رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«ليو».. منقذ التيك توك

دينا عمارة

بسترة سوداء وقناع يخفى ملامح وجهه، وصوت مشوه إلكترونيا، يطل على معجبيه عبر تطبيق تيك توك الشهير ليبدو وكأنه انتهى لتوه من تصوير أحد مشاهد أفلام الرعب، لكن «ليو» ليس تلك الشخصية المرعبة على الإطلاق، فالمهمة التى يتبناها تبدو فى نظر البعض «نبيلة» إلى أبعد حد، لا نية لديه لإخافة أى شخص، باستثناء أولئك المتصيدين المجهولين الذين يمارسون التنمر عبر الإنترنت، وقتها يتحول إلى أسوأ كابوس يمكن لأحد أن يراه. فما هى قصة هذا الشاب ومن يقف وراءه؟

يلقبه البعض بـ «منقذ الإنترنت»، والبطل الخارق الذى يسعى لاستعادة منصة وسائل التواصل الاجتماعى تيك توك من المتنمرين والمحتالين والمتصيدين، حيث استطاع «ليو» خلال أشهر قليلة أن يغزو التطبيق الصينى الشهير تيك توك، حتى وصل عدد متابعى حسابه لأكثر من مليونى شخص فى أقل من شهرين.

«ليو»، ليس اسمه الحقيقى بالطبع، فهو يتعمد إبقاء هويته سرية بسبب تهديدات القتل التى يتعرض لها جراء مهمته، وقد ترددت بعض الشائعات التى تفيد بأنه قد خدم فى مشاة البحرية الأمريكية. ورغم هذه السرية، لا يجد ليو رهبة فى أن يخلع قناع وجهه أحيانا ليكشف عن ملامحه حين يتحدث مع معجبيه أو يرد على منتقديه خلال الفيديوهات التى يقوم بنشرها على تيك توك.

المهمة سهلة للغاية بالنسبة له، فإذا كنت تعتقد أنه يمكنك الاختباء بأمان خلف اسم حساب مجهول لتكتب ما يحلو لك من تعليقات بغيضة تؤذى بها أشخاصا، فاحذر، لأن «ليو» يمكنه الكشف عن هويتك الحقيقية فى غضون ثمانى نقرات فقط على لوحة المفاتيح.

«المنقذ المجهول» يستهدف بشكل خاص أولئك الذين يتركون تعليقات مسيئة على مقاطع الفيديو الخاصة بأشخاص آخرين، وبعد تعقب المتصيدين، يبعث برسالة تحذيرية للمتنمر بحذف التعليق، وفى حالة عدم الاستجابة، يبدأ ليو مهمته, فإذا كان المتنمر طفلا أو مراهقا، يقوم بإبلاغ والديه أو مدرسيه بأنه متورط فى فعل غير أخلاقى على الإنترنت, أما إذا كان المتنمر شخصا بالغا، يقوم ليو بفضحه فى مقر عمله أو إبلاغ رئيسه فى العمل، أو إبلاغ الشرطة إذا لزم الأمر.

ولكن هل يستطيع «ليو» بمفرده أن يمنع كافة أشكال التنمر فى تطبيق يضم أكثر من 800 مليون مستخدم حول العالم، أم أن له شركاء آخرين؟ ليو هو مجرد «الوجه العام» لحركة المتطوعين الذين يتمتعون بخبرة مختلطة فى المجال العسكرى والأمن السيبرانى والقرصنة الأخلاقية، ويطلقون على أنفسهم اسم «لوندينى العظيم»، وهم مجموعة من الأصدقاء قرروا إنشاء هذه الحركة بعدما أقدم أحد أبناء أصدقاء ليو على الانتحار وذلك فى عام 2020.

المراهق البالغ من العمر 14 عاما والمصاب بالتوحد، كان قد عانى اكتئابا شديدا نتيجة المضايقات التى كان يتعرض لها على وسائل التواصل الاجتماعى، والتى أدت فى النهاية إلى انتحاره، وبناء على طلب من الأب المكلوم، اجتمع ليو ورفاقه وتتبعوا حسابات أولئك الذين قاموا بمضايقة الضحية والتنمر عليها على وسائل التواصل الاجتماعي, وقاموا بإبلاغ ذويهم بالأمر.

ومن وقتها، لم تتوقف حركة «لوندينى العظيم» التى يتكون اسمها بمزيج من «هودينى» وهو برنامج مؤثرات و»لينيكس» وهو نظام تشغيل، عند هذا الحد، وقرروا بعدها التركيز على تطبيق تيك توك واستهداف المتنمرين. وبالفعل لاقت الحركة استحسانا كبيرا من جانب الأعضاء وتمت الإشادة بالفريق على العمل المذهل الذى يقومون به، حيث علق أحدهم قائلا: «أنت قائد عظيم, شكرا على الحفاظ على المجتمع آمنا», بينما قال آخر: «أنت البطل الذى لم نكن نعلم أننا بحاجة إليه».

مهمة ليو ورفاقه نبيلة بالطبع, ولكن أليس الإشراف على المحتوى من مهام تطبيق تيك توك؟ يجيب ليو عن هذا السؤال فى تقرير لـ «بى بى سى» حيث يؤكد أن المجموعة ترسل كل معلومة إلى التطبيق وتبلغهم بحسابات المتنمرين، ومع ذلك هم لا يفعلون شيئا!.حركة «لوندينى العظيم» ليست سعيدة بذلك، إذ يبدو فى بعض الأحيان أن التطبيق يقف ضدها، فقد تم حذف تسعة حسابات خاصة بالحركة من التطبيق نهائيا، وتم تعليق الحساب العاشر عدة مرات، ورغم ذلك يقول ليو فى أحد مقاطع الفيديو: «إلى أن يتم إيقاف تشغيل هذا التطبيق, لن نذهب إلى أى مكان!».

تقول إدارة تيك توك إنها تبذل جهودا كبيرة لحماية المستخدمين, وقدمت ميزات جديدة مثل السماح للمستخدمين باختيار من يمكنه التعليق على الفيديو الخاص بهم وتصفية كلمات معينة فى تعليقاتهم، ووفقا لأرقام تيك توك الخاصة، قام التطبيق بإزالة 61 مليون مقطع فيديو فى الربع الأول من عام 2021، وتمت إزالة 91٪ منها قبل أن يقوم مستخدم واحد بالإبلاغ عنها، لكن يبدو أن ذلك ليس كافيا.

لكن الغريب فى الأمر هو أن حركة «لوندينى العظيم» التى قامت فى الأصل على مواجهة التنمر والتصدى له، تواجه بذاتها انتقادات بالتنمر على الآخرين، بجانب المضايقات والبلطجة عبر الإنترنت وحتى التطرف العنيف، حيث ينجرف بعض مؤيدى الحركة فى الدفاع عنها بشكل عنيف، لكن لوندينى تعارض كل هذا، حيث قال ليو لشبكة «بى بى سى» إنه يقوم بطرد المستخدمين إذا خالفوا قواعد المجموعة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق