تبتسم حين تأتى كل مساء ممتطيا صهوة جواد نشوة رحلتك التى تبدأ منذ لحظة عودتك من مدرستك الابتدائية الواقعة على رأس شارعك.. تتسلل بتؤده من الباب الخلفى لمنزل أبيك حتى لا يثنيك أحد عن تحقيق مأربك اليومى بصحبة أقرانك الذين يأتونك بحبات الزلط الصغيرة فتضعها حبة تلو الأخرى فى نبلة الصيد فتقع عصافير الأشجار والاسلاك الكهربائية بين ايدى الصغار الذين تستهويهم رائحة الشواء.. كم يبهرك فعل الصيد الذى يجعلك مزهواً بنفسك.. تدور بك عجلة الأيام.. أكثر من مرة رآك أهلك وأصحابك حين عودتك من الاجازات مرتدياً زيك العسكرى الزيتى اللون.. تقضى بعض أيام الإجازات مع رفاق شارعك الذين يتابعون معك فعل الصيد منتشين بك وبقدرتك الفائقة على صيد أكبر قدر من العصافير فتفوح رائحة الشواء مجدداً بعد فترة انقطاعك عنهم.. كانت اوقات تدريبك العسكرى على الرماية فى أسعد أوقاتك.. وحين هبت رياح الحرب كانت وقفتك وسط الميدان.. تقنص دبابة ودبابة فأحرقت دبابات كثيرة هنا وهناك, بدت كأنها عصافير صغيرة وضعيفة لا تقدر على حماية نفسها من بطش سلاحك.. فيزداد إصرارك على صيد المزيد منها.. تؤازرك تكبيرات الرفاق الذين لمحت فى وجوههم تلك الوجوه القديمة التى كانت تصحبك إلى محطة القطار يجمعون لك قدراً كبيرا من حبات الزلط الصغيرة التى تضعها حبة تلو الأخرى فى نبلة صيد العصافير.
رابط دائم: