رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أشلاء الشقيق الأكبر فى صناديق القمامة

محمد شمروخ
الشقيق المتهم

كان لابد أن يحدث هذا الكيس البلاستيكى الأسود المربوط بإحكام نوعا من الفزع، حينما شك فيه عمال النظافة، وهو ملقىً فى صندوق لجمع القمامة بأحد شوارع المنية الشرقية بإمبابة، فقد تأكد ما وقع فى روع أحدهم مع فتح الكيس، إذ كان به ساقان آدميتان!.

سرت موجة من الهلع لبشاعة الجريمة، وراح الناس يرتقبون فى قلق كشف أسباب هذه الجريمة والتوصل إلى مرتكبها ليزول الفزع وتستريح الضمائر من هذا القلق عند ضبط القاتل، وتحقيق القصاص العادل فيه. لم يمض من الوقت الكثير حتى تتابعت البلاغات، بالعثور على بقية أجزاء الجثة، فى عدة أماكن ما بين إمبابة والوراق.

الآن نحن أمام جريمة قتل كاملة الملامح، وإن لم تكن اكتملت أجزاء الجثة بعد. أولى صعوبات مثل هذه الجرائم التى تستفز رجال البحث الجنائي، هى تحديد شخصية المجنى عليه، فذاك هو الشوط الأكبر والأكثر أهمية فى طريق كشف الملابسات الغامضة. لكن قبل تلك الخطوة المهمة والجوهرية، بدا، بما لا يدع مجالا للشك، أن الجريمة انتقامية، مع احتمال كبير بأن يكون مرتكبها من الدائرة المحيطة بالمجنى عليه، لأن التخلص من الجثة بهذه الطريقة يوحى بأن القاتل يريد أن يخفى كل أثر لجريمته، حتى لا يشك فيه من حوله.

لكن لم يمض من الوقت الكثير حتى بدأت ملامح الجريمة تكتمل، مع نجاح فريق البحث، الذى أمر به اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام فى كشف شخصية القتيل، الذى عُثر على معظم أجزاء جثته، موزعة فى أكياس سوداء على عدد أماكن تجميع القمامة فى دائرتى قسمى إمبابة والوراق.

وكان القتيل رجلا جاوز الستين من العمر، يعمل حلاقا، ويقيم فى منطقة المنيرة الشرقية التى عثر فيها على أول أجزاء جثته. إذن، فقد تيسر الوصول إلى القاتل، طالما تم تحديد شخصية القتيل فمن خلال أحداث حياته وعلاقاته يمكن تكثيف الدوائر حتى ينتهى بالدائرة الأخيرة التى يقبع القاتل فى مركزها، لكن الأمر لم يكن سهلا، فقد تم فحص علاقات القتيل الذى يعمل كوافير رجالى فى محل يملكه بالحى نفسه ولم يكن هناك ما يشير إلى ما يمكن أن تنتهى به حياته بهذه النهاية البشعة.

حيث كشفت التحريات التى قادها اللواء مدحت فارس مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة عن أن القتيل له شقيق يصغره بعامين، يعمل بمهنة الحلاقة أيضا، ولكن ظروفه المالية فى غاية السوء بسبب الديون المتراكمة عليه فى الوقت الذى كان الشقيق الأكبر ذا سمعة طيبة ويكسب ود واحترام الجميع ويحقق دخلا عاليا، بينما كانت سمعة الشقيق الآخر ذى ٥٩ سنة، سيئة بسبب سلوكه المعوج الذى أدخله فى طائفة المشبوهين جنائيا.

وكما هو متوقع كان الشقيق الفاسد يلجأ إلى القتيل للاقتراض منه حتى قرر ألا يقرضه مرة أخرى بسبب اعتماده عليه وإهماله فى العمل، فتظاهر بأنه سمع نصيحته وبأنه سوف يكف عن سلوكياته المشبوهة، خاصة أنه سيكمل الستين بعد أقل من عام، ولإثبات حسن نيته وجه الدعوة لشقيقه الأكبر لزيارته، وتناول العشاء معه فى شقته الجديدة التى استأجرها فى المنطقة نفسها مع وعد بأن يصلح من حاله، وبالفعل، ذهب أخوه إليه، لا يشك لحظة فى نيته تجاهه. ولكن فى أثناء جلوسه فى الشقة، غافله شقيقه بحركة مفاجئة، بأن لف حبلا حول رقبته وخلال ثوان، معدودة صار جثة هامدة.

وكان القاتل قد أعد العدة للتخلص من جثة شقيقه، فأحضر سكينا حادا، وعددا من الأكياس، وراح يقطع الجثة على مهل، ويهبط بكل كيس ليلقيه فى منطقة مختلفة، وكأنه يأتم بما فعله «ست» إله الشر فى الأسطورة المصرية القديمة، بقتله أخاه الأكبر أوزوريس، وتقطيع جثته وتوزيعها على عدة أرجاء!

وهرع القاتل إلى محل الحلاقة الخاص بشقيقه، واستولى على مبلغ ٣٠ ألف جنيه كانت بالمحل، وطمع أن يقرضه القتيل مبلغا منها، ثم مضى منتشيا بظفره بحصوله على المبلغ كاملا، ليكمل مهمته الشيطانية بتوزيع الأكياس التى تحوى أشلاء أخيه على صناديق جمع القمامة فى الشوارع.

لكن مباحث الجيزة، بإشراف اللواء عاصم ابو الخير نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة كانت بالمرصاد لحفيد «ست» الجديد، فمن خلال خطة البحث العاجلة وفحص ومراجعة الكاميرات المنتشرة فى المناطق التى جمعت أشلاء الجثة منها، تم تحديد الشقيق القاتل ومواجهته بما سجلته الكاميرات والشهود الذين أكدوا أنهم رأوه مع شقيقه قبل أن يختفى وهما فى طريقهما إلى شقة القاتل الجديدة.

لم يستطع القاتل إنكار ما تم مواجهته به، فاعترف أمام اللواء علاء فتحى مدير المباحث الجنائية بالجيزة بأن حقده على أخيه كان دافعه للجريمة، خاصة وأن شقيقه يتمتع بسمعة حسنة وبسببها صار عمله يدر عليه دخلا كبيرا.

وقد أرشد القتل على الأجزاء المتبقية من الجثة، لتتم مع اكتمال خيوط الجريمة التى شكلت الصورة النهائية البشعة لجريمة قتل كانت حديث إمبابة، بدأت بفزع شديد عند العثور على الأشلاء وانتهت بفزع أشد عند كشف غموضها، مما يمكن أن يفعله شقيق بشقيقه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق