يعد مشروع إعادة فتح طريق الكباش هو المشروع الثقافى الأكبر الذى تشهده الأقصر منذ عدة عقود والمنتظر افتتاحه وسط احتفالات كبرى قبل نهاية هذا العام.
يقول الدكتور مصطفى الصغير، مدير عام آثار الكرنك، إن عملية البحث عن طريق الكباش ممتدة منذ أكثر من عقد، فكانت أولى تلك المحاولات فى 18 مارس 1949 فى عهد الأثرى المصرى الشهير زكريا غنيم صاحب اكتشاف هرم الملك سخم- خت فى منطقة سقارة، والذى كان يقوم بأعمال حفر وتنظيف فى محيط معبد الأقصر ضمن أعمال الحكومة المصرية فى إزالة الطبقات الطينية التى كانت تغطى معبد الأقصر فى ذلك الوقت، فكافأه القدر بالعثور على رأس أول تمثال من تماثيل الكباش والتى كان يظنها فى البداية تمثالاً كاملاً مثل باقى التماثيل الموجودة فى صروح المعبد. وباستمرار أعمال التنقيب، عثر على بداية الطريق فى معبد الأقصر والذى اشتمل على أول 4 تماثيل ستكون بداية معرفة علماء الآثار بما يعرف اليوم بطريق أبو الهول الذى اشتهر باسم طريق الكباش.
أما المرحلة الثانية فى اكتشاف الطريق فكانت فى عام 1958 على يد الأثرى الدكتور محمد عبد القادر عام 1958 الذى قام باستكمال العمل السابق، وتم الكشف عن 16 تمثالاً أخرى فى نفس المنطقة بمعبد الأقصر. وفى عام 1962 تمكن عالم الآثار الراحل الدكتور محمود عبد الرازق من الكشف عن 55 تمثالاً جديدا، ثم توقفت أعمال الكشف عن الطريق لأكثر من عشرين عاما، ثم تم استئنافها فى عام 1984 على يد الدكتور محمد الصغير الذى قام باستكمال عمل سابقيه بالكشف فى المنطقة داخل معبد الأقصر. وأضاف إليها إنشاء وحدة متخصصة فى إدارة آثار الأقصر تكون مهمتها الكشف عن الطريق فى المنطقة الممتدة ما بين معبد الأقصر والكرنك، ليستغل وجود بعض المناطق الخالية من إشغالات المبانى به للكشف عن التماثيل فى عدة مناطق أبرزها مابين طريق المطار ومعبد موت داخل معابد الكرنك. وقد استمرت تلك الوحدة فى عملها حتى عام 2000 عند خروجه إلى المعاش.
ويشير مدير آثار الكرنك إلى أن الصحوة الكبرى التى حدثت لمشروع الكباش كانت فى عام 2005، عندما بدأ الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر السابق فى تنفيذ مشروع تحويل الأقصر إلى أكبر متحف عالمى مفتوح وإحياء مشروع طريق الكباش وإزالة كل المعوقات التى كانت تعيق عمليات الكشف عن الطريق الممتد بطول 2 كيلومتر و700 متر ما بين معبدى الأقصر والكرنك.
فتم توفير الدعم المالى اللازم لتنفيذ المشروع وأرسلت الآثار بعثة للكشف عن الطريق برئاسة الدكتور منصور بريك الذى كان مدير عام آثار الأقصر وقتها، واستمر عمل البعثة حتى عام 2011 لتنجح الجهود المشتركة بين محافظة الأقصر والآثار فى الكشف عن 80% من الطريق وهو المشروع الذى تجاوزت تكلفته 240 مليون جنيه الا أن الأعمال توقفت بسبب فترة ثورة يناير آن ذاك.
وبعد توقف تجاوز 7 أعوام، أعادت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عام 2017 الحياة للمشروع مرة أخرى، ليتم تكليف وزارة الآثار ومحافظة الأقصر باستئناف العمل بالطريق، فتم إزالة مبان وإنشاء غيرها جديدة تعويضا عنها، وهذا بالإضافة إلى ما قد تم إزالته من منطقة نجع أبو عصبة وصرف تعويضات لأصحابها العام الماضى.
ويؤكد الدكتور مصطفى الصغير أن أعمال الكشف والتنقيب التى تقوم بها البعثة المصرية العاملة فى طريق الكباش لن تتوقف بعد استكمال أعمال اكتشاف التماثيل على الطريق وافتتاح المشروع، فطريق الكباش أحد الكنوز الأثرية التى لا تتوقف عن كشف أسرار من خبايا الحضارة المصرية القديمة.
فخلال أعمال التنقيب التى تمت منذ عام 2005 تم العثور على معصرتين للنبيذ فى منطقتين مختلفتين بالطريق ومقياس للنيل وعدد من الحمامات، كما عثرت البعثة فى الأيام الأخيرة على بقايا كتلة حجرية عليها نقش اسم الملكة نفرتيتى زوجة الملك أخناتون وهو الأمر الذى لا يحدث كثيرا فى أعمال الكشف عن الآثار فى محيط الأقصر، فقد حرص كهنة أمون على إزالة جميع الآثار الخاصة بالملك أخناتون والملكة نفرتيتى بعد تمرد اخناتون ومغادرته طيبة إلى "تل العمارنة"، ولذلك فإن العثور على ذلك النقش يؤكد أن الكباش لن يتوقف عن كشف المزيد من الأسرار.
رابط دائم: