رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

علماء بالأزهر: التكافؤ فى الزواج.. يقلص الانهيارات الأسرية

سهير طاهر

نوع غريب من الخلافات الزوجية التى تقود إلى انهيار الأسرة، بدأ يغزو المجتمع المصري، فى الآونة الأخيرة، دون أن يكون هناك سبب ملموس ـ بعد إرادة الله عز وجل ـ لتفاقم هذا الخلاف بين طرفين يتمتع كل منهما بخصال حميدة، والأعجب أن يكون كلاهما على قدر من التدين!

علماء الأزهر يرجعون خلافات هؤلاء الأزواج إلى غياب التكافؤ، الذى يسهم فيه الاغتراب الأسرى والاجتماعى الذى انتشر بالمجتمع، موضحين أنه أمام الرغبة فى سرعة إتمام الزواج، يرتدى كثير من المتزوجين، أقنعة خادعة فى فترة الخطبة، مما يخفى كثيرا من سماته الشخصية، التى سرعان ما تنكشف بعد الزواج، وتكون حجر عثرة أمام نجاحهما، الأمر الذى يتطلب مراعاة الشفافية الكاملة لدى التعارف، وتحقيق الحد الأدنى من أوجه التكافؤ، التى دعا إليها الإسلام.

فى البداية يقول الدكتور عبد الله سرحان عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر، إن التكافؤ فى الزواج يعنى أن يكون الرجل كُفؤا للمرأة، والمرأة كُفؤا للرجل، مما يتطلب وجود تقارب نفسى وفكرى وعقلى وثقافى واجتماعى بينهما، وهذا ما هدف إليه الإسلام من التكافؤ فى الزواج ، فإذا كان الزوج أقل من زوجته علميا وفكريا وثقافيا واجتماعيا، نجد فى ذلك ما يدعو الزوجة إلى النشوز عن زوجها، والترفع عليه، أو العكس، مما يثير الخلافات بينهما. ويوضح أن نظرة الإسلام فى التكافؤ نظرة واقعية تتناسب مع وجود العوامل المشتركة بين الزوجين لاستدامة الحياة الأسرية، وإلى هذا يوجههنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله: «تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم»، فالتكافؤ فيه ما يدل على أن اختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح من أهم الأمور فى الحياة، لأن الكفاءة ومراعاة فروق الاختلاف بين الناس أمر مطلوب، ويعين على استقرار الحياة، كما أن اختيار المرأة الكفء ذات الدين والصلاح، ضروري، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل، فلا تختاروا إلا كفؤا، أى الأمثال لكم. ويبين أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حث الأولياء على أن يزوجوا بناتهم لمن يماثلونهن فى النسب والمكانة والمعيشة والدين وغيرها. موضحا: رغم أهمية شرط التكافؤ فإنه لا يبطل عقد الزواج لأنه ليس من شروط إتمام الزواج، ولكن إذا حدث شقاق بين الزوجين يجوز للولى أو للزوجة أن تشتكى للقاضى من عدم التكافؤ من خلال العشرة والاختلاف بينهما، ويحق للقاضى أن يفسخ العقد.

جوانب التكافؤ

الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، يرى أن التكافؤ من أهم الشروط الضمنية المطلوبة عند الزواج، لأنه يعتبر تماثلا بل تقاربا بين مستوى الزوجة والزوج، مشيرا إلى أن من أهم عوامل التكافؤ الجانب الاقتصادي، يليه المستوى الثقافى والفكري، فينبغى أن يتحقق التكافؤ فى البناء العام للسمات الشخصية، والمقصود هنا نهج الحياة مثل التدين وأداء العبادات والواجبات الاجتماعية. ولا يمكن أن نغفل التكافؤ فى المشاعر، إذ لابد من أن يكون لدى كل منهما قدر من الحب والتقدير للآخر. ويضيف: التكافؤ فى مجمله يعنى وجود مشتركات كثيرة بين الطرفين، وهو أدعى للتفاهم والتقارب فى وجهات النظر حتى عند الاختلاف، وهذا يقتضى الشفافية والواقعية بين الطرفين فى أثناء الخطبة، بلا تجمل أو تكلف، حتى يسهل على كل طرف تفهم شخصية الآخر، ومعرفة نقاط الاتفاق والاختلاف، ومدى القبول بها، والتكيف معها فيما بعد. ويتابع: كلما قلت المشتركات، اتسعت الفجوة، وتسلل الخلاف والنفور إلى الحياة الزوجية، وهو ما قد يؤدى إلى عدم التفاهم، واحتمال الانفصال، فيجب أن يكون مجال اهتماماتهما مشتركا ومتقاربا، حتى لا يتسلل إليهما الخرس الزوجي، أو تكثر الخلافات والخصام، ومن ثم يقع الانفصال.

ويوضح أنه بالنسبة للتكافؤ السني، الأوفق ألا يزيد الفرق بين الطرفين على عشر سنوات لمصلحة الرجل، وهذا الفارق يساعد على تحقيق القوامة للرجل، بخلاف إذا تساويا فى السن، أو تقدمت الزوجة عليه فيه، فهذا أدعى لتقدمها الفكرى والعقلى عليه، لأن الأنثى تسبق الذكر فى النضج، مما يؤثر على نظرتها إليه، وقدرته على احتوائها. ويشير إلى أن من الأمور التى يجب مراعاتها أيضا التوافق البيئى والثقافى والعادات والطبائع، كالتزاوج بين أبناء الريف والحضر، فكثيرا ما تدب الخلافات بينهما، نتيجة اختلاف عادات أهل الريف عن أهل الحضر، وينبه أستاذ علم الاجتماع إلى أن وجود صفات عامة حسنة لدى شخص ما لا يكفى لقبوله زوجا، فقد يكون الشاب متدينًا، لكنه لا يصلح زوجا لبنت ما، وقد تكون الفتاة على قدر من الصلاح لكنها لا تناسب شابا بعينه، نظرا لعدم التكافؤ بينهما، مؤكدا أنه لا مانع من أن تكون الاهتمامات مختلفة على أن يوجد تفاهم فى هذه الاهتمامات، ومحاولة تقارب بين آرائهما.

فجوة ثم نفور

من جهته، يرى الدكتور محمد حسن سبتان وكيل كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر، أن الكفاءة بين الزوجين مهمة اجتماعيا، إذ تساعد فى استمرار ونجاح الحياة الزوجية. فالزواج ينجح عند وجود تقارب بين الطرفين من الناحية الفكرية والدينية وأيضا الدنيوية، فإذا كان كلا الزوجين كفؤًا للآخر، وضحت الرؤية لما يرسمه الطرف الآخر من أمل يريد تحقيقه، ومن ثم يكون كلاهما معينا للآخر على مواصلة الطريق لتحقيق الهدف الذى يصبو إليه، بالإضافة إلى الاستقرار الأسرى والنفسى بين الطرفين.

ويقول: «بالتكافؤ تستمر الحياة ويتقدم كلا الطرفين لخدمة الوطن، وبناء المجتمع على أساس سليم، وتربية أبناء أصحاء يكملون المسيرة بشكل صحيح». أما غياب التكافؤ   فيحدث فجوة فى الجانب الفكرى والديني، مما يؤدى إلى نفور الطباع، وهنا يفشل الزواج عندما يرى كلا الطرفين أنه لا يجد ما يريده عند الآخر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق