رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«رسالة» من الطريق السريع
سائقو النقل الثقيل يكشفون الوجه الآخر للمهنة الشاقة

تحقيق ــ هانى عمارة ــ إشراف علا عامر
سيارة نقل ثقيل

  • د. خالد السقطى: النقل البرى يواجه تحديات برغم تحديث شبكة الطرق.. ومطلوب زيادة تأمين البضائع
  • اللواء مازن نديم: آن أوان إنشاء مدارس لتخريج سائق مؤهل فنيا ونفسيا
  • د. إسماعيل عبدالغفار: اتفاقية «التير» تلزمنا بمواصفات دولية لقائدى الشاحنات

 

يحملون أثقالا فوق أثقالهم.. يخالفون السير فى الحارة المخصصة لهم.. لا يتوقفون من أجل «ملاكى» صغير يمرق بجوارهم، ولا من أجل عابر مفاجئ يقطع الطريق أمامهم .. هذه بعض من عشرات الاتهامات، التى ترسم فى مخيلتنا جميعا صورة ذهنية سيئة عن شخصية سائقى الشاحنات فى مصر، إلا أن تكرار وقوع حوادث اعتداءات عليهم، فى أثناء رحلاتهم الطويلة، فى الآونة الأخيرة، كانت سببا فى تبديل الأدوار - ولو مؤقتا - من كونهم «متهمين» إلى كونهم «ضحايا» .. الحوادث كانت مجرد خيط تتبعناه بلقاءات وأسئلة، لنكشف عن وجه آخر لحياة سائق النقل الثقيل، وعن احتياجنا أيضا لمسايرة الضوابط والقواعد الدولية فى تحديث منظومة النقل البرى.

 

حكايات ومتاعب السائقين على الطرق لاتنتهى، فهم يعيشون حياة صعبة وقيادة الشاحنات ليست مسألة سهلة، خاصة أنها معرضة للسطو بسبب الحمولات والشحنات التى تقدر قيمتها بالملايين، وتكون مطمعا للصوص، ومع طول ساعات البقاء خلف مقود القيادة، تظهر مشكلات أخرى عندما يحل الظلام.

«هذه ليست المرة الأولى التى نتعرض فيها لاعتداء البلطجية «والمسجلين خطر»، سواء على مداخل ميناء الإسكندرية أو على الطرق السريعة» .. هذا ما قاله عبدالناصر محمد على الذى يعمل منذ سنوات سائقا على شاحنة بإحدى الشركات الخاصة، الذى تعرض لحادث بشع يحكيه تفصيليا بقوله: قبل أيام كنت قادما من ميناء السويس ودخلت إلى ساحة باب خمسين فى ميناء الإسكندرية بمنطقة كرموز والورديان، كان الليل يقترب من المنتصف وكان المكان مظلما إلى حد ما، نظرت فى المرآة وأنا فى كابينة السيارة فإذا بشخص يعبث فى الحاوية من الخلف، طبعا هذا العبث نعرفه جيدا وسبق ان تعاملنا مع عشرات الحالات المماثلة، وهدفه بالطبع فتح الحاوية وهو فى حد ذاته كارثة بالنسبة للسائق لأنه يتحمل المسئولية عن هذه البضائع التى غالبا ما تكون مغلقة من جانب السلطات الجمركية فى ميناء الصادر ولا يتم فتحها إلا من جانب رجال الجمارك أيضا فى ميناء الوارد، يعنى ببساطة – يضيف - إن لم أتمكن من منع فتح الحاوية وحماية هذه البضاعة فسوف يتم اتهامى بالسرقة وربما يصل الأمر إلى السجن، لذلك اندفعت من الكابينة بسرعة كبيرة نحو هذا الشخص ظنا منى أنه سوف يخاف ويجرى تاركا المكان بعيدا عن الشاحنة.

وكانت المفاجأة والصدمة أن اللص وقف متبجحا ولم يهرب، ثم أخرج سكينا وضربنى بها مرتين، الأولى فى رأسى والثانية فى ذراعى اليسري، وفى ثوان وجدت نفسى أستغيث وغريقا فى دمائى، تملكنى الخوف والوهم ولم أشعر بشىء بعد ذلك فقد دخلت فى حالة من الإغماء وعرفت فيما بعد بقيام عدد من السائقين بالتجمع لإنقاذى والإمساك بالبلطجى، الذى تم تسليمه إلى قسم كرموز وتحرير محضر، ونقلى إلى المستشفى لعلاجى وخياطة الجرحين بنحو 120 غرزة بالرأس واليد والوجه، وقام المسئولون بالشركة التى أعمل بها بإبلاغ رئيس مجلس إدارة هيئة ميناء الإسكندرية وكل الجهات الأمنية.

وهذه قصة سائق آخر هو عبدالرحمن على الذى يعمل على شاحنة بإحدى شركات القطاع الخاص، فيحكى أنه فى طريق عودته فى ساعة متأخرة من المجمع الصناعى للألومنيوم فى نجع حمادى ومعه شحنة معدة للتصدير عبر ميناء الإسكندرية، شعر بالارهاق فقرر بعد وصوله إلى بوابة تحصيل الرسوم على طريق القاهرة - الصعيد الصحراوى غرب النيل، أن يغلق كابينة القيادة حتى يمكنه أن ينام بعض الوقت، ويوضح انه بعد ساعة أو أكثر قليلا شعر بالشاحنة تهتز، فاستيقظ مفزوعا، وكانت المفاجأة فى وجود شخص يفتح الصندوق الخاص بالمعدات والتجهيزات المتعلقة بأعمال الصيانة للشاحنة، ثم تهجم على فى الكابينة تحت تهديد السلاح، ولكنى تمكنت من السيطرة عليه واستوليت على جهاز الموبايل الخاص به، وهنا شعر بالخوف وانطلق مسرعا وكان على الجانب الآخر ينتظره شخص آخر ومعه دراجة نارية وبعد إبلاغ أجهزة الأمن بالواقعة تبين أنهما عصابة تطارد السيارات والشاحنات على الطرق.

واقعة أخرى يرويها عبدالرحمن على قائلا: كنا عائدين بشحنة من ميناء السخنة على طريق السويس فى طريقنا للإسكندرية، وأيضا أردنا أن نأخذ قسطا من النوم فوقفنا على جانب الطريق ورحنا فى نوم عميق لنستيقظ على مشكلة كبيرة وهى سرقة عدد من إطارات الشاحنة الذى يصل ثمن الواحد منه إلى عشرة آلاف جنيه.

السائق «الرائع»

تتأثر اقتصاديات الدول ومعدلات النمو بها بكفاءة شبكات ووسائل النقل البرى والبحرى والنهرى والجوي. ومن هنا اهتمت الدولة كما يقول د. خالد السقطى عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات بتنفيذ برامج رفع كفاءة البنية الأساسية القائمة من شبكات النقل (طرق وكبارى – خطوط سكك حديدية – طرق ملاحية – موانى بحرية) إلا أنه على الرغم من جهود الدولة نحو التطوير، فمازال قطاع النقل البرى يتعرض الى العديد من التحديات، منها على سبيل المثال حوادث الاعتداء على الشاحنات والسائقين، حيث تشير هذه النوعية من الحوادث الى أهمية تطوير منظومة التتبع للمركبات والشحنات التى تتعرض الى السرقة، وضرورة زيادة مستوى التأمين على البضائع بما يعكس قيمة البضائع المنقولة، وتكامل منظومة النقل بعناصرها المختلفة، وأهمها بالطبع الارتقاء بالعنصر البشري، حيث توجد سمات وشروط متعارف عليها لسائقى الشاحنات فى الدول المختلفة، تبدأ كلها من التدريب، باعتباره الخطوة التى تحول السائق من «جيد» إلى «رائع» وهنا لا يكون المستوى التعليمى من مدارس أو جامعات هو الأساس، بل الذهاب إلى مدرسة لتعليم القيادة هو الذى يضع السائق على المسار الصحيح، كما أن أغلب الشركات يكون لديها برامج تدريب أخرى مكثفة لتدريب السائقين على التحلى بصفات مثل الصبر، لأن سائق الشاحنة من المتوقع أن تقابله مواقف يكون فيها عالقًا فى حركة المرور، أو مشكلات تأخير فى الموانى، فضلا عن أى مشكلات ميكانيكية طارئة أو فى الإطارات يجب عليه معالجتها، وهناك ما يسمى بمهارات إدارة الإجهاد، إذ أنه عمل مرهق بطبيعته وسائقه يتعرض لضغوط مستمرة وربما مفاجئة، وعليه أن يتأقلم معها ويخفف الضغط النفسى عن كاهله، وهو ما تتيحه له القواعد المنظمة لساعات العمل وفترات الراحة، مثلما توفر اللائحة (EC) رقم 561/2006 المتضمنة قواعد الاتحاد الأوروبى لأوقات القيادة اليومية، لجميع سائقى مركبات النقل البري، بهدف تحسين السلامة على الطرق وضمان ظروف عمل جيدة للسائقين. منها النص على ألا تتجاوز فترة القيادة اليومية 9 ساعات، مع إعفاء مرتين فى الأسبوع عندما يمكن تمديدها إلى 10 ساعات، كما لا يجوز أن يتجاوز إجمالى وقت القيادة الأسبوعى 56 ساعة، ويجب ألا تقل فترة الراحة اليومية عن 11 ساعة، باستثناء النزول إلى 9 ساعات كحد أقصى ثلاث مرات فى الأسبوع، ويمكن تقسيم الراحة اليومية إلى 3 ساعات راحة تليها 9 ساعات راحة للحصول على إجمالى 12 ساعة راحة يومية، و يجب أخذ فترات راحة لا تقل عن 45 دقيقة بعد 4 ساعات ونصف الساعة على أبعد تقدير، ويخضع الامتثال لهذه الأحكام للمراقبة والضوابط المستمرة، ولا يتم تركه لحرية الشركات.


مدرسة للسائقين

بعد التوسع الذى تشهده البلاد حاليا فى المدارس المتخصصة فى المجالات المهنية والحرفية، هل يمكن أن يشمل ذلك مدارس للسائقين؟ طرحنا هذا السؤال على اللواء مازن نديم الرئيس السابق لشعبة خدمات النقل الدولى واللوجستيات الذى قال: منذ ما يقرب من عشرين عاما وأنا أطالب بانشاء وإقامة مدارس لتخريج السائقين فى جميع التخصصات سواء النقل الثقيل او الاتوبيسات او سيارات الاجرة، على ان تقام هذه المدارس على مستوى الجمهورية، كما طالبت بأن يتم ذلك بالتعاون بين القطاعات الحكومية والوزارات المعنية، وهي: النقل والسياحة والتربية والتعليم والداخلية الى جانب القطاع الخاص، على أن يتم وضع المناهج الدراسية والدورات التدريبية بالتنسيق مع هذه الاطراف، وبالتالى نضمن الحصول على خريج مؤهل علميا وفنيا ونفسيا.

ويضيف إن كان ذلك لم يحدث فى الماضى فإن التطورات التى تشهدها البلاد تحتم البدء فورا فى انشاء هذه المدارس، وان يكون الحصول على رخصة قيادة مهنية مقصورا على هؤلاء فقط، وهو ما سيمثل طفرة فى مستوى السائقين، خاصة مع حدوث تطور هائل فى تكنولوجيا صناعة الشاحنات والتريلات، ولابد من وجود سائق يكون مؤهلا على التعامل مع هذه التكنولوجيا ومدركا خطورة هذه المركبة التى يعمل عليها وتصل قيمتها الى عدة ملايين من الجنيهات.

فضلا عن ذلك، هناك مجال مهم للغاية وهو قطاع السياحة، فلابد من توفير سائقين على درجة عالية من الوعى بخطورة المهنة الذى يقوم بها السائق عندما يعمل فى نقل الافواج السياحية من حيث المعاملة والالتزام بقواعد السفر والسرعات وآداب الطريق لأنه فى هذه الحالة يعكس الصورة الذهنية والحضارية أمام الأجانب.

اتفاقية دولية

بوابة جديدة سيدخل منها السائق المصرى إلى العالمية خاصة بعد توقيع مصر اتفاقية «التير» التى تمثل حدثا تاريخيا بالنسبة لقطاع النقل، خاصة انها جاءت بعد سنوات طويلة من الانتظار والتردد، وبموجب هذه الاتفاقية تصبح مصر عضوا فى الاتحاد الدولى لنقل البضائع بريا عبر الحدود، وهذا بطبيعة الحال يفرض شروطا ويضع ضوابط عالمية لمواصفات الشاحنات وللسائق الذى يعمل عليها حتى يمكنه الحصول على الشهادة الدولية التى تسمح له بالسفر وهو ما يدفعنا إلى التساؤل، وماذا بعد التوقيع وكيف تستفيد مصر من ذلك؟

يتطلب تطبيق الاتفاقية حصول مديرى شركات النقل البرى والسائقين المصريين على برنامج تدريبى مميز لرفع امكاناتهم وزيادة مهاراتهم لجعلهم قادرين على مواكبة أحكام الاتفاقية ويتم تقديم تلك البرامج عادة من خلال مؤسسات دولية متخصصة.

وذلك وفقا لما قاله الدكتور اسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى الذى اعتبر الاتفاقية خطوة تاريخية من جانب القيادة السياسية ووزير النقل خاصة بعد التطوير الهائل فى تحديث البنية الأساسية وشبكة ومحاور الطرق وفى ظل التوجهات الجديدة للدولة بالانفتاح على افريقيا، موضحا أهميتها لخفض تكاليف شركات النقل وتيسير الإجراءات على الحدود، وهو ما يقلل العبء الإدارى على سلطات الجمارك وشركات النقل والخدمات اللوجستية، كما تسهم فى اختصار ساعات الانتظار على الحدود بشكل كبير، والمساهمة فى سرعة وصول السلع والبضائع الى وجهتها النهائية باقل تكلفة مالية، وبالتالى لابد من مواكبة ذلك باعداد العنصر البشرى المؤهل الذى سيحصل على شهادة الاتحاد الدولى للنقل والتى ستسمح له بالعبور والمرور من المنافذ الجمركية بجميع الدول الأعضاء.

 

 

 

 

السائقون يردون على الاتهامات الشائعة: مجبرون على الحمولة الزائدة.. والغرامة ليست عقوبة رادعة

  • نسير «شمال» بسبب إشغالات الطريق..ولا يمكننا التوقف قبل 2 كيلو
  • لسنا مدمنين .. ونعانى أمراض المهنة الشاقة وضعف المعاش


عمر السمنودي

عدم الالتزام بالحارة اليمنى.. الحمولة الزائدة .. حوادث التصادم مع الملاكى .. اتهامات اكتشفنا أن لها تبريرات منطقية لدى السائقين، وكما قال لنا سائق الدرجة الأولى خالد القناوى، الذى يشغل أيضا موقعا نقابيا، كرئيس لسكرتارية النقل الدولى بالاتحاد العام لعمال مصر، إن عدم التزام الحارة اليمنى سببه الرئيسى وجود إشغالات على هذه الحارة، وكما يقول: نمشى على الطريق الدائرى فيقابلنا باعة الفاكهة، ويقابلنا ميكروباص يتوقف كل عدة أمتار من أجل راكب يصعد أو ينزل، والتحرك من حارة لأخرى ليس أمرا سهلا كما يتصوره البعض، ممن لم يجرب قيادة سيارة نقل بمقطورة ضخمة، لذا فالأفضل أن ألتزم حارة أخرى ولتكن الشمال، ولأن التوقف لأى عارض مفاجئ سواء بسبب إشغال يظهر على يمين الطريق، أو شخص يعبر فجأة الطريق، أمر مستحيل، لأنه حتى مع ضغطة الفرامل لا يمكننى التوقف قبل 2 كيلو على الأقل، والمشكلة كما يكمل أن الناس تتخيل أن ظروف القيادة تتشابه فى الملاكى مع النقل، متجاهلين الحمولة الثقيلة للسيارة، التى تجعلها تنقلب مع أى توقف سريع وغير مدروس.

وهنا ينتقل زميله ناصر عبدالواحد وهو سائق يحمل رخصة درجة أولى أيضا، كما يشغل عضوية مجلس إدارة نقابة النقل البرى بكفر الزيات، إلى تفسير مشهد العربة النقل التى تناطح حمولتها السحاب وتجعلها تبدو وكأنها مائلة على الطريق، مما يهدد المركبات التى تسير بجوارها، يقول: للأسف نسير بحمولة زائدة وهذا ليس باختيارنا، وإنما قرار أصحاب الشركات التى يعمل لديها السائق، أن نسير مخالفين، ويفعل ذلك لأنه يأمن العقاب، ويعلم أن الموضوع لن يكلفه سوى غرامة مالية نحو ثلاثين جنيها عن كل طن يثبت أنه زيادة، عند الوزن، مشيرا إلى أن القانون سمح لكل عجلة بالسيارة بحمولة مقابلها تقدر بعشرة أطنان، وكما هو موصى ألا تزيد حمولة السيارة على خمسين طنا، ولكن الواقع الفعلى أننا كلنا نمضى بحمولات تصل إلى 150 طنا، ولو حسبنا ما يجنيه صاحب الشركة بتوفير عملية تجزئة البضائع على عدة نقلات، مقارنة بما تحدثه الحمولة الزائدة من تدمير للبنية التحتية وشبكة الطرق الجديدة، وما يحدث من هبوط أسفلتى سببه الحمولة المبالغ فيها، فضلا عن الحوادث، وكثيرا ما نجد نقلا ضخما منقلبا بحمولته من الخضار والفاكهة أو الحديد، فى منطقة «اليوتيرن» بسبب فقدان توازن السيارة لتخطيها الحمولة المقررة من قبل صانعها أولا ومن قبل القانون، ثانيا فى حين يعتقد الناس أن هذا سببه التهور أو عدم اتقان السائق القيادة، أو ربما اتهامه بتعاطى المخدرات، فهناك قاعدة تقول: كلما زادت الحمولة قلت السيطرة، ويشير هنا لضرورة تعديل القانون وعدم السماح بمخالفة الأوزان والارتفاعات، وإلغاء الغرامة التى أصبحت «مخرجا قانونيا» للمخالفين، موضحا أن تجاوز النقل حمولته غير مسموح به فى أى دولة عربية، ويتطرق الحديث لنقطة حوادث التصادم مع الملاكى، ليشرح لنا الأسطى ناصر أن هناك جزءا من محيط الرؤية، بالنسبة لسائق النقل يسمى المنطقة «العمياء»، فعندما يقترب الملاكى أو أى سيارة صغيرة محاولا الالتفاف من أمامى، أو عمل «غرزة» على الطريق، فأنا حقيقة لا أراه رغم وجود ثلاث مرايات على الباب والحامل يمين و2 شمال، وهو يظن أننى أستطيع مفاداته أو تهدئة السرعة حتى يعود إلى حارته، وتكون الحوادث التى نجد أنفسنا متهمين فيها بالرعونة، ويتطرق خالد القناوى الذى يعمل لسنوات طويلة على الخط الدولى للصادرات للدول العربية، إلى التربص المسبق بأى سائق نقل عند أى تعامل، والاعتقاد دوما بأنه الشخص المستهتر الذى يدمن تعاطى المخدرات، والحقيقة أن هذا يضر بسمعتنا كثيرا، ونحن نخضع دوما مع كل تجديد لرخصة القيادة لفحوص طبية شاملة فى كل التخصصات، من بينها تحليل المخدرات، ونحن نتعامل مع بضائع بملايين الجنيهات، كما أننى أعتبر السائق الدولى سفيرا لبلده وواجهة لها عند دخول موانى الدول الأخرى، ويشير من ناحية أخرى لعدم تمتع السائقين بتأمين صحى، إلا بعد سن المعاش، ويوضح تضررهم أيضا من تحملهم مصاريف التأمين على أنفسهم التى كان يتحملها مالك السيارة النقل، ثم حدث تغيير، ومع ذلك فيتم تحصيل مبلغ من مالك السيارة يصل لنحو أربعة آلاف جنيه تحت بند:» مؤمن على سائق» وهذا ازدواج تأمينى غير سليم ويحتاج لمراجعة.


أمراض المهنة

من أبرز المشكلات كذلك التى تواجه السائقين هى غياب الحقوق المالية، ويأتى على رأسها المعاش بعد بلوغ سن الستين والمساعدات الخاصة بحالات المرض والعجز، هكذا يحدد عمر السمنودى وهو أحد السائقين النشطين فى البحث عن حقوق زملائه على مستوى محافظة البحيرة، فيقول إن السائق من الحاصلين على رخصة درجة أولى فى النقل الثقيل يدفع من خمسة إلى ستة آلاف جنيه كل ثلاث سنوات عند تجديد الرخصة، وهذا المبلغ يتم دفعه لحساب التأمينات الاجتماعية والاشتراك المخصص لحساب النقابة العامة للعاملين فى النقل البري، ورغم التزام السائق بدفع هذا المبلغ فأقصى معاش يمكن أن يحصل عليه هو ألف جنيه وهو مبلغ لا يوفر حتى ثمن الأدوية فى هذه السن المتقدمة من العمر، خاصة أن هذه المهنة شاقة وقاسية وغالبا ما يخرج منها السائق ترافقه عدة أمراض، بسبب طول فترات القيادة التى تصل أحيانا لـ18 ساعة، قائلا: ممكن نقف بباب الميناء فقط نتحرك ببطء لأكثر من ساعتين!

هذا على مستوى المعاش التأمينى، أما على صعيد الخدمات النقابية فهى منعدمة تماما – على حد قوله - ولا توجد أى مزايا صحية أو اجتماعية وغيرها من هذه الخدمات رغم سداد الاشتراكات المطلوبة وفقًا للائحة الخاصة باللجان النقابية، وأكبر مبلغ يمكن أن يحصل عليه السائق فى نهاية الخدمة أو الإصابة هو ٨٠٠ جنيه لمرة واحدة كمساعدة وهو ما حدث منذ أيام مع زميل تعرض لحادث ويرقد فى منزله حاليا دون عمل.

لذلك كما يقول السمنودى: نحن مجموعة من السائقين يمثلون جميع انحاء الجمهورية من أسوان إلى الإسكندرية اجتمعنا أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة بهدف البحث عن الجوانب القانونية والإجراءات التى يمكن تنفيذها لتحسين الاحوال المعيشية وتغيير اللائحة الحالية التى تم وضعها منذ عشرات السنين وتحديدا منذ ثمانينيات القرن الماضى، مشيرا إلى أن صندوق الزمالة الذى تتضمنه هذه اللائحة على مستوى مدينة دمنهور ومحافظة البحيرة ان رسوم العضوية بهذا الصندوق ثلاثة جنيهات والاشتراك الشهرى للعضو جنيه واحد.

ولك أن تتخيل أيضا أن لائحة هذا الصندوق تنص فى بنود المساعدات الاجتماعية على صرف مبلغ خمسين جنيها فى حالة وفاة والد العضو أو أحد ابنائه وخمسة وسبعين جنيها فى حالة وفاة العضو أو زوجته, أما الإعانات الاجتماعية فهى لا تتعدى ٢٠٠ جنيه إذا كان اشتراك العضو أقل من عشر سنوات، وهنا نسعى مع النقابة العامة إلى عقد جمعيات عمومية حتى تقر التغيرات الجديدة وتضمن تقديم خدمات مناسبة أسوة بما تم على مستوى المحلة الكبرى فى محافظة الغربية وهى اللجنة النقابية الوحيدة التى تمكنت من تغيير اللائحة وأصبحت تقدم خدمات صحية واجتماعية متميزة للأعضاء.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق