رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لوحة جمالية ترسمها الدولة وتحول حلم المواطن إلى حقيقة..
«معا» و«المحروسـة» درتان تتألـقان بـ«السـلام»

تحقيق ــ هبة جمال الدين ــ ريهام رجب
> تطوير «معا» و«المحروسة» بحى السلام

  • عم رجب زكى بعد نجاته من البيت المائل: «شعرنا بآدميتنا ويكفى أن أحفادى سينشأون فى منازل وبيئة نظيفة»
  • زغرودة الحاجة جنات تنشر البهجة.. وكلماتها تختصر التطوير: «فرحانين بالسكن بعد أن كنا نعيش وسط العقارب والثعابين»
  • م. أحمد هشام: المستفيدون يعيشون فى مجمعات سكنية متكاملة الخدمات والبعض تصور أن المدينة استثمارية
  • م. أسامة عبد السلام: الدولة أنشأت «المحروسة» وحرصت على أن يكون تخطيطها متكاملا لخدمة المواطن

 

 

 

لم يتصور سكان العشوائيات ذات يوم أن الدولة ستلتفت إليهم وتوليهم اهتمامًا بعد أن ظلوا عشرات السنوات مهمشين، يقطنون مناطق خطرة ينتظرون الموت فى كل لحظة ولسان حالهم يردد «لا أهمية لنا» وحتى عندما بدأت الدولة خطوات فعلية فى تنفيذ مشروع تطوير العشوائيات بعد ثورة 30 يونيو ظل بعض الأهالى يشككون فى تصريحات المسئولين، وكان حلمهم فى الانتقال إلى العيش اﻵمن بعيد المنال، لكن بعد اﻹنجاز الكبير

الذى شهده هذا الملف، وانتقال أهالى هذه المناطق منطقة تلو الأخرى إلى مدن جديدة أنشئت بالكامل، أو إعادة تسكينهم فى مناطقهم الأصلية بعد بنائها من جديد، وقتها شعروا بأن الحلم أصبح حقيقة، وبدأوا يشعرون بالفخر والانتماء، وأن الحكومة لن تتركهم مهددين، وأنه حان الوقت للعيش بكرامة... «تحقيقات اﻷهرام» قامت بجولة فى منطقتى المحروسة ومدينة معًا والتقت اﻷهالى والمسئولين.

 

بدأت الجولة بـ«مدينة معا» التى نقشت على أبوابها الضخمة عبارة «بناء البشر قبل الحجر»، وهو الهدف الأساسى فى مشروع تطوير العشوائيات، فلم يقتصر دور الدولة على التشييد والبناء وحسب، لكن ظلت تتابع عن كثب تغيير ثقافات وتنمية وتعديل سلوك سكان هذه المناطق وخاصة اﻷطفال للمحافظة على هذا اﻹنجاز وعدم عودة العشوائيات، وعملت على تنظيم فعاليات للسكان فى كل منطقة، مدينة «معًا» ليست مدينة عادية بل تعتبر «كمباوند» سكنيا محاطا بأسوار له أبواب تحرسها شركة للأمن، ولا يستطيع أحد دخولها إلا بعد سؤاله عن هويته، وعلى الرغم من ضعف نسبة الاشغالات بالمدينة التى لم تفتتح رسميا، ولا يتجاوز عدد قاطنيها 15 أسرة تم تسكينهم لانهيار بيوتهم القديمة، لكن وسائل المواصلات امتدت لتدخل المدينة لخدمتهم ولربط المدينة الكائنة بحى السلام بوسط البلد.

> مدخل مدينة معا

التقينا المهندس أحمد هشام، المهندس بالمكتب الاستشارى لصندوق تطوير العشوائيات، الذى يوضح أن فكرة المشروع تقوم على إنشاء مجمع سكنى متكامل الخدمات، وقد خصصت المحافظة أرض المشروع وقامت مؤسسة «معاً» لتطوير العشوائيات ببناء 46 عمارة ومركزا ثقافيا ومدرستين، ثم توقف العمل بالمشروع نظراً لتراجع التبرعات، إلى أن تم توقيع بروتوكول بالتعاون بين محافظة القاهرة ومؤسسات المجتمع المدنى، وتم تمويل المشروع من صندوق تطوير العشوائيات ومحافظة القاهرة ومؤسسة «معا» لتطوير العشوائيات، ليستكمل الصندوق باقى المشروع حيث تم بناء 138عمارة، ليصبح الإجمالى 184 عمارة تضم 4416 وحدة سكنية كاملة المرافق.

وتشمل خدمات المشروع السكنى مدرستين للتعليم الأساسى والثانوى ومسجداً ودار مناسبات وكنيسة ومركزا طبيا ومولا تجاريا ومبنى للورش الخدمية ومركزاً للشباب ودار أيتام ورعاية كبار السن ومركزا ثقافيا يضم مسرحا وسينمات ومبنى إداريا للمدينة، بالإضافة إلى مجمع الورش الحرفية بإجمالى ٦١ ورشة بهدف توفير فرص عمل لسكان الحى الجديد، تطبيقاً لفلسفة الدولة بخلق مجتمع متكامل.

بديل مؤقت

يضيف أنه تم استخدام ٤ وحدات سكنية بدور أرضى داخل إحدى عمارات المشروع كبديل مؤقت عن المستشفى لتكون بمثابة ٩عيادات وصيدلية وتم تجهيزها بالكامل استعدادا لخدمة السكان، بالإضافة إلى استخدام بعض الوحدات السكنية فى الأدوار الأرضية بالعمارات لإقامة حضانات للأطفال، كما اتفقت المحافظة مع المؤسسة على استغلال عدد من الورش الحرفية المقامة كمنافذ بيع للاحتياجات الأساسية للسكان مثل السوبرماركت ومحال الخضر والفاكهة واللحوم والأسماك وغيرها، حتى يتم تشغيل المركز التجارى الخاص بالمشروع.

ويوضح أنه تم تسكين ١٥ أسرة من عزبة أبو قرن بمنطقة مصر القديمة بالمشروع، وعلى الرغم من عدم اكتمال المشروع بشكل نهائى لكن من يقف على بوابة المشروع من الخارج فقط ينبهر بشكله، وبالتقسيم المعمارى والمبانى والمساحات الخضراء به، فالمشروع بمثابة كمباوند متكامل، حتى أن الكثير من المواطنين يرغبون فى شراء وحدات سكنية به معتقدين أنه كمباوند استثمارى وكانوا يندهشون عند علمهم أنها مدينة لتطوير العشوائيات.

> تطوير العشوائيات بحى السلام

أمان بعد خوف

بزغرودة استقبلتنا الحاجة جنات حسن ــ ربة منزل ــ فى منزلها الجديد فهى أحد السكان الذين تم نقلهم من عزبة أبو قرن بمصر القديمة بعد أن تصدعت منازلهم وأصبحت آيلة للسقوط إلى مدينة «معا» بحى السلام، قائلة: كنا نعيش وسط العقارب والثعابين، نحتضن أولادنا لننام والرعب يملؤنا خوفاً عليهم من أن يموتوا من لدغة عقرب أو ثعبان، لكن بعد انتقالنا إلى هنا أصبحنا فى أمان بعد خوف، وفى جمال بعد قبح عشنا فيه سنوات طويلة، واستطردت قائلة: «الله يبارك له رئيس الجمهورية ويساعده حتى يجعل مصر أحسن بلد فى الدنيا فما فعله جعلنا نفرح من قلوبنا.. فهو يحتضن الغلابة ونفسى أقابله وأشكره على ما عمله معنا.

وعن الخدمات فى المشروع تقول فى فرح وبهجة: «مسئولو المحافظة يسعون جاهدين لتوفير معظم احتياجاتنا ووفروا أتوبيسات نقل عام من داخل المدينة، كما تم تخصيص سيارة خبز تمر علينا يوميا، وباقى احتياجاتى من الخضار والفاكهة اشتريها من سوق النهضة الذى يبعد عنا ونحتاج إلى ركوب توك توك لنصل إليه بخلاف ارتفاع بعض الأسعار به»، وتناشد المسئولين ــ فى هدوء وثقةـ توفير السلع بالمشروع بأسعار تتناسب ودخلهم بسبب بُعد المسافة عن أماكن عملهم الأمر الذى جعلهم ينفقون أكثر من السابق وأرهق كاهلهم.

الوعود تتحقق

بنبرة حماس لم تخل من الود والامتنان يروى رجب زكى أحمد، أحد سكان «مدينة معًا» ما حدث معه فى سكنه القديم بالفسطاط بمصر القديمة قائلا: «فوجئنا فى إحدى الليالى بميل فى منزلنا ويومها لم نستطع النوم، وفى الصباح الباكر هرولنا إلى قسم مصر القديمة الذى أخطر الحى، فقام بتشكيل لجنة أمرت بإخلاء المنزل و5 منازل ملاصقة له، وللنجاة بحياتنا تركنا متاعنا وأثاثنا، ولم نتخيل أننا سوف ننتقل لمنازل مؤثثة بالكامل، وتحققت الوعود وانتقلت مع أبنائى الأربعة إلى المدينة خلال ١٢ يوما من إخلاء منزلنا القديم تكفلت الدولة خلالها بكل شىء من مكان المأوى بأحد مراكز الشباب والحصول على ٣ وجبات يوميا لأسرتى وأسر أولادى الأربعة بالكامل خلال هذه الفترة، حتى يوم التسكين أحضروا لنا الطعام، وكان الاستقبال حافلا، وهو يشيد بالشكل الجمالى للمدينة والتصميم الرائع للمنازل، قائلا: "لقد شعرنا بآدميتنا، ويكفى أن أحفادى سينشأون فى بيئة نظيفة».

أما جمال رجب أحد سكان مدينة معا ــ سائق ــ فيشيد بالمستوى المبهر للمدينة والمساحة الكبيرة للوحدة السكنية والمقسمة إلى 3 غرف قائلا: «لم تترك الدولة شيئا لتحقيق راحتنا إلا وخططت له جيدا، فأولادى الأربعة ينامون فى راحة وسعادة حيث البنات مخصص لهن غرفة والذكور أيضا لهم غرفة مستقلة، بها جميع اﻷجهزة الكهربائية وكل ذلك بمقابل شهرى زهيد جدا».

ويوافقه الرأى شقيقه عرفة الذى يسكن فى الدور العلوى له قائلا: «أولادى إلى الآن لم يصدقوا أنهم انتقلوا إلى العيش هنا وابنى الصغير يسألنى يوميا: هل هذا السكن مؤقت أم دائم، وابنتى الكبيرة فى الثانوية العامة لا تصدق أنها ستذهب للجامعة من هنا».

أما أطفال مدينة معا فكانوا يلعبون فى سعادة غامرة بوجوه لم تخل من الابتسامة والمرح وعند سؤالهم عن حياتهم الجديدة قالوا هذا المكان جميل ولم نصدق أننا نلعب دون أن تتسخ ملابسنا ونستطيع الجرى بسهولة لأن الطرق ممهدة ونظيفة وسنحافظ عليه كى لا يتحول كالسكن القديم.

بناء البشر قبل الحجر

يحيى إمام، مدير عام الشئون المالية والإدارية والقائم بجميع الأعمال الفنية لمؤسسة معاً، يقول إن الفكرة كان هدفها "بناء البشر قبل الحجر"، وتم تأسيس الجمعية عام ٢٠١٣، وتكفلت الدولة بتخصيص قطعة أرض وتولت المؤسسة إنشاء مدينة سكنية متكاملة الخدمات ــ من التبرعات ــ لرفع مستوى سكان المناطق العشوائية، وبعد عمل بروتوكول بين محافظة القاهرة ومؤسسة معاً خصصت المحافظة قطعة أرض بمساحة ٦٢ فدانا لإنشاء المشروع عليها لتستوعب ٢٥ ألف مواطن، ثم تؤول المبانى والمدينة بأكملها لمحافظة القاهرة بدون مقابل، على أن تتولى المؤسسة إدارة المدينة لمدة خمس سنوات بإشراف المحافظة.

يضيف: «يصل عدد الوحدات السكنية إلى ٤٤١٦ وحدة، ويضم المشروع نموذجين من الوحدات الأول: غرفتين وصالة، ويمثل ثلث وحدات المشروع، والنموذج الثانى: يمثل ثلثى المشروع، ثلاث غرف وصالة، والمشروع تم تصميمه فى البداية على أن تكون الوحدة السكنية غرفتين وصالة إلى أن قامت المؤسسة بعمل بحث اجتماعى تجريبى على منطقة عشوائية وأسفرت نتيجة البحث عن اتخاذ قرار بتغيير تصميم الوحدات وزيادة عدد الغرف إلى ٣ غرف، بهدف فصل الزوجين عن الأبناء وفصل الأولاد عن البنات، وتم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بعدد ١١٠٤ وحدات سكنية ومركز ثقافى يضم مسرحا و٣سينمات ومبنى لإدارة المدينة، ويجرى الآن إنشاء كنيسة ومركز للشباب ودار للايتام والمسنين والمركز الطبى».

ووسط هذا الرصد الذى تسيطر عليه الفرحة والبهجة والسرور وصلت جولة «الأهرام» إلى لحظاتها الأخيرة داخل «مدينة معا» ولكن لم تنته الأحلام والآمال طالما هناك إرادة حقيقية من الجميع لتقدم هذا البلد والثقة التى لا حدود لها فى أن كل الوعود تتحول إلى حقيقة.

خدمات وتطوير المحروسة

فى حى المحروسة، كان فى إستقبالنا عدد من مسئولى جهاز حى المحروسة وبعض الأهالى، واستقبلنا المهندس أسامة عبدالسلام رئيس حى المحروسة بتأكيده أن المدينة تم إنشاؤها عام 2015 وافتتحت فى 2018 وتصل مساحتها إلى 34 فدانا، وتنقسم إلى المحروسة «1» وتضم 3229 وحدة سكنية تم تسكين 2658 أسرة منهم باﻹضافة إلى 84 محلا تجاريا و39 وحدة إدارية، وتتميز بوجود جميع الخدمات، من مسجد ونقطة شرطة ونقطة مطافئ ومدرستين للتعليم اﻷساسى وأخرى للثانوى، سيتم افتتاحها فى العام الدراسى المقبل، إضافة إلى ملاعب كرة القدم والأنشطة الرياضية الأخرى، ومركز طبى متكامل وعيادات خارجية لجميع التخصصات، وتبلغ قيمة الكشف فى العيادة جنيهاً واحداً فقط ﻷهالى المحروسة، باﻹضافة إلى المستشفى العام فى السلام لإجراء العمليات الجراحية، والدولة عندما أنشأت المدينة حرصت على أن يكون تخطيطها متكاملا لخدمة المواطن، فأنشأت حضانة ومركزا تجاريا ومنفذين لتوزيع الخبز ومجمعا استهلاكيا لصرف المواد التموينية ونقاط الخبز،إلى جانب وجود منظومة امان وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ومنطقة البرجولات والمسطحات الخضراء التى تضيف لمسة جمالية للمكان، وتعتبر متنفسا للأهالى الذين جاءوا من عدة مناطق من حى الشرابية والسكاكينى وروض الفرج والمهاجرين والعصارة بالمرج وعرب الحصن بالمطرية وعزبة الهجانة بمدينة نصر، هؤلاء عانوا لسنوات طويلة من العشوائية وعدم العيش بشكل آدمى، وتم تسليمهم وحدات مساحتها 65 مترا عبارة عن غرفتين وصالة وحمام ومطبخ، على المفتاح، وهى مجهزة من أثاث ومفروشات وأجهزة كهربائية باﻹضافة إلى الغاز والمياه والكهرباء.

أما مدينة «المحروسة 2» فتشمل 1666 وحدة سكنية، تم تسكين 504 أسر إضافة إلى 6 وحدات إدارية، ولا تختلف عن المحروسة «1» من حيث الخدمات المتكاملة وجار تجهيز 1124 وحدة سكنية لتصبح جاهزة للتسكين بعد إصدار تعليمات من المحافظة، ويتم تسكين الأهالى خلال ساعة من إرسال المحافظة بأوراقهم، بحقيبة ملابسهم فقط.

خالية من اﻷمية

يضيف أن الدولة لم تترك اﻷهالى حتى بعد التسكين بل تعنى بتقديم كافة الخدمات بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع، وتتولى صيانة جميع الوحدات السكنية بعد التسكين، وليس على المواطن فى حالة مواجهته لأى مشكلة فى وحدته السكينة سوى إبلاغ الحى، وعلى الفور يتم عمل الصيانة اللازمة للوحدة، ويوضح الدور الكبير للجمعيات اﻷهلية والمجتمع المدنى فى هذا الملف سواء من خلال عمل ندوات تثقيفية للسيدات واﻷطفال، أو تعليم الكبار ويقول: «قريبًا سنعلن أن المحروسة خالية من اﻷمية، وتشارك الجمعيات الأهلية فى التوعية العلاجية للتعرف والكشف المبكر عن اﻷمراض والحملات التوعوية للتباعد الاجتماعى والوقاية من فيروس كورونا، مع الاهتمام بالحالة اﻹجتماعية للأهالى الذين يحتاجون إلى إعانات ومعاشات من التأمين الاجتماعى، بخلاف مبادرة الزواج التى ساهمت الجمعيات اﻷهلية فيها بمساعدة 15 فتاة مقبلة على الزواج وتقديم كل مستلزمات الزواج واﻷجهزة الكهربائية، كما يقيم الجهاز لأهالى المحروسة الاحتفالات كالاحتفال بيوم اليتيم بالتعاون مع محافظة القاهرة والتضامن الاجتماعى وصندوق تطوير العشوائيات ويتم تقديم الهدايا للأطفال اﻷيتام».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق