسوية فى سوريا.

وفى هذا الصدد، أوصى المشاركون بإيجاد صيغة توافقية عربية بشأن الوضع الخاص بسوريا فى الجامعة العربية، بالإضافة إلى بذل ما يمكن من جهود لتثبيط التطورات السلبية التى تشهدها سوريا، والتى من المرجح أن تكون لها عواقب وخيمة فيما بعد.

وفى هذا السياق، تم التأكيد على الموقف المصرى فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية ووحدة ترابها الوطنى وتسوية الصراع هناك على أساس التوافق الوطني، وبما يضمن عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق