رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هكذا تكون التربية

بريد;

كل مرحلة يمر بها المجتمع لها معطياتها، وسماتها العامة التى تصبغ فيها طباع من يعيشونها، والحقيقة أن مظاهر تفضيل رفاهية الأبناء وتدليلهم، وتلبية رغباتهم وأحلامهم مهما يتكلف ذلك، خاصة ممن يعملون خارج البلاد، قد تنبع من الرغبة فى تعويض حالة معاناة أوحرمان مر بها الآباء فى مراحلهم الأولى، أو افتقادهم بعض مظاهر الرغد والرفاهية فى تلك المراحل، وإذا أداروا رحى الزمن بإنصاف لأدركوا أن هذا الحرمان كان عاديا ليس يقصد به هؤلاء الثلة فقط من الآباء دون المجتمع!، وأن الآباء والأجداد قدموا كل ما لديهم، ولم يبخلوا بما عندهم إلا النذر القليل، فكثيرا ما نسمع من الآباء والأجداد عن الأسعار الزهيدة للبيوت والشقق والسيارات والأراضى، وندرة وقلة المال أيضا، وعدم القدرة على الشراء، ثم أتى عصر آخر استطاع الجيل الجديد فيه تغيير المعادلات والطبقات، ورفع المستوى المعيشى لهم ولأسرهم، وسعى أقرانهم ومعارفهم للسير على نفس النهج، من خلال الإصرار والسعى إلى تحسين أوضاعهم، ثم بدأت مرحلة محاولة الحصول على الرفاهية المفتقدة لهم ولأبنائهم، وهذا من حقهم بالطبع، ولكنهم تمادوا فى تحقيق الرغبات، ومعاملة الأبناء كأطفال يحتاجون إلى التدليل الدائم وتقديم كل شئ حتى العروس!، وهو أسلوب إفساد وإفشال للأبناء، وترتب على ذلك صعوبة تعديل سلوكهم الأنانى، بل صار الأمر يحتاج لمعجزة لإعادتهم إلى نمط الحياة الطبيعية التى تتطلب المثابرة والكد والعمل، وبالتالى سيتأخر هؤلاء عن أقرانهم عدة سنوات.

لقد أدركنا أن قسوة الآباء وحزمهم فى الماضى والإصرار على اعتماد الأبناء على أنفسهم وتركهم لخوض التجربة والتعلم منها؛ هو ما يصنع النجاح فى الحياة، وأن الذى نشأ على أن يصنع ألعابه بنفسه، ويبتكرها فى جو تعاونى من الود والمرح مع أقرانه؛ هو القادر على الإبداع والابتكار فيما بعد، إننا اليوم بصدد الأسف والندم على نوعية الأبناء الذين تعودوا على الأخذ دون العطاء، وجحودهم وطلبهم المزيد، ونحن الذين ألحقناهم بالمدارس الأجنبية خيالية المصروفات، والجامعات الخاصة العالمية، مع مصروف جيب يومى قد يصل إلى معاش أحد الموظفين المطحونين!، وكانت النتيجة عدم اكتراثهم بعدد مرات الرسوب، وعدم الإحساس بمرارة الوالدين رغم أنهم مشتركون مع أبنائهم فى الوصول لهذه المرحلة، وهكذا فقد أمثال هؤلاء الأبناء الثقة فى أنفسهم، وقدرتهم على مواجهة أضعف المواقف، ومن ثم الرجوع إلى الوالدين لتذليل جميع العقبات، وتصحيح الأخطاء بالتدخل المباشر وبالمال ايضا.. إن هذا النهج أو الأسلوب فى التربية والخوف الشديد على الأبناء، وخشية إرهاقهم أو الإثقال عليهم (قيد أنملة) لن يأتى منه سوى تربية أبناء كالطواويس الجميلة بألوانها الزاهية المذهلة وإزكاء غطرستها وكبريائها الأبدى، ولكنها لا تفيد فى شئ، فلا يؤكل لحمها، ولا يفضل عيشها فى المنازل لصوتها المزعج، وترفض «الطواويس» الاختلاط بالطيور المنزلية الداجنة رغم أنها منهما، ولا تطير، وإنما تقفز، كما تسرق البذور المنثورة فى الحقول، وتسمى «آفة المحاصيل الزراعية» لأنها تلتهم الثمار والمزروعات التهاما، وتسبب خسارة فادحة للفلاح وأصحاب المزارع، فمتى ننتبه إلى خطر تربية أبنائنا على طريقة «الطواويس»، فالتربية السليمة قائمة على المشاركة فى كل شئ حتى المسئوليات، ولا تعرف الأنانية بأى حال من الأحوال.

أحمد حمزه نمير

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق