رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الشاعر الكبير فريد أبو سعدة: أعـترف بأن الترشيح للجـوائز يتم بالخواطــر والعلاقات

حوار ــ مى الخولى تصوير ــ حسن عمار
الشاعر الكبير فريد أبو سعدة

  • الكاتب الآن بحاجة إلى جماعة أو «شِلة» تدعمه وتقدمه.. ومعظم من يطفون على السطح جاءوا بتوصيات
  •  
  • أطالب بأن يشكل الفائزون بالتشجيعية جمعيات تسهم فى اختيار المرشحين للجائزة
  •  
  • بنت أحببتها دفعتنى لكتابة قصيدتى الأولى.. وأوصلتنى أفكار ماركس لعدم الزواج منها
  •  
  • سعيد الكفراوى مات دون أن يحصل على الجائزة فماذا تنتظرون لتمنحوها لجار النبى الحلو؟
  •  
  • دعمت صنع الله إبراهيم واختلفت مع جابر عصفور ودفعت ثمن رفضى لمسايرة نظام «بايخ»
  •  
  • قصور الثقافة بحاجة  إلى مُمول والشعراء انصرفوا عن الكتابة للمسرح بسبب ضعف الإنفاق

 

 



كان محمد الموجى صديق طفولته هو ابن المِعلِّمة، وهى مهنة عرفت فى مصر زمن الحكاية، وكانت مهمتها تعليم بنات القرية مهنة التفصيل أو الحياكة، ما جعل بيت الموجى مغريا لصبيان يخطون أيام المراهقة الأولى، وكان الموجى صاحب النصيب الأكبر من ملاطفة البنات باعتباره ابن المعلمة، وكان فريد يريد أن يخلق أفضلية له، تجعله يزاحم ابن المعلمة أهميته لدى بنات القرية، فظل يفتش فى مواهبه، حتى وجدها، إنه الشعور الذى لن ينازعه أحد فيه رهافته، ما يحتاجه فقط هو ترجمته فى رسائل مسجوعة لهن.

قادته المرأة كضرير، ليس إلى غواية النساء، ولكن إلى سحر الانفعال وإدراك دقائق الشعور، فراح يكتب فيهن الشعر، فكان أول هجائه فى الشعر، قصيدة فى بنت أحبها، لكنه حين نضج وغابت عنه نزعات المراهقة استيقظ وقد استقرت له غواية الشعر بسحر هو الأعلى صوتا فى نفسه، فكان وفاؤه لأفكار ماركس أكبر من وفائه لحبه الأول والذى يذكره إلى اليوم، بعد أن فاز بقلوب بنات تخونه الذاكرة فى تذكرهن أو تذكر عددهن، فترك حبيبته إلى ابنة عمه زوجته التى أحبها أيضا، لكنه يلعن كذلك أفكار ماركس ضاحكا: «ماركس الله يرحمه أو يجحمه مش عارف هو اللى علمنى الحلال والحرام بسببه لم أتزوج حبيبتى».

وحين سألته ماذا يريد من الدولة، بكى وأجاب جائزة الدولة لجار النبى ولسعيد الكفراوى الذى توفى دونها.. أصحابه من المحلة.. فإلى نص الحوار.



هل تذكر المرة الأولى التى كتبت فيها الشعر؟

نعم، كتبته فى إحدى بنات عائلتى، كنت طفلا فى الابتدائية، وكنت قد انتقلت للسكن فى بيت جدتى لقربه من مدرستى، وكانت تزور جدتى، وتعلقت بها وأحببتها، وكنت أحلم بالزواج منها، وكتبت أولى قصائدى فيها، لكن بعد فترة من القراءة لماركس، اقتنعت أنها لا تناسب حياتى وعدلت عن الزواج منها، ثم تعرفت على صديقى محمد الموجى فى المرحلة الإعدادية، وكانت والدته «معلمة»، والمعلمة تكون مسئولة عن تعليم البنات مهنة الخياطة أو الحياكة وهى وظيفة معروفة فى الماضى، وكنت أذهب للمذاكرة معه فى بيته، وكنا نتنافس على استقطاب البنات اللاتى تعلمهن والدته، وكان الموجى ابن المعلمة التى تأمر فتطاع، فأحببت أن أظهر تميزا بكتابة القصائد لهن، وكانت قصائدى تعجبهن حتى إنهن اعتمدننى شاعرا، لكن هذا لم يكن يفيدنى، فالشاعر بحاجة إلى جماعة تنتقده وتصوب له وتنافسه، وهو ما وجدته فى المرحلة الثانوية حيث التقيت المنسى قنديل وجار النبى الحلو، وكنا ننتقد بعضنا وهذا يفيدنا، لكن النقلة الكبيرة فى مشوارنا الأدبى كانت حين التقينا الجماعة الأكبر منا فى قصر ثقافة المحلة.

تقصد جماعة المحلة الأدبية إذن؟

جماعة المحلة تمثل لى شيئا كبيرا، فهى جابر عصفور ونصر أبو زيد وسعيد الكفراوى ومحمد المنسى قنديل ومحمد صالح وجار النبى الحلو، كل هؤلاء، التى نشأت فى قصر ثقافة المحلة أواخر الستينيات، وكانت الدولة لديها ما يسمى بـ «التشغيل»، وكان متاحا لنا الاشتراك فيه مقابل أجر مادى، وكنا نكتب ونحصل على مقابل من هذا التشغيل، الذى تقدمه الدولة فى قصور الثقافة للشباب الموهوبين، وكانت هناك محاولات ساذجة للبعض بتأثير من الكتاب الكبار، لكن الأغلب صاروا أسماء كبيرة متحققة، لكننى حين أنظر إلى كتاب السيناريو فى الإنتاج التليفزيونى والدرامى، لا أجد أغلب هؤلاء المتحققين، وأقول التليفزيون لأن الحياة أصبحت صعبة والكاتب بحاجة إلى أن يكسب من الكتابة حتى لا يتركها ويبحث عن عمل يقتات منه عيشه، لكن الأمر لم يعد بالمهارة والموهبة، لكن بالعلاقات والقرابات والصداقات.

هل تعتقد أن الكاتب بحاجة إلى جماعة أو «شلة» تدعمه؟

طبعا، لابد أن يكون له جماعة تحيط به تنتقده وتصلح له، وتقدمه، فمعظم النجوم الطافية على السطح قدم بعضهم، وجاءوا بتوصيات من أصدقائهم أو معارفهم، وهناك كتاب كثيرون لم يعبأ بهم أحد، وحتى كتبهم غير منتشرة فى المكتبات، بالكاد تجدونها.

هل تشعر بالظلم؟

لا، لكن كاتب مثل جار النبى الحلو، أنا هسافر قريب المحلة واقابله وأقول له: «انت ليه مهمل فى نفسك كده؟، ما تدخل تعرض حاجه على حد من صحابك فى الجماعة دول»، هل الكاتب يبيع فول وطعمية؟، الكاتب تفرغ للكتابة، فالمنطقى يكسب منها.


ابو سعدة مع محررة الأهرام


كان جار النبى يكتب للطفل وكنت تكتب الشعر،نصحت جار ألا يكتب الشعر ثم كتبت للطفل.. ما القصة؟

نعم، كنا صغارا، وكلنا «غلابة»، وجار كان يكتب قصصا حلوة، وسألنى هل أكمل محاولات كتابة الشعر، ولم يكن به الجِدة وسعة الخيال، هو متمكن من القصة أكثر، فقلت له لا، أنت تكتب قصصا حلوة فلا تزاحمنا فى كتابة الشعر، وجار علامة فى قصص الأطفال، والسيدة سوزان مبارك كانت تقدره، أما قصة كتابتى للطفل، فقد كانت بطلب من جار، هو من استدعانى لكتابة القطع الشعرية بقصص الأطفال.

كنت مديرا للنشر فى دار المعارف وربما توافقنى أن مبيعات الرواية أعلى من الشعر.. لماذا إذن لم تتجه لكتابة الرواية من أجل المكسب؟

كتبت «قبلة الريح» وهى الرواية الوحيدة التى كتبتها، لأننى زاهد فى تقنية السرد، فلا أميل للرواية، والشعر هو الأقرب إلى نفسى، لكن ما يدعو للدهشة هو أننى أدخلت تقنية السرد فى ديوانى الأخير «هذا الرقم مرفوع من الخدمة»، تشعرون حين تقرأون الديوان أنكم تقرأون قصة.

هل أنت راض عن الثمن الذى تدفعه جراء مواقفك.. دفعت ثمن تأييدك لصنع الله إبراهيم؟

نعم راض، لأننى كنت أرى أن قبول هذه الجائزة بمثابة مسايرة لنظام «بايخ»، فرفضت قبولها واختلفت مع جابر عصفور وقتها لأنه كان فى السلطة وكان يرى أن هذا ممكنا.

إذا كان لك طلب مُجاب من الدولة.. فماذا تطلب؟

اطلب من الدولة أن تراعى الطابور الطويل لأناس يحتاجون إلى جائزة الدولة كتقدير معنوى وتحفيز على الكتابة، حرام أن يكون هناك جيل بأكمله لم يحصل منه أحد على الجائزة، إبراهيم عبدالمجيد لماذا لم يحصل على جائزة حتى الآن، سعيد الكفراوى توفى ولم يحصل على جائزة الدولة التشجيعية، لماذا؟

ثم قال، جار النبى إلى متى ينتظرون، حتى يمنحونه التشجيعية؟، من أفضل منهم يمنحونهم الجائزة؟، أم يتوكلون على أن من يريدونها يتصلون ويتذللون للحصول عليها؟!

أنا حصلت على الجائزة بترشيح من كلية آداب المنوفية، وليست طنطا أو المنصورة التى كنت أزورها أيضا، لذلك أريد أن يكون هناك ترشيحات من أشخاص عادلين بدلا من أن يوزعها أعضاء المجلس على الأشخاص الذين تربطهم بهم علاقات، «عيب، هذا أوقف نمو للأدب».

أبو سعدة عضو فى لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة.. فما هو القصور الذى يراه فى اختيار أدباء الجائزة، أو ما هو التعديل الذى تريد إدخاله على طريقة الترشيح؟

نعم أنا عضو فى المجلس وفى لجنة الشعر، ولدى مشكلة فى أن الأشخاص المسئولين عن الترشيح أو تقديم المقترحات يجب أن يزيد عددهم، بدلا من 5 أو 6 أعضاء، ففى الغالب يحدث الترشيح بالخواطر والعلاقات، لذلك أنا أريد أن يكون الفائزون بجوائز التشجيعية مجموعات أو جمعيات، ويكون من حقهم الترشيح أيضا، واعتقد أنهم أكثر الناس قدرة على الترشيح، لكن زيادة عدد الأفراد الذين يقومون بالاختيار أو الترشيح سيقلل الوساطة ويدعم عدالة الاختيارات، بدلا من هذا الطابور الطويل لدينا أمام جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية، والذى يوقف تطور الأدب المصرى.

هل يوقف طابور الجوائز المتعطل الإنتاج الأدبي؟

أكثر فترة توهج أدبى لى كانت عندما حصلت على جائزة الدولة التشجيعية، بدأت أشعر أن هناك تكوينا يجب الحفاظ عليه.

وفى أى مرحلة سياسية تشعر أن الحالة الأدبية انتعشت أكثر؟

فى المرحلة «الوِحشة»، مرحلة السادات بعد كامب ديڤيد ومرحلة مبارك.

توقفت عن الكتابة بعد اتفاقية كامب ديڤيد وحصلت على جائزة فى عصر مبارك.. ما القصة؟

نعم توقفت عن الكتابة لأنه كان لزاما علينا تأييد المعسكر الجديد إذا أردنا الكتابة، فتوقفت حتى انتهت هذه الموجة، وعدت للكتابة بعد ما فشلوا وعرفوا أنهم فشلة.

أما قصة الجائزة فقد كانت غصب عنه.

ما هو المشروع الأدبى الذى يعكف عليه أبو سعدة حاليا؟

أريد أن أكمل ديوانى الأخير «عفوا هذا الرقم غير موجود بالخدمة»، لأن هذا الديوان الأخير مختلف عن كل ما كتبت أنا وغيرى من قصائد نثر، فهو قصيدة مطعمة بما اسميه الواقعية السحرية.

لمن تقول هذا الرقم غير موجود بالخدمة؟

صعب.

لم يغدر بك أحد؟

كثيرون غدروا بى لكنى لا أستطيع أن أقول لهم ذلك.

ما الذى أغرى الشاعر فى الكتابة للمسرح؟

هذه غواية قديمة، كنت أنا ومحمد المنسى قنديل نسطّح فوق القطار من المحلة وحتى القاهرة، لنشاهد المسرحيات الكبيرة، وأذكر أننا شاهدنا مسرحية ليلة مصرع جيفارا فى مسرح حديقة الأندلس، إن لم تخن الذاكرة، وكنا فى مرحلة الثانوى وقتها، والمنسى كتب مسرحية فى ذلك الوقت، فالمسرح كان فى مخيلتنا من البداية.

هناك انصراف واضح من الشعراء عن المسرحية الشعرية.. فى اعتقادك ما السبب وراء ذلك؟

بسبب ضعف الإنفاق على المسرح ولأن المسرح صعب فى الكتابة، صناعة العقدة والحركة تحتاج إلى تركيز كبير.

هل تعتقد أن هذا هو دور قصور الثقافة؟

قصور الثقافة بحاجة إلى ممول، وهى لا تستطيع أن تعمل إلا كممول، نشأنا فى كنف قصر ثقافة المحلة، وكان القصر ينفق على سفرياتنا إلى المحافظات الأخرى وفى زمن الجمهورية العربية المتحدة كنا نسافر خارج حدود مصر على نفقة الدولة للتواصل الثقافى مع تجارب الآخرين.

كثير من كتب أبو سعدة إصدارات طنطا وغير منتشرة بالمكتبات، لماذا تفضل النشر فى طنطا؟

«عايز أدوخكم شوية لغاية ما تلاقوها».

هل كان لطنطا السيد البدوى دور فى نزعتك الصوفية فى كتاباتك؟

لا.. قراءتى لمحيى الدين بن عربى وبن الفارض هى التى شكلت نزعتى الصوفية، وشعراء العراق هم أكثر من تأثرت بهم فى شِعرى.

كونت جماعة أخرى فى القاهرة؟

نعم جماعة إضاءة، حلمى سالم ورفعت سلام وجمال القصاص، وكنا نكشف لبعضنا البعض اوائلنا أو مسوداتنا، ويهمنى رأيه كما يهمه رأيى، وصحيح أن إضاءة بدأت قبلى، وكنت وقتها فى السعودية، أعمل بالصحافة، وكانوا يتناوبون كتابة المقدمة، ثم اختلفوا، وانسحب رفعت من المجموعة فى العدد الثانى، لكننا ظللنا أصدقاء ونشروا لى العديد من القصائد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق