رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحاجز النفسى

أحمد البرى;

أنا طبيبة على قدر كبير من الجمال، ومثقفة، ولدىّ ميول أدبية، وعمرى ثلاثة وأربعون عاما، وأبدو أصغر من سنى بكثير، وقد ارتبطت بشخص نرجسى، أظن أنه كان يحبنى، ولكن بطريقته ـ على حد قوله ـ وخرجت من علاقتى معه برغبتى بعد أن كدت أفقد عقلى، وتمنيت أن أكمل حياتى مجددا فى علاقة ناجحة مع شخص أقتنع به، وليس كالمرة السابقة، وقد قابلت الكثيرين، وفى لقائى بكل منهم يواجهنى حاجز نفسى، فإما أننى لا أقتنع بمن أظنه مناسبا، أو أن يكون غير مناسب، وفقا لمواصفات يرى البعض أنها مبالغ فيها.

والحقيقة أننى أعانى «أزمة ثقة»، وقد تفاقمت بسبب تجربة ارتباطى السابقة، حيث أبحث عن الأمان والاحتواء، وحياة تسعدنى، ولكنى أصطدم بشخصيات مشوهة، ولا أضع نفسى فى مرتبة أعلى من الآخرين، ولكنى أحاول أن أكون إنسانة طبيعية قدر استطاعتى، فلكل منا «تشوهه الخاص» ـ إن جاز التعبير ـ الذى قد يضفى على شخصيته مساحات من الحزن والألم.. أضف إلى ذلك نظرة المجتمع للمطلقة، وكأنها امرأة تفتقد إلى شىء ما، فهو مجتمع مريض يرسم مساحة من الأذى النفسى للمطلقة، وينظر إليها كسلعة.. أليس من حقها أن تحيا، وأن تبحث عن السعادة التى سلبت منها؟..

إننى أعترض على الارتباط بشخص متزوج لأسباب عديدة منها أننى لا أود أن أؤذى امرأة مثلى، فهذا شعور لا يحتمل لأى زوجة، لما يتركه من أثر على حياتها وأولادها، ثم أين هو الرجل الذى يدرى ماهية العدل، ويعرف أن هناك آلاف الأحكام التى تحمى للمرأة حقوقها؟، فعقله يقف عند نقطة «مثنى وثلاث ورباع» دون أن يعى الأسباب والدوافع والشروط اللازمة للتعدد.. إن الحياة ليست صفقة، والمرأة ليست سلعة، فالنساء يردن رجالا يدركون معنى «الاحتواء»، فأين هم فى هذا الزمان؟.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

تُعد الثقة بين الزوجين أساس العلاقة الزوجية، وما أن تهتز هذه الثقة بينهما حتى تبدأ العلاقة فى التوتر؛ فتصبح مليئة بالمشكلات، فالثقة المتبادلة أمانٌ لهما، وعندما يتحمّل كلُّ طرف مسئولية كسب ثقة الآخر؛ يكون زواجهما فى أمان، ولا شك فى أن الكذب سلوك سيئ، ودليل عدم الثقة بين اثنين، ومؤشِّر على ضعف علاقتهما، ويخطئ أيٌّ منهما إذا اعتقد أنه لا يوجد حل لمشكلاته مع شريك حياته إلا بالكذب، فالكذب طريق سهل لتجنُّب المشكلات، لكنه علاج مؤقت ويُضعف العلاقة الزوجية، بل إنه قد يتسبب فى تدميرها؛ لأنه يُنهى الثقة بينهما.

ولتقوية الثقة بينهما؛ يجب عليهما أن تتطابق أقوالهما مع أفعالهما، وأن يكون كل طرف واضحا مع الطرف الآخر، وأن تكون هناك مشاورة بينهما فى اتخاذ القرارات، وأن يُجَنِّبَا بعضهما المفاجآت الثقيلة، والحفاظ على الحوار المستمر.

وعندما تصبح العلاقة الزوجية مجرد صورة، ويخلو كل شىء بينهما من معناه الفعلى، وعندما تفرغ تلك العلاقة الرائعة من محتواها الحقيقى، يصبح وقتها استمرار الحياة الزوجية أمرا صعبا، فالفشل فى الحصول على اهتمام الطرف الآخر، يؤدى إلى التباعد التدريجى، وتظل الفجوة النفسية بينهما فى الزيادة.

ولا شك أن اشتعال العاطفة قبل الزواج يؤدى إلى التغاضى عن عيوب الطرف الآخر منذ البداية، فالانشغال بالحب دون إعمال العقل فى سمات الطرف الآخر وتعرف مزاياه وعيوبه، قد يضيع على الطرفين فرصة الإفادة من المزايا، ويضعهما فى مواجهة التعامل المباشر والصعب مع العيوب التى كان يمكن تجنبها منذ البداية.. هذا إلى جانب عدم السعى الحثيث للوصول إلى السعادة المنتظرة من الزواج، وانتظار الطرف الآخر حتى يعمل وحده على تحقيقها، فمن السذاجة أن يظل أحد رهن شىء منتظر قد لا يجيئ، فيؤدى هذا الانتظار الكئيب إلى الرتابة والملل.

ومن أسباب الانفصال النفسى بين الطرفين، عدم اعتمادهما مبدأ «المصارحة»، وتجنب المناقشات التى تتناول تحليل المشكلات التى يتعرضان لها، مما يؤدى إلى إقامة حاجز بينهما، ويزداد سمك ذلك الحاجز بزيادة عدم الصراحة فى التعامل، كما أن العنف المتبادل، سواء كان من جانب الزوج تجاه زوجته، أو من الزوجة لزوجها، يثير مشاعر سيئة، أبرزها النفور بينهما، ومن ثمّ تدمير علاقتهما.

إن التعامل بمرونة مع المشكلات، وتبادل الآراء الجادة، مع تقديم كل ما يستطيعه أحدهما من تنازلات، هو الطريق الأفضل قبل أن يندم كلاهما، ولن يفيد الندم أحدهما بشىء، فإنه يأتى وقت عليهما يتمنى كل منهما لو تنازل عن كل ما كان يتمسك به فى مقابل إنهاء حالة الانفصال المزرية التى يتمنى الخلاص منها بأى شكل من الأشكال ولكنه لا يستطيع، فيكون الطلاق.

ولكل ذلك يجب وضع النقاط على الحروف منذ البداية، ولو حدث الطلاق، فإنه لا يعيب أيا منهما، فهو لا يعنى سوى أن كليهما فى حاجة إلى نصف آخر يتكامل معه، والمطلق كالمطلقة، ويجب التعامل بين الجميع على هذا الأساس، فاهدئى بالا، وسوف يأتيك نصيبك العادل حين يأذن الله.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق