رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قوت القلوب الدمرداشية .. «أم المريدين»

وفاء نبيل
> قوت القلوب الدمرداشية

قوت القلوب هانم هي سليلة الأسرة الدمرداشية، التي حضرت إلى مصر من أحد أقاليم القوقاز، بأمر السلطان المملوكي أبو الناصر قايتباي، لإقامة زاوية للطريقة الخلوتية الصوفية، وكان لقب أسرتها يعرف بـ "تمر تاش" و تحول فيما بعد إلى دمرداش، وفي بعض صفحات التاريخ ما يشير إلى أن ثروة أسرتها تكونت مما أغدقه قايتباى على كبير الأسرة الشيخ شمس الدين دمرداش، بعد ما قدم للسلطان مساعدة روحية كبيرة فى شأن كان قد أهمه، وشغل خاطره.. ومن وقتها كرس الشيخ شمس الدين حياته لمساعدة أهل مصر من مريدى الطريقة الخلوتية، وبعدها أخذ عبد الرحيم الدمرداش حفيد شيخ مشايخ الطريقة الدمرداشية، والذى كان قد أنهى تعليمه بالأزهرـ فى التوسع بنشر فكره المتسامح، وطريقته الطيبة فى جذب أعيان المصريين، خاصة العلماء، ورجال الدين، واتسع ثراء الأسرة فى عهد محمد على، حيث أمدهم بالأراضي الشاسعة، والمال الوفير. وسمح لهم بخدمة الناس.

من هنا جاءت نشأة الأديبة الثرية، التي نضجت شخصيتها مبكرا، حيث ساعدت والدها الشيخ عبد الرحيم فى خدمة نساء وبنات المريدين، فكانت ذات علم واطلاع واسع، مكنها من تقديم المشورة الدينية، والدعم الروحى للنساء، حتى عرفت وقتها بـ "أم المريدين".

ورغم النشأة الدينية لقوت القلوب التي خرجت إلى الحياة في عام 1892، حيث كانت تردد دائما جملتها الشهيرة "ولدت تحت أقدام مئذنة" إلا أنها كانت سيدة متفتحة حيث حرصت على إقامة صالون ثقافى في العهد الملكي يناقش قضايا الأدب، ويجتمع فيه أعلامه، وكانت تقيم مسابقة أدبية بين الأدباء الشباب لتحفيزهم، وقد فاز بها أديبنا الكبير الراحل نجيب محفوظ، وكانت جائزتها المالية المقدرة بعشرين جنيها مجزية جدا. وحرصت قوت القلوب واسعة الثراء، على عمل الخير كدأب أبيها، وجدها، حيث تركا لها أموالا كثيرة، وأراضي شاسعة، وتبرعت بقطعة الأرض المقام عليها جامعة عين شمس حاليا، وكانت تتبرع بألف جنيه سنويا لكلية طب عين شمس، وخمسين ألف جنيه ذهبي، لمستشفى الدمرداش، التى أسسها والدها قبل وفاته، وأوصاها بحسن إدارتها من بعده.

ورغم أعمالها الخيرية الكثيرة، إلا أنها اختلفت مع ثورة يوليو، بعد مصادرة بعض أراضيها، وقصرها الذى كانت تعيش فيه بميدان التحرير، وسافرت بعدها لتعيش فى إيطاليا، وتبدأ الكتابة فى سن الخامسة والأربعين، لتدخل عالم الأدب، بكتاب "مصادفة الفكر"، وكانت كبقية أبناء جيلها من الأرستقراطيين الذين لا يجيدون اللغة العربية، ويتقنون الفرنسية، فعرفها الغرب كأديبة مصرية تكتب باللغة الفرنسية، حتى نصحها نجيب محفوظ بأن تترجم أعمالها للعربية، حتى تنال شهرتها ككاتبة حقيقية، قائلا لها إنها بمجافاتها للغة العربيىة تظلم رواياتها، وبالفعل تمت ترجمة كامل أعمالها، وكان أبرزها روايتا "رمزة" و"زنوبة" اللتان تصفان أحوال ومعيشة النساء فى مصر، فضلا عن رواية "حريم"، فى وقت كن ممنوعات فيه من التعليم والخروج إلى الشوارع بمفردهن، ورصدت بعض أحوالهن السيئة، وحياتهن التى يضيعنها فى "مكائد الحريم"، ثم ترجمت رواياتها إلى العديد من اللغات، أهمها الإنجليزية، والألمانية. وتوفيت قوت القلوب بألمانيا عام 1968، بعد أن أثرت الأدب برواياتها المكتوبة بالفرنسية، وعاشت تجاهد بكل ما أوتيت من مال، وعلم، وقوة، فى المجال الطبي، والخيري، والثقافي لعشقها لمصر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق