وكأن أفغانستان دخلت ممر «المجهول»، ولكن بالنسبة لبعض نسائها، فهناك «أكيد» وهو استمرار السعى من أجل التعبير عن أنفسهن، ولو فى أحلك المراحل التاريخية. الفنانة الأفغانية سارة رحمانى من نساء أفغانستان المكافحات ضد إهدار أحلامهن.
وبينما كانت عناصر طالبان تدخل أراضى أفغانستان، كانت سارة رحمانى تبعد فعليا آلاف الأميال، حيث تقيم بمنزلها فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ولكنها كانت هناك بقلبها فى كابول العاصمة، كانت تبدع لوحتها المعبرة عن اللحظة الفارقة فى تاريخ بلادها.
ينقل موقع «سى.إن.إن» الإخبارى الأمريكى عن سارة قولها: «كنت وقتها أرسم فتاة أفغانية تشع جمالا، فأنا أحب إبراز الجوانب الجمالية فى كل شخوص لوحاتى وكل النواحى الثقافية ببلادى». وتضيف: «كنت قد بدأت رسم لوحتى، وبعد يومين تمكنت طالبان من السيطرة على كابول، فنال ألم عظيم من قلبى».
ووفقا لتقرير «سى.إن.إن» فإن رحمانى، التى عاشت عمرها كله بأفغانستان، كانت قد استقرت وأسرتها فى أمريكا قبل أربعة أعوام، خاصة أن أباها يعمل لمصلحة شركة أمريكية. واليوم هى تشرع فى دراسة الهندسة المدنية، وتواصل السعى وراء فنها كهواية.
اللوحة التى بدأت قبل ساعات من دخول طالبان كابول اكتملت، ولكنها أخذت منحنى آخر بعيدا عما بدأت به. فقد ضمنتها ألوان العلم الأفغانى، ومنحت زاوية خاصة لفتاتين أفغانيتين ترتديان الزى الأفغانى القومى، إحداهما تؤدى الرقصة التقليدية التى من المعتاد تأديتها فى المناسبات المفرحة مثل الأعراس. والثانية تخط كلمة «سلام» باللغة الفارسية.
وفى قلب لوحة سارة، تطل فتاة كانت هى أساس اللوحة وبدايتها، ولكن ملامحها اكتست حزنا إلا من جانب يمر به الضوء، فيعكس ابتسامة ونظرة ثاقبة كاشفة ترمز لمرحلة ما قبل عودة بلادها إلى أيدى نظام طالبان. وتضيف سارة: «يلاحظ المتأمل أن يدى بطلة اللوحة متسختان، فهى تهيم حبا باللعب مع الأطفال فى الشوارع بحرية وثقة. أما شعرها فزينه وشاح أخضر يرمز لمعانى السلام والفرحة».
وفى أدنى زاوية من يمين اللوحة رمز لواقع الحاضر الأفغانى باقتباس بعض أشهر المشاهد التى كشفتها قنوات الأخبار العالمية، وهو تلك الطائرة المغادرة ويتساقط منها الساعون للهروب، وأخرى لجندى أمريكى يلبى طلب أسرة أفغانية يائسة نقل رضيعها إلى داخل أراضى مطار كابول. وكأن المنتظرون عند بوابات المطار وإن لم يكتب لهم المرور والهروب، فإنهم حريصون على ضمان حياة أفضل لأبنائهم.
تعلق سارة على لوحتها، فتقول: «كونى هنا فى أمريكا يعنى أننى فى أمان لكن لا يعنى الاطمئنان على مستقبل بلادى وأسرتى وأصدقائى هناك. فطوال الأيام العشرة الأخيرة، ونحن نسعى وراء أى فرص لإخراجهم من أفغانستان، وهذه مأساة أخرى. أن يهاجر الجميع ويترك بلاده».
رابط دائم: