القضاء على أمراض سوء التغذية أحد الاهداف التى توليها الدولة عناية كبيرة بهدف تربية جيل سليم عقليا وبدنيا .
وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أنه هناك نحو 4 ملايين طفل يعانون السمنة و8 ملايين يعانون الانيميا بالاضافة إلى التقزم أو قصر القامة وغيرها من الأمراض الناتجة عن سوء العادات الغذائية مما ينعكس سلبا على نموهم وتحصيلهم الدراسى ومناعتهم خاصة فى الفترة الحالية وانتشار الامراض الفيروسية.
د. إيمان إحسان - د. أروى بدر الدين
هذا ما تؤكده د. إيمان أحمد إحسان أستاذ طب الأطفال ورئيس أقسام الأطفال بقصر العينى قائلة مع زيادة الوزن تزيد نسبة الدهون فى الدم وترتفع نسبة الكوليسترول مما يؤثر فى الأوعية الدموية والقلب ووظائفه، ومن الناحية النفسية تتسبب زيادة الوزن فى عدم مشاركة الطفل أقرانه فى اللعب بسبب قلة الحركة والشعور بالتعب من أقل مجهود وكذلك عدم الثقة بالنفس.. ويؤدى عدم حرص الكثيرين على اتباع نظام غذائى صحى لأطفالهم إلى الإصابة بسوء التغذية، وبالتالى الإصابة بالكثير من الأمراض مثل فقر الدم وأمراض نقص البروتين
أما أسباب سوء التغذية فهى عديدة منها عدم تناول العناصر الغذائية المهمة التى يحتاجها الجسم. مع الإفراط فى تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والأطعمة المقلية، وقد تكون أيضا بسبب الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمى التى تجعل الطفل غير قادر على تناول الطعام أو إلتهاب الحلق والأمراض التى تصيب الأمعاء، وتعرض الأطفال ايضا للإصابة بالأمراض النفسية ومن أهمها الاكتئاب والتوتر والقلق. وبسبب سوء التغذية تنتج أمراض عديدة منها فقر الدم الذى ينتج عن نقص عنصر الحديد بالجسم، والمعاناة من التعب والإجهاد وشحوب الجلد. وأمراض نقص البروتين، ومنها فقدان الشهية والتضخم بالكبد والإصابة بالأمراض الجلدية ومنها التهيجات المختلفة لدى الأطفال. وأيضا نقص فيتامين «أ» الذى يؤدى إلى إصابات بقرنية العين ويسبب العتامة والعمى ولذلك اوصت منظمه الصحة العالمية بضرورة إعطاء فيتامين «هـ» فى السنة الأولى من عمر الطفل وهو مدرج فى جدول تطعيمات وزارة الصحة عند ٩ شهور، وينتج عن سوء التغذية أيضا نقص فيتامين «ج» الذى يعمل على رفع المناعة لتجنب نزلات البرد والإصابة بفيروس كورونا.. ويعتبر فيتامين «د» مهما جدا حيث يدخل فى تكوين الاسنان والعظام وفى وظائف الكثير من الانزيمات والهرمونات، ولذلك تتم اضافته كمكمل غذائى للأطفال منذ اليوم الأول بعد الولادة.. ويعانى أطفالنا نقصه، مما يؤثر على نموهم السليم وذلك لعدم تعرضهم إلى ضوء الشمس بصورة كافية وهى اهم مصدر له ولعدم تناول الاطعمة الصحية المفيدة، ويعتبر الكالسيوم وفيتامين د مهمين لنمو العظام والاسنان ونقصهم يؤثر سلبا فى النمو وطول القامة.. أما السكريات فلها تأثير سلبى على صحة الطفل من رفع نسبة السكر بالدم فى بعض الأطفال وفرط الحركة أوالخمول أيضا مما ينعكس سلبا على الدراسة والتحصيل، ونقص الحديد وفيتامين «ب» بأنواعه يؤدى إلى نقص المناعة وعدم التركيز وبطء النمو.
وتؤكد د. أروى محمد بدر الدين أخصائية التغذية العلاجية وتغذية الرياضيين فالنمو الطبيعى للطفل يعتمد على ثلاثة محاور أساسية وهى التغذية السليمة والنشاط البدنى والصحة النفسية .. التغذية السليمة هى عبارة عن غذاء متوازن به نسب معينة من البروتين والنشويات والدهون تحدد على حسب سن الطفل ووزنه وطوله ونشاطه البدنى وتغطى الفيتامينات والمعادن بصورة تلقائية معه فإذا إلتزم الطفل بتلك النسب فلن يحتاج لأى فيتامينات خارجية.
أما شرب الماء الذى يغفله الكثيرون فهو من أهم عوامل التغذية السليمة ولتحديد المقياس المثالى لحاجة الجسم إلى الماء لون بول الطفل فلابد ان يكون فاتحا بدرجة معينة، فنقص الماء خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة يسبب خللا فى كل وظائف الجسم.
وتشير التوصيات العالمية لتغذية الأطفال بالذات فى المدارس إلى أن نسبة الملح والدهون بها لابد أن تكون بأقل نسب ممكنة، ويتم تحديدها حسب عمر الطفل وللأسف هناك دراسات تؤكد أن الأطفال فى منطقة الشرق الأوسط تتناول كميات قليلة جدا من الفاكهة والخضراوات الطازجة رغم أهميتها لأن الألياف تحمى الجهاز الهضمى من أمراض عديدة ابتداء من الإمساك حتى السرطان كما تحمى الفيتامينات والمعادن بها من حدوث نقص المناعة او الأنيميا بسبب عدم تناول كمية كافية من فيتامين «ج» والذى يساعد فى امتصاص الحديد.
وتضيف د. أروى أن هناك أطفالا تتناول الشاى والقهوة بعد تناول البقوليات مما يزيد من نسب الأنيميا، فالشاى يمنع امتصاص الحديد فى البقول وليس له تأثير على الحديد الموجود باللحم او الفراخ او السمك أى المصادر الحيوانية للبروتين.
وتوضح د. أروى بضرورة إدراج البيض واللبن فى الغذاء اليومى للطفل لمن لا يستطيع ماديا شراء سمك او لحوم يوميا.. وأيضا تنويع البقول وتناول ربع رغيف يحتوى على نحو 3 جرامات بروتين، وتنويع الخضار والفاكهة، وتناول الجبنة البيضاء فهى من مصادر البروتين أيضا، والخضر والفاكهة تحتوى على مضادات الأكسدة والفيتامينات.. وطهى اللحوم بدرجة معقولة بحيث تقتل البكتيريا بداخلها، وعدم الإكثار من الشى على الفحم لأنه يسبب السرطانات.. وتناول الخبز الأسمر فألياف يتم هضمها ببطء مما يشعر بالشبع .
المحور الثانى: هو النشاط البدنى المتزن دون المبالغة فى التمارين المرهقة حتى لا يفقد الطفل الاستمتاع بطفولته وليعلم الأهل أن هناك حدا أقصى لتدريب عضلات الطفل حتى تنمو العضلة بشكل صحى وينمو الطفل بشكل طبيعى ويستطيع تحقيق البطولة التى يسعى لها.. وبالنسبة لتغذية الرياضيين من الأطفال فيجب عدم المبالغة فى تناول البروتين، والاهتمام بالقدر الكافى.
أما بالنسبة لتقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2016 فإن نحو 87% ممن تتراوح اعمارهم بين 13 و18 لا يمارسون أى نشاط رياضى.. المشكلة أن هذه الفئة العمرية يحدث فيها نمو بشكل كبير ويتكون كثافة العظم بدرجة كبيرة، وبالتالى يتعرض الشخص بشكل اكبر لهشاشة العظام عند الكبر إذا لم يمارس الرياضة فى الصغر.. وللأسف فقد انتشرت ظاهرة وجود اطفال مصابين بالنوع الثانى من السكر وارتفاع الكولسترول بسبب السمنة وعدم الحركة.
المحور الأخير وهو النمو النفسى السليم فتؤكد د. أروى أنه مستحيل أن يصل الشخص له دون تغذية سليمة ونشاط بدنى سليم لأن الرياضة المتوازنة مع التغذية السليمة تجعل الحالة النفسية للطفل وحركته سليمة حيث تسبب الرياضة افراز مواد مضادة للاكتئاب ومضادة للألم. ومن المثبت علميا انه لتحسين الحالة المزاجية ممارسة التمرينات الرياضية المتوسطة فالرياضة العنيفة لفترات طويلة تقلل المناعة.
رابط دائم: