رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حيلة سينمائية وفرصة للنجاة

هدير الزهار

لم يقتصر دور الفن يوما على الترفيه وحده، وإن كان يمثل بالفعل أحد أهم أهدافه، غير أنه يحمل من الأهداف ما هو أسمى وأرفع، فهو أشبه بمرآة تعكس ما يحدث داخل المجتمع وعرض ما يشهده من تغيرات وتحولات سواء اجتماعية أو سياسية، إلى جانب عرض المشكلات والأزمات التى تؤرق أفراد المجتمعات بكافة اختلافاتهم وتوجهاتهم وطوائفهم. فالفن هو الأقدر على تجسيد أوجاع المهمشين وتسليط الضوء على معاناة الضعفاء. الفن يعد الأقرب للجمهور والأقدر على تصوير الواقع بحلوه ومره، فكثيرا ما يوجه بما يقدمه صفعة للمشاهدين لإعادة حساباتهم مجددا والتأمل فى أفعالهم.. ومن بين القضايا التى تناولتها الأفلام سواء العربية أو الأجنبية قضايا الصم ومدى أهمية لغة الإشارة لديهم لكونها سبيلهم الوحيد للتواصل مع الآخرين والشعور بوجودهم.

لطالما كانت لغة الإشارة هى السبيل الوحيد للنجاة بعدما بات إصدار أى صوت يعنى الاستسلام لمصير الموت، هذا ما تم تجسيده فى العديد من الأفلام الأجنبية الشهيرة، والتى لاقت نجاحا كبيرا وإشادة من النقاد، يأتى فى مقدمتهم الفيلم الأمريكى «Quite Place» أو «مكان هاديء»، بجزءيه الأول والثانى، وفيلم «The Silence» أو «الصمت»، وتتشابه القصتان بشكل كبير فى الحبكة الدرامية مع اختلاف التفاصيل، فقد تناول الفيلمان حياة أسرتين تكافحان من أجل البقاء فى بلدانهم التى باتت مهددة بكائنات متوحشة ومفترسة يبحثون عن فرائسهم من البشر من خلال الصوت، فتبدأ الأسرتان رحلة البحث عن ملاذ آمن، وقد حالفهما الحظ بأنه كان لكل من الأسرتين ابنة صماء أفرادهما يتعلمون لغة الإشارة للتعامل معها بسهولة ويسر، لذا فعقب ما تعرضوا له من هجوم الكائنات لم تكن هناك صعوبة فى التواصل مع بعضهم بلغة الإشارة فى حين لم تستطع غالبية الأسر من التواصل بها فكان إصدارهم أصواتا هو السبب فى هلاكهم والفتك بهم.

بينما استطاع الفيلم البريطانى الإنسانى «الطفلة الصامتة»، الحائز على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم درامى قصير، من استعراض كيف أن لغة الإشارة تعد للبعض فرصة وحيدة للحياة، وتحكى قصته عن طفلة صماء تعيش وسط أسرة مكونة من أبوين وأشقاء جميعهم معافون لكن لا يبذل أى منهم أى جهد للتواصل معها بل يعتمدون فقط على أنها تفهمهم من خلال قراءة الشفاه، حتى جاءتها مربية سعت لتعليمها لغة الإشارة، لتبدأ الفتاة الصغيرة الخروج من عزلتها وترتسم الضحكات على شفتيها. ورغم محاولة المربية أن تعلم أسرتها لغة الإشارة حتى يتمكنوا من التواصل معها، لكن الأم ترفض بحجة أنه ليس لديها وقت وتصر على أن تعلمها المربية قراءة الشفاه فقط، كما رفضت الأم أن تلتحق ابنتها بمدرسة خاصة للصم وألحقتها بمدرسة عادية، وقامت أيضا بطرد المربية،.فى اليوم الأول للفتاة فى المدرسة، ذهبت المربية للفتاة التى كانت تقف وحيدة بعدما فشلت فى التواصل مع زملائها.. وفى مشهد النهاية الذى كان من أكثر المشاهد المؤثرة، تذهب الفتاة للمربية أمام المدرسة وتقول لها بلغة الإشارة «أنا أحبك» فترد عليها المربية بالمثل ثم تبكى وتغادر.

فى حين جاء الفيلم الأمريكى «كودا» ليمثل طفرة جديدة للصم حيث تم وصفه بأنه الفيلم الذى أعاد للصم متعة المشاهدة، حيث استطاع تناول قضيتهم بالتركيز على تفاصيلهم الإنسانية والاقتراب من خصوصيتهم بعمق وحب. وفيلم «كودا»، المأخوذ عن الفيلم الفرنسى «عائلة بيليير»، يعد اختصارا لعبارة «Child of deaf adults» أى «طفل لبالغين من الصم» ويحكى عن عائلة مكونة من أب وأم وأبناء جميعهم من الصم ماعدا الابنة التى باتت بمثابة وسيلة الاتصال بينهم وبين الآخرين من خلال اتقانها للغة الإشارة، فالأسرة تعمل وتكسب قوتها من صيد وبيع الأسماك، ومن بين شروط الولاية التى يعيشون بها أنه لابد أن يكون هناك شخص على الأقل متكلم، وكانت الفتاة هى حلقة الوصل مع الجمهور، ثم تبدأ المشكلة مع رغبة الفتاة فى أن تشق طريقها الخاص فى عالم الغناء، لكن دورها فى مساعدة أسرتها على التواصل، وضعها فى حيرة كبيرة. ومن أجمل الأشياء فى الفيلم هو الواقعية، فالممثلين فعلا من الصم، وبطلته التى قامت بدور الأم مارلى ماتلن، هى الممثلة الصماء الوحيدة التى فازت بجائزة الأوسكار عن فيلم «أبناء الصمت» عام 1986، وهو أيضا أحد الأفلام التى تدور فكرته حول الفجوة بين عالمى الصم والصوت، وكيف أن كلا منهم يرغب فى جذب الآخر نحوه، فالفيلم يحكى عن قصه حب بين البطل، وهو معافى، والبطلة الصماء، ورغم تواصلهما بشكل جيد عبر لغة الإشارة إلا أن البطل يسعى للضغط على حبيبته لقراءة الشفاه والتحدث بالصوت مما يحدث خلافا بينهما لإصرار كل منهما على أسلوبه.. لكنهما فى النهاية قررا تعلم كيفية البقاء على اتصال بين عالمى الصمت والصوت.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق