-
موقفنا ثابت من القضية الفلسطينية .. والتطبيع شأن سيادى داخلى.. وحريصون على استقرار ليبيا
-
على المصريين أن يفخروا ببلدهم.. وما تحقق من إنجازات «معجزة »
أكد أسامة بن أحمد نقلى السفير السعودى بالقاهرة، أن العلاقات المصرية السعودية فى أفضل حالاتها، مشيرا إلى أن التنسيق السياسى بين قيادتى البلدين وصل إلى أعلى مستوياته، وهو ما عكسته الزيارات المتبادلة والمستمرة خلال السنوات الأخيرة بين الجانبين، ذلك وفق حواره مع «الأهرام»، بمناسبة اليوم الوطنى الحادى والتسعين للمملكة.
وقد عبر السفير السعودى بالقاهرة فى بداية حديثه، عن إعجابه الشديد وانبهاره بالشخصية المصرية، قائلا «عليكم أيها المصريون أن تفخروا ببلدكم وبما حققتموه»، فما يحدث فى مصر «معجزة» بكل المقاييس، وما أراه من إنجازات تنفذ على أرض الواقع كل يوم، ما هو إلا دليل جديد على أن إرادة المصريين هى الراعى والحامى الوحيد لتلك الإنجازات.
وتطرق نقلى أيضا ـ فى حواره مع «الأهرام» ـ إلى الحديث عن العديد من الملفات الشائكة، التى كثيرا ما شغلت الرأى العام العربى والعالمى، حول سياسات المملكة تجاه بعض القضايا ذات الطبيعة الخاصة، حيث تحدث عن موقف بلاده من سد النهضة، وتطورات القضية الفلسطينية واتفاقات التطبيع التى وقعتها مؤخرا بعض دول الخليج مع إسرائيل، إلى جانب سياسات الرياض تجاه أزمات ليبيا واليمن والصحراء المغربية.
كيف ترى التعاون المشترك بين مصر والمملكة فى الوقت الراهن؟
العلاقات السعودية- المصرية فى أفضل حالاتها، واللقاء الودى الأخير بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وصاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد الذى جرى مؤخرا بشرم الشيخ يعكس طبيعة هذه العلاقة ورسوخها، ومستوى التنسيق القائم بين البلدين على أعلى المستويات. وهذه العلاقات تستمد قوتها من الزخم الشعبى بين الشعبين الشقيقين اللذين تربطهما أواصر الدين والعروبة والدم والمصير المشترك ، وكلها عوامل كانت دائما وأبداً تشكل اللبنة الأساسية للعلاقة التاريخية على مر العقود لترتقى إلى مستوى العلاقة الإستراتيجية من واقع إبرام ما يقارب من 70 اتفاقية وبروتوكولا ومذكرة تفاهم بين المؤسسات الحكومية للبلدين
لكن من الملاحظ أن التنسيق السياسى بين البلدين وصل لأعلى مستوياته خلال السنوات الأخيرة.. فما تعليقكم؟
التنسيق والتشاور السياسى بين البلدين تعكسه اللقاءات والاتصالات المستمرة بين قادة البلدين, فضلا عن التنسيق على المستوى الوزارى وكبار المسئولين فى البلدين، وتشكيل لجنة “المتابعة والتشاور السياسي” برئاسة وزيرى خارجية البلدين إحدى الآليات المؤسسية لبحث مجمل القضايا الإقليمية والدولية فى مواجهة التحديات المشتركة وخدمة قضايا أمتينا العربية والإسلامية وخدمة الأمن والسلم الدوليين..
مادمنا تحدثنا عن التنسيق السياسي، يهمنا أن نقف عند أزمة سد النهضة لاستيضاح موقف المملكة من هذه الأزمة بصورة أكثر دقة
يستند الموقف المصرى والسودانى إلى الحفاظ على الحقوق المائية لدول حوض النيل الثلاث، بما لا يضر بمصلحة أى منها وفقا للاتفاقيات الدولية، والمملكة من جانبها تدعم هذا الموقف وتتطلع للوصول إلى اتفاق عادل بين جميع الأطراف .
كيف تقيمون موسم الحج لهذا العام، على ضوء قرار المملكة بقصر أداء الفريضة على المواطنين والمقيمين؟
حقق موسم حج هذا العام نجاحا كبيرا، وفقا لمؤشرات القياس الأساسية التى أعلنتها وزارة الحج، وكشفت خلالها أن مؤشر الصحة والأمن بلغ 100%، بينما سجلت الإصابات بفيروس كورونا والأوبئة والحوادث والوفيات والحج غير النظامى (صفر فى المائة)، وذلك على الرغم من التحورات الخطيرة التى شهدها الفيروس وانتشاره فى العديد من دول العالم، وزيادة نسبة الحجاج إلى 60 ألفاً.
وتحقق هذا النجاح بفضل من الله عز وجل، ثم بتوجيهات ودعم القيادة الحكيمة للمملكة، وبتعاون كل الجهات العاملة فى الحج، والتى أسهمت فى توفير جميع الإمكانات اللازمة، وتهيئة منظومة الخدمات الصحية والأمنية والتقنية لضيوف الرحمن لينعموا بأداء مناسكهم بأمن وأمان وسلامة.
تبقى ليبيا إحدى القضايا التى تحتل مساحة اهتمام مشتركة بين قيادتى البلدين، كيف ترى المملكة التطورات السياسية الجارية فى ليبيا مؤخرا؟
المملكة حريصة على أمن واستقرار ليبيا وتساند جميع المسارات التى تحفظ للدولة الليبية سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، ومن ثم، فقد دعمت المملكة كل الجهود السلمية لبلوغ هذه الأهداف فى ليبيا، بما فيها إعلان القاهرة ومخرجات مؤتمر برلين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولذا حظى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الليبية فى فبراير الماضى بترحيب حكومة المملكة باعتباره خطوة نحو الأهداف المأمولة للوصول إلى الاستقرار السياسي، والمضى قدمًا نحو التنمية ومنع التدخل الخارجى الذى يعرض الأمن الإقليمى العربى للمخاطر.
عادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد السياسى ، وذلك على ضوء الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، واتفاقات التطبيع التى وقعت مؤخراً بين بعض دول الخليج وإسرائيل.. هل لا تزال المملكة عند مواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية أم قد تشهد الفترة المقبلة تحركًا جديدًا؟
مواقف المملكة وقياداتها تجاه الشعب الفلسطينى وقضيته ثابتة و( جلية )عبر الأزمنة وتقوم على مبدأ أن القضية الفلسطينية هى قضية أساسية وجوهرية فى سياستها الخارجية ، وستظل كذلك حتى يستعيد الشعب الفلسطينى حقوقه وأرضه .
أما عن اتفاقات التطبيع، فإن حكومة المملكة تنظر لهذه الاتفاقات كشأن سيادى داخلي، وتأمل المملكة أن يكون لهذه الاتفاقات أثر ايجابى على مسار السلام، وأن تكون دافعا لإسرائيل للانخراط فى مفاوضات جادة مع الفلسطينيين للوصول إلى حل نهائى لهذه القضية، وتسوية عادلة تنتهى بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، والمملكة كانت أول بلد عربى يضع التطبيع مع إسرائيل على الطاولة، ليس فقط فى وقت المبادرة العربية للسلام عام 2002م، ولكن صراحة منذ عام 1982م بمبادرة الأمير (الملك) فهد بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد فى قمة فاس بالمغرب، وما زال لدينا نفس الرؤية .
ماذا عن موقف المملكة تجاه أزمة الصحراء المغربية ؟
المملكة حريصة على ايجاد حل سياسى وواقعى لقضية الصحراء المغربية على أساس التوافق بين الأطراف المعنية، وعلى ضوء هذا الموقف، تؤكد المملكة دعمها الجهود المبذولة من قبل المملكة المغربية من أجل الوصول إلى حل لهذا النزاع الإقليمي، وفقاً لقواعد القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة .
إذا عدنا للداخل السعودي، فإن رؤية 2030 تتصدر المشهد فى ضوء حجم الإنجازات التى تحققت بعد مرور 5 سنوات على إطلاقها، فهل يمكن إطلاعنا على حجم التقدم الذى تحقق فى بعض برامج ومحاور الرؤية؟
تشهد المملكة العربية السعودية طفرة غير مسبوقة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز من خلال رؤية طموح تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة، مستندة فى ذلك إلى ثروات ما فوق الأرض، بعد أن كانت التنمية تستند إلى ثروات ما تحت الأرض، والمتمثلة فى إصرار وعزيمة الإنسان السعودي، ولذا شملت الرؤية جميع قطاعات الدولة دون استثناء، وفتحت مجالات جديدة أهمها، السياحة والآثار والترفيه والبيئة، فأطلقت مبادرة السعودية الخضراء، وصافحت يدها الشرق الأوسط عبر مبادرة الشرق الأوسط الأخضر .
والآن، وبعد مضى خمس سنوات على إطلاق برامج الرؤية، يعيش المواطن السعودى إنجازاتها قائمة على الأرض فى كل القطاعات بالمملكة، وأبرزها؛ تحقيق التميز فى الأداء الحكومي، والارتقاء بمستوى الخدمات المعيشية، والتحول التدريجى من الاعتماد على الاقتصاد النفطى إلى اقتصاد المعرفة، وتطوير قطاعات التعليم والصحة والثقافة ،كما أعلن ولى العهد أن المملكة تقترب من تحقيق بعض من أهداف الرؤية قبل عام 2030.
أما القطاع الاقتصادي، فأطلقت الرؤية العديد من المبادرات التى وفرت بيئة جاذبة للاستثمار، ساعدت على تدشين مشروعات استثمارية كبرى، مثل: نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، وأسهمت فى نمو تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر ليصل إلى 17.625 مليار ريال، وتضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال فى عام 2020م، ودخول السوق المالية السعودية ضمن أكبر 10 أسواق مالية حول العالم، وارتفاع الإيرادات غير النفطية إلى 369 مليار ريال فى عام 2020م، فضلا عن خفض نسبة البطالة إلى 11%، وتقدم المملكة فى عدد كبير من مؤشرات تقرير التنافسية العالمية 2020م.
وفى قطاعى السياحة والترفيه أحدثت الرؤية نقلة نوعية كبيرة، عبر تطوير وجهات سياحية عديدة، من بينها: مشروع أمالا فى مدينة تبوك، ومشروع العلا، وتطوير بوابة الدرعية التاريخية، وتنظيم أكثر من 2000 فعالية رياضية وفنية وثقافية، أبرزها الفعاليات التى تقام ضمن مواسم السعودية، فى الدرعية والرياض والعلا وجدة، بالإضافة إلى فعاليات “صيف السعودية” الجارية حاليا.
كما أسهمت برامج الرؤية فى زيادة القدرة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن، وفى تعزيز الهوية الثقافية السعودية ودعم حضورها عالميًّا عبر تسجيل مواقع جديدة فى اليونسكو. ويبقى التوسع اللافت فى استخدام التقنيات الصديقة للبيئة وتبنى مشروعات الطاقة النظيفة مثل مشروع سكاكا للطاقة الشمسية، الذى يشهد على حجم ما أنجزته الرؤية فى هذا القطاع، ومن المقرر ، أن تسهم مشروعات الطاقة المتجددة بنسبة 50% من إنتاج الكهرباء فى المملكة بحلول عام 2030م.
وبالمثل، شهدت الصناعات العسكرية ارتفاعا ملحوظا فى نسبة توطينها لتصل إلى 8% مع نهاية عام 2020م، وجرى ولأول مرة الترخيص لـ 91 شركة محلية ودولية لمزاولة أنشطة الصناعات العسكرية.
اتخذ الموقف السعودى خلال السنوات الماضية من الحرب فى اليمن مسارين، هما العمل على عودة الشرعية وتقديم العون الإغاثى والدعم الاقتصادى للشعب اليمني.. إلى أى حد نجحت المسارات السياسية السعودية فى تخفيف معاناة الشعب اليمني؟
لابد من الإشارة إلى أن الجهود الدبلوماسية سبقت بمراحل كبيرة الأعمال العسكرية فى اليمن؛ حيث تدرك المملكة جيدًا أن حل الأزمة اليمنية لن يتأتى سوى بالجلوس على مائدة التفاوض بين جميع الأطراف، وهو ما تم تأكيده بموقف المملكة الثابت بقبول الحل السياسى القائم على المرجعيات الثلاث(المبادرة الخليجية – مخرجات الحوار الوطني- قرارات مجلس الأمن ذات الصلة). وبرعاية المملكة تم توقيع “اتفاق الرياض” فى 5 نوفمبر عام 2019 بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالى الجنوبي، كما أعلنت المملكة فى مارس الماضى “مبادرتها لإنهاء الأزمة فى اليمن” عبر وقف شامل لإطلاق النار، وفتح مطار صنعاء، وغيرها من الإجراءات الأخرى التى تستهدف تحقيق تطلعات الشعب اليمنى وتخليصه من أزماته. وفى الوقت الذى استجابت فيه المملكة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار فى اليمن، واصلت الميليشيات الحوثية هجماتها على المحافظات اليمنية، وعلى الأهداف المدنية فى المملكة، وأعاقت عملية وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني .
أما على المسار الإنساني، فإن المملكة هى أكبر داعم للعمل الإنسانى والإغاثى فى اليمن، بحجم مساعدات تجاوزت 17.5 مليار دولار أمريكي، إيمانا منها بدورها الإنسانى تجاه الأشقاء فى اليمن منذ اندلاع الأزمة. ويشمل الدعم المقدم من المملكة شتى المجالات التنموية والإنسانية والإغاثية والإيوائية، فضلًا عن دعم البنك المركزى اليمني. ولم تقتصر جهود المملكة ودول التحالف على تقديم المساعدات فقط، بل امتدت إلى دعم وتسهيل عمل منظمات الإغاثة الدولية فى اليمن، وفتح الممرات لتوصيل المساعدات الإنسانية. وقد كان لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدور الأساسى فى تقديم المعونات الإغاثية، وتنسيق جهود المنظمات والهيئات فى تقديم المساعدات، وتوصيلها لمستحقيها، ويضاف إلى ذلك دوره فى تنفيذ المشروعات التنموية التى بلغت حتى شهر يوليو الماضى أكثر من 613 مشروعًا بتكلفة تقترب من أربعة مليارات دولار، وذلك بالتنسيق مع البرنامج السعودى لتنمية وإعمار اليمن، الذى يستمر أيضا فى تنفيذ أكثر من 198 مشروعًا ومبادرة تنموية فى قطاعات الصحة والبيئة والتعليم والزراعة والطاقة والطرق والموانئ والكهرباء والمياه، يستفيد منها أكثر من ستة ملايين مواطن يمني. استكمالا لدعم الاقتصاد اليمني، قدمت المملكة دعما لخطة الاستجابة الإنسانية فى اليمن، بملغ يزيد على مليار دولار خلال عامى 2018 و 2019م، وكذلك ما يقرب من مليار دولار من خلال مؤتمرى المانحين الدوليين 2020 و 2021م.
رابط دائم: