الزوجة «الدلوعة»
> محمد بدوى: كعادتى كل أسبوع قرأت بريد الجمعة، واستوقفتنى رسالة الزوجة «الشكاية»، وقد رأيتها «زوجة دلوعة»، واسمح لى أن أقول لكاتبها: «زوجتك يا أخى لا حل، ولا إصلاح لها، فلقد مات أبوها وهى صغيرة، وربتها أم ضعيفة الشخصية، فلم تتعلم منها ما هى حقوق الرجل، ولا أصول الحياة الزوجية، ثم كان من نصيبها أنت أيها الزوج الطيب، وسوف تمارس معك هذا الأسلوب، فهى أنانية ـ متغطرسة ـ لا تحب سوى نفسها، وتعيش فى دولة عربية منذ اليوم الأول لزواجها، ولم تذق «عرق المواصلات»، ومع ذلك لا تحمد الله ولا تشكره، ولا تشكرك على ما تقدمه لها، بل مع الأسف تذيقك الحرمان، وتمنع عنك الكلام الطيب، وتعتبر نفسها صاحبة الفضل عليك، ولو عاشرتها مائة سنة لن تتغير، وستظل دائما وأبدا تسقيك مرارة الحرمان، مهما منحتها من حنان أو حب.
إن عشرات من بنات جيلها يذقن مرارة وضنك الحياة، وكل منهن تتمنى ربع ما تعيش فيه، أما أنت يا أخى فاشكر ربك على أنه أنعم عليك بالحج والعمرة أدامها الله عليك، واعلم أن هذا قدرك، وأن الحياة ليست زوجة حنون أو أم عطوف، واعلم أن عشرات الأزواج فى ضنك مثلك، بل وأكثر، وارض بما قسم الله لك، فهذا حظك من الحياة.. أعدها إلى القاهرة، وعش حياتك بعيدا عنها، واترك الأمر إلى أن يقضى الله بينكما بالحق.
حبيب العمر
> قارئة دائمة: رسالتى إليك لا تتناول مشكلة أعانيها، ولكنها رسالة إلى حبيب روحى، وهى بمثابة شكر وامتنان لزوجى الغالى: فأنا زوجة عمرى أربعون عاما، ومتعلمة، وتزوجت منذ خمسة عشر عاما، وزوجى يكبرنى بعشرين عاما، وكان زميلى فى العمل، وأعيش معه فى سعادة.. صحيح أنه تحدث بيننا بعض المشكلات أحيانا، ولكنها ليست بسبب أحد منا، والمتسبب فيها هم من حولنا، وكان هدفهم إفشال زيجتنا، وقد رزقنى الله منه بثلاثة أبناء (بنتين وولد)، وهو طول الوقت يحتوينى ويخاف علىّ، وانعكس حبه علىّ، فصرت أعشق التراب الذى يسير عليه، وأنتظر عودته من عمله لأتسابق أنا والأولاد على فتح الباب واستقباله، فهو نعم الزوج الصالح والحبيب والصديق والأخ.. هو كل شىء بالنسبة لى، ونصيحتى لكل زوجين: «انظرا إلى نصف الكوب الممتلئ، وحافظا على بعضكما»، وقد يسألنى أحد: ألا توجد لديك أو لديه عيوب؟.. فأجيب: نعم، ولكننا ننظر إلى صفاتنا الطيبة، ولا نتجاوز عما هو غير ذلك.
إن زوجى نبض قلبى، وحبيب روحى، والنفس الذى أتنفسه، فلا يترك أى زوجين المشكلات تتراكم حولهما، وتفسد حياتهما، فلا يعقل أن يكون هناك زوجان يعيشان تحت سقف واحد، وتوجد بينهما عداوة أو بغضاء.. فقط قد يوجد سوء تفاهم، واختلاف فى وجهات النظر، سرعان ما يتلاشى بالتقارب والحب.
أبناء زوجى
> أكتب إليك عن معاناة زوجى فى رؤية أبنائه من زوجته الأولى، فهو رجل محترم ويتمتع بأخلاق عالية، ويشغل مركزا علميا مرموقا، وتم تكريمه بالخارج، وقد أنجب طفلين من مطلقته، وهما قرة عينيه، وهى التى أصرت على الطلاق الذى لم يكن يبغيه، وهو ظل رافضا تطليقها حفاظا على طفليه، لكنها لجأت إلى الخلع وانفصلت عنه، وهى من قرية بإحدى المحافظات البعيدة عن المدينة الساحلية التى يعيش زوجى بها، والتى نشأ الطفلان بها، وتعمل أمهما فى المدينة نفسها، ولكن إمعانا فى إرهاق زوجى وتشتيته، ادعت أنهما يعيشان معها، ومع جدهما لأمهما فى القرية، فإذا أراد والدهما أن يراهما، عليه أن يذهب إلى القرية، فهى تحاول منعه من رؤيتهما، وكل ما تريده هو الإنفاق عليهما دون أى صلة بهما، وحتى جدهما، وجدتهما لأبيهما لا يستطيعان رؤيتهما لبعد المسافة، حيث تبعد القرية عن المدينة مسافة تقطعها السيارة فى حوالى أربع ساعات، وأحيانا يذهبون جميعا، ويفاجأون بعدم إحضار الطفلين.. منتهى العذاب.. وبالطبع هناك الآلاف ممن يعانون هذه المشكلة، ولابد من إدخال تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية لحماية حقوق الآباء فى رؤية أبنائهم والاطمئنان عليهم.
روح القانون
> د.م بلال محمد على ماهر ـ أستاذ متفرغ بجامعة المنوفية: القانون هو مجموعة من القواعد الجبرية التى تضعها السلطة التشريعية، وتصدر عن إرادة الدولة، والتى تحكم وتنظم العلاقات بين الدولة وأفراد المجتمع، وكذلك الأفراد فيما بينهم، كما تنظم سلوك الأشخاص الخاضعين لهذه الدولة أو الداخلين فى تكوينها من خلال بيان الحقوق والواجبات، بما يضمن نظاما شاملا عادلا للجميع، وتشمل هذه القواعد المواد الموثقة التى تحكم بين جميع الأطراف، وتفصل فى جميع القضايا العامة والخاصة، وينقسم القانون بوجه عام إلى فرعين أساسيين: القانون العام، والقانون الخاص، فالقانون العام يتعلق بالقضايا التى تكون الدولة أو المجتمع طرفا فيها ويشمل (الدستورى ـ الدولى العام ـ الجنائى ـ الإدارى)، أما القانون الخاص فيتعلق بكل ما يتصل بعلاقات الأفراد وتعاملاتهم الخاصة، ولا يعمل أى منهم بصفته صاحب سيادة، ويشمل: القانون المدنى وفروعه، والقانون التجارى كقانون العمل، وقانون الأسرة، والقانون الجوى، والقانون البحرى، وقانون التأمينات الاجتماعية، والقانون الدولى الخاص، ومن أهم مصطلحات ومرادفات القانون وأكثرها شيوعا (مادة القانون، ونص القانون، وصحيح القانون، وروح القانون (فالمادة القانونية تحمل رقم القانون وتحدد موقعه فى كل أصل وفرع، ونص القانون يشمل الموضوع وتصنيفه والأحكام الخاصة بشأنه، ومصطلح صحيح القانون يعنى صحة اختيار القانون الأمثل المناسب لكل موقف وموضوع وقضية، والذى يحقق العدالة المنشودة لجميع الأطراف.. أما مصطلح روح القانون فهو يعنى بالدرجة الأولى عدم التمسك بالتطبيق الحَرْفى للقانون، ومراعاة جميع الجوانب النفسية والإنسانية لجميع الأطراف فى إطار قانونى صحيح إعمالا للمقولة الشهيرة «الرحمة فوق القانون»، وكما جاء فى قوله تعالى: «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ «(الأعراف 156).
اندفاع كيدى!
> أحمد حمزة نمير: سنظل جميعا ننصح بالتروى قبل الزواج، والاقتناع برغبة الاستمرار والاستقرار في الحياة الزوجية بعد الزواج، وعدم الاغترار بما هو موجود من مال أو صحة، ثم التطلع والاستزادة بما هو مجهول لا يدرك عواقبه .. كل المشكلات تدور حول التسرع فى اتخاذ قرار الارتباط ثم عدم صبر الطرفين على بعضهما، ثم بحثهما عن شريك آخر على غير هدى، ويكون هذا البحث بشكل اندفاعى كيدى، لأنه لم يتأقلم سريعا مع الحياة الجديدة، ويريد إثبات أنه ظلم بهذا الارتباط الأول وأنه الطرف الأفضل.
إن أصعب سنه فى الزواج، هى السنة الأولى التى ينكشف فيها ما كان خافيا، أو تختفى بعض من اللباقة والأناقة، ويظهر الحرص المادى نوعا ما، والكلام عن الادخار السابق لأوانه، والميل للأهل والحنين إلى الجو الأسرى القديم، وطهى الأم الطعام ومذاقه الذى لا ينسى، ولكن هذا كله متوقع، ويمكن التغلب عليه ببساطة، والتعود على الحياة الجديدة المستقلة، والاستمتاع بالخصوصية، والتودد الدائم بينهما، والسكن والرحمة، ومشاركة الهوايات والأحلام الكبيرة، واتخاذ خطوات أولى معا صوب هذه الأحلام ليكون للحياة معنى وهدف، واتخاذ قرارات لا يكون لأحد سلطان عليهم سوى أنفسهم، وعدم تدخل الآخرين إلا فى استشارة الحكماء الأنقياء، وأهل العلم والخبرة، والاستعداد لجيل قادم يتشرب ويستقى من نهل منصهر من ثقافتين مختلفتين ورزق وفير قادم مع العمل والأمل و نقاء النية والتفاؤل.
أحد الكتاب كان يقول: الزواج الناجح كالمسرحية الناجحة تبكيك أولا ثم يصفق لها الجميع فى النهاية، ولابد أن يعرف الجميع أن كل الزيجات تحدث فيها خلافات ومشكلات، ولا يوجد توافق كامل أو تطابق متماثل فى الطباع أبدا، وإنما يحاول الناجحون التغلب على خلافاتهم ببساطة وخبرة، واستيعاب هذه الخلافات يكون بادرة من الطرفين لاستمرار رحلة العطاء، ودفع الأبناء إلى النجاح والتفوق فى حياتهم، ويتراجع البعض عند أول منعطف أو خلاف، وينتهى الأمر إلى الطلاق بسبب أمور بسيطة أو التسرع في اتخاذ هذا القرار.
إن إبليس لا يفرح بالقتل، ولا بالانتحار ولا بأكبر الذنوب والمعاصى بقدر ما يفرح بالطلاق والشرك بالله لأن الطلاق أبغض الحلال عند الله، فيظل يحاول ويعاود المحاولة لسحب الزوجين إلى الوقوع فى الطلاق، وهذا طبعا بخلاف الحالات التى يكون فيها الطلاق حتميا، ويخرج أحد الطرفين من رحم الحياة بعد معاناة أو مأساة.. إن كل العظماء عاشوا خلافاتهم الزوجية، وتغلبوا عليها بطريقة ما، وكتبوا تجاربهم ليستفيد بها الآخرون، وقد طال ذلك حتى الأنبياء والصحابة والعلماء والفلاسفة، ولا يعتقد البعض أننا نقصد أن السبب الأول هو المرأة فى بزوغ ونشأه الخلافات، وإنما ينشأ الخلاف من الطرفين على حد سواء.. سأل أحدهم سقراط وقال له: هل أتزوج أم لا أتزوج؟، فرد عليه: أنت فى كلتا الحالتين نادم، وقال لآخر: تزوج فإن وفقت فقد سعدت، وإلا ستصبح فيلسوفا، وقال أيضا: «لا يمكن للنجوم أن تلمع دون الظلام»، وقال: «الزواج كشبكة الصياد يتهافت عليه العزاب كالسمك تجاه الشبكة، والعالق فيه يظل يتخبط ليتخلص منه لكن دون جدوى».
رابط دائم: