رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«يوميات طائر الزنبرك»..
الغوص فى العمق بحثا عن الحقيقة

رانيا عبدالعاطى

كيف يمكن للأحداث الصغيرة العادية أن تؤدى بنا إلى وقائع كبرى غير عادية تنقل حياتنا إلى منطقة أخرى مختلفة تماما عن   تلك التى كنا نحياها ؟ كيف تتشكل التجارب الإنسانية وكيف تترك علاماتها بداخلنا  وهل لأخطاء الماضى  دين لن نتوقف أبدا عن دفعه ! من حياة عادية لشخص عادى إلى سلسلة متتابعة من الأحداث الغامضة والتجارب غير العادية   تتبدل حياة بطل أحدث الأعمال المترجمة إلى العربية الكاتب اليابانى الشهير هاروكى موراكامى «يوميات طائر الزنبرك»، الصادرة  عن دار الآداب بالتعاون مع مكتبة تنمية  فى طبعة مصرية خاصة، بترجمة أحمد حسن المعينى  فى كتاب واحد  يضم الجزءين الأول والثانى.

يصدر الجزء الثالث والأخير فى الثلاثية  قبل نهاية هذا العام، وهى الرواية التى أثارت جدلا كبيرا فى اليابان وقت صدورها  بثلاثة أجزاء فى الفترة ما بين 1994 و 1995  وحازت جائزة يوميورى الأدبية  اليابانية والتى تبلغ قيمتها 2 مليون يوان يابانى . تدور أحداث الرواية  عام 1984  البطل الرئيسى للعمل هو «تورو أوكادا»  شاب فى مقتبل  الثلاثينات استقال حديثا من عمله و متزوج من «كوميكو» التى تعمل فى مجال النشر , تبدأ الأحداث  بقيام  البطل بالبحث عن قطهم الضائع، تلك العملية التى ستقود إلى سلسلة من الأحداث المتتالية  التى  سيلتقى خلالها البطل بشخصيات تجره  إلى عوالم مختلفة وتقوده إلى تجربة غرائبية بعد ان تتحول عملية البحث عن القط إلى عملية بحث عن الزوجة نفسها بعد أن عزمت على الرحيل والاختفاء وإلى تجربة يغوص فيها البطل فى بئر عميقة باحثا عن  ذاته وعن الحقيقة . رموز متعددة لشخصيات موراكامى يلتقيها البطل ما بين المراهقة الشابة التى  دائما ما يمنحه الحديث معها منظورا مختلفا لرؤية الأشياء وكأنها هنا صورة رمزية للمستقبل أو الإدراك المختلف الذى نحتاج إليه كعامل محفز لتغير مسار  تفكيرنا ،ومن بعده حياتنا و رغم كل ما تبدو عليه الفتاة من مظاهر الاستهتار، فإنها تمتلك قدرا من الحكمة لا يتناسب مع ذلك المظهر خاصة أنها منشغلة التفكير دائما بفكرة الموت وهى التي  أطلقت  على البطل اسم السيد طائر الزنبرك ذلك الطائر الذى ارتبط البطل بصوته  واعتبره رمزا لإعلان بدء الحركة فى عالمه الصغير .

ثم  يلتقى الملازم ماميا الضابط السابق بجيش كوانتونغ بفترة الاحتلال  اليابانى  لمنشوريا  والذى يروى له عن ويلات الحرب والجرائم التى ارتكبتها اليابان فى الصين  وربما كان ذلك الأمر هو الذي  تسبب فى تلقى الكاتب بعضا من الهجوم  على الرواية  بسبب ما أظهرته من جرائم حرب ارتكبتها اليابان .  ذلك اللقاء بين البطل المحارب اليابانى  الذى سيقود إلى تجربة مهمة سيقوم بخوضها البطل للاقتراب من ذاته وفى بحثه عن  الحقيقة وكأنه يستمد من تجارب الماضى وأخطائه ظلالا لاستيعاب حاضره .

الرواية تبدو للوهلة الأولى رواية بوليسية يكتنفها غموض البحث عن القط الضائع والزوجة المفقودة إلا أنه أيضا يمكن تصنيفها كواحدة من الروايات التى نشاهد من خلالها التحول والنضوج النفسى لأبطالها.

ورغم  الفارق الزمنى فى الصدور بين الرواية التى بين يدينا ورواية «مقتل الكومنداتور» التى صدرت بعدها بأكثر من عشرين عاما  فإن العملين يشتركان فى العديد أهمها البئر، الذى يلعب دورا مهما فى كلا العملين و الزوجة التى تقرر ترك البطل  ثم الطبيعة الهادئة المستسلمة لشخصية البطل  هذا بالطبع إلى جانب ظهور العناصر الدائمة للوصفة الموراكامية للأدب فى ثلاثية الطبخ والموسيقى والقطط.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق