رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تحليل إخبارى
أجهزة التكييف والتكلفة الباهظة للانتعاش

فايزة المصرى

مع انتشار نمط الحياة الأمريكية الذى يتسم بالرفاهية، تحولت مبتكرات كثيرة من سلع كمالية إلى ضروريات أساسية. وبفعل المحاكاة وفنون التسويق، زاد استهلاك الشعوب الأخرى أيضا لتلك السلع، رغم أن الدراسات أثبتت التأثير الضار لبعضها على البيئة. قد تكون السيارة أول ما يتبادر إلى الذهن كنموذج لتلك المبتكرات الملوثة للهواء. لكن أجهزة التكييف قد تكون أكثر انتشارا وخطرا، فبحسب تقديرات الأمم المتحدة سيتم بيع عشرة مكيفات هواء كل ثانية على مدى الثلاثين عاما القادمة.

خطر التكييف هو الموضوع الذى يثيره «إيريك دين ويلسون» فى كتابه، «مابعد التبريد: عن الفريون والاحتباس الحرارى والتكلفة الباهظة للإحساس بالراحة».

يقول «ويلسون»، «فى عز الحر، وبينما تمنح نسمات التكييف الباردة فى الأماكن المغلقة البعض شعورا بالانتعاش، يعانى ملايين البشر فى المناطق الأكثر فقرا من ارتفاع درجات الحرارة، ليظل الحل والحلم هو الحصول على جهاز تكييف. ولأن المواد الكيميائية المعروفة باسم «المبردات» تتسرب من وحدات التكييف أثناء تشغيلها مما يؤدى لتفاقم الاحتباس الحراري، فالأمر يبدو كدائرة شريرة. فكلما زاد الحر، زاد استخدام أجهزة التكييف. وكلما زاد استخدام أجهزة التكييف زادت درجات الحرارة، وهكذا».

عندما دق العلماء ناقوس الخطر حاول السياسيون التدخل لتنظيم صناعة المبردات. ومن أهم الخطوات بهذا الخصوص بروتوكول مونتريال فى 1987 الذى حظر استخدام مركبات الكربون المعروفة باسم «كلوروفلوروكربون» لأنها تؤدى لتآكل طبقة الأوزون وتضر الغابات والمحاصيل الزراعية. هنا حلت محلها مُركبات أخرى لاتستنفد طبقة الأوزون تعرف بـ»هيدروفلوروكربون»، ثم ثبت أن هذه غازات دفيئة تؤدى للاحتباس الحرارى بصورة أقوى آلاف المرات من غاز ثانى أكسيد الكربون. وحاليا أصبح هدف الولايات المتحدة والعالم التخلص التدريجى من هذه الغازات على مدى الثلاثين عاما القادمة.

هذا الهدف لايراه مؤلف الكتاب سهلا لأننا بصدد مشكلة غير مرئية أو محسوسة. فالكوارث الطبيعية كحرائق الغابات والأعاصير تحظى بالاهتمام كظواهر ذات علاقة بالبيئة. أما أجهزة التكييف فلا تكاد تخطر على بال كثيرين كأحد مسببات التغير المناخي، علما بأنه قد زاد الاعتماد عليها بصورة مذهلة منذ ابتكار أجهزة التكييف المركزى فى ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، بحيث صار تكييف الهواء من مسلمات الحياة فى الأماكن العامة والمنازل والمكاتب والسيارات.

فهل يضحى الناس بهذا النمط المريح للحياة من أجل الحد من الاحتباس الحراري؟

يقول «ويلسون» إن ذلك قد يحدث إذا زاد الوعى بخطورة الوضع، لكنه يطرح فى كتابه «مابعد التبريد» استراتيجية متعددة الأبعاد لمشكلة أجهزة التكييف، منها إعادة تخطيط المدن وتطوير أنظمة تهوية طبيعية داخل المباني، وابتكار أساليب ومواد بناء تقلل من الإحساس بالحر. ويلفت النظر على وجه الخصوص لضرورة الاهتمام بتخطيط الأحياء الفقيرة التى كثيرا ماتوصف بأنها مناطق أسمنتية حيث تتراص البيوت حول طرق اسفلتية تكاد تخلو من الأشجار. وتزيد درجة حرارة هذه الأحياء عادة عن تلك التى يقطنها الأثرياء، والتى تتميز بوفرة الأشجار والحدائق والمجارى المائية الصناعية.

ويظل الجانب الآخر من الحل، كما يقول «ويلسون»، رهنا بتغيير ثقافة الاعتماد المطلق على التكييف وايجاد أسلوب حياة جديد يحبذ الطبيعة واستنشاق الهواء الطلق، كلما كان ذلك ممكنا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق