رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سايجون – كابول.. سقوط الحرية الدائمة

رشا عبدالوهاب

بمقاييس الربح والخسارة، فإن أمريكا فشلت فى حروبها الخارجية، وآخرها معركة «الحرية الدائمة» التى أطلقها الرئيس جورج بوش الابن فى 2001 لغزو أفغانستان. ومنذ اليوم الأول لهذه الحرب فى أكتوبر 2001 حتى أغسطس 2021، لم تحقق أمريكا مكاسب أو أهدافا من هذه الحرب بل خسائر قياسية، فالانسحاب المخزى والمذل بعد سقوط كابول فى قبضة طالبان، ليس سوى انتكاسة جديدة لواشنطن، وتحقيق لهدف أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذى وصفه بتدمير «أسطورة المناعة الأمريكية التى لا تقهر».

ومنذ التسعينيات من القرن الماضي، كانت العقيدة المهيمنة على يسار الوسط الأمريكى هو التدخل العسكرى من أجل الحرية، حيث تسيطر الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة لديها الحق بل الالتزام بالتدخل فى الدول البعيدة لحماية الإنسان وحريته. ونشأت هذه الفكرة من مجموعة محددة من الأحداث: سقوط الاتحاد السوفييتى وصعود أمريكا كقوة عظمى وحيدة فى العالم، والإبادة الجماعية فى رواندا والبلقان. وكانت أحداث 11 سبتمبر نقطة تحول كبري، دفع قادة «التدخل الليبرالى» إلى تبرير مذهبهم بحرب بوش على الإرهاب وغزو أفغانستان ومن بعدها العراق. دخلت أمريكا أفغانستان للإطاحة بطالبان والقضاء على القاعدة، وبعد 20 عاما من أطول حروبها بعد حرب فيتنام، خرجت وطالبان تجلس على مقعد الحكم وأكثر قوة وبراجماتية من ذى قبل وتمد غضن السلام إلى العالم وتحظى بدعم دول الجوار والصين وروسيا. وشبه منتقدو الرئيس الأمريكى جو بايدن سقوط كابول السريع بسقوط سايجون فى مشاهد هروب القوات الأمريكية وحلفاء واشنطن بعد سيطرة القوات الشيوعية للجيش الشعبى الفيتنامى على عاصمة فيتنام الجنوبية في1975. لكن مسئولو الإدارة الأمريكية رفضوا هذه المقارنة، وحاول بايدن تبرير الانسحاب بأنه رسالة واضحة لأمريكا والعالم بأنه يريد طى صفحة عصر الحرب على الإرهاب. وفى خطابه إلى الأمة بعد انتقادات ومطالبات بعزله من منصبه، قال إن «الأمر يتعلق بإنهاء حقبة من العمليات العسكرية الكبرى لإعادة تشكيل دول أخري، وإن مهمة الرئيس هى حماية مصالح الأمن القومى الأمريكى والدفاع عنها».

ولم تخل بداية حكم أى رئيس أمريكى من الحديث عن «عدم التدخل» فى العالم والاهتمام بالداخل أو ما يسمى بمذهب «الانعزالية»، بداية من بيل كلينتون حتى بايدن، إلا أن العكس ما حدث، فقد قال كلينتون إن مهمة أمريكا فى الخارج «لا تتعلق بخوض حرب»، وانتهى به الأمر بقصف العراق ويوغسلافيا. وشددت كوندليزا رايس خلال رئاسة بوش إنه يعارض المغامرات الخارجية، إلا أنه لم تمر أشهر قليلة حتى وقعت 11 سبتمبر «الثلاثاء الأسود»، وجاءت الحرب لحماية الأمن القومى الأمريكى ومعاقبة أعداء القوة العظمي، وأعلن الرئيس الجمهورى وقتها نجاح الحرب إلا أن الأرقام لم تؤيد إعلانه. ووفقا لمنتقدى السياسة الأمريكية، تكلفت الحرب العالمية ضد الإرهاب حوالى 8 تريليونات دولار وتسببت فى مقتل حوالى مليون شخص. ووفقا لدراسة أجراها معهد واتسون للشئون الدولية، فإن حروب ما بعد 11/9 التى شنتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب تسببت فى نزوح 38 مليون شخص فى أفغانستان وباكستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال والفلبين. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والغرب لم يشهدا أى هجوم بحجم 11 سبتمبر، إلا أن هذه الحجة ليست دليلا على نجاح الحرب على الإرهاب.

وقدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن، أن عدد الجماعات الإرهابية النشطة فى 2018 بلغ 67، وتراوح عدد الإرهابيين بين 100 ألف و230 ألف، بزيادة قدرها 270% عن تقديرات عام 2001. وكان من الأحداث الفاصلة ظهور تنظيم داعش فى العراق وسوريا، والذى نما نفوذه مع تراجع قوة بن لادن خصوصا بعد وفاته فى غارة أمريكية عام 2011. ولم تأخذ الاستراتيجية الأمريكية فى حسبانها أن الفوضى وسوء الإدارة والفساد فى الدول التى شهدت تدخلا أمريكيا تعد أرضية خصبة ليترعرع الإرهاب. وكتب بن رودس نائب مستشار الأمن القومى خلال رئاسة أوباما أن الحرب على الإرهاب كانت أكبر مشروع فى فترة الهيمنة الأمريكية التى بدأت مع نهاية الحرب الباردة، وهى الرحلة التى وصلت إلى مرحلة الغروب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق