رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بين الزوجة والحبيبة

أحمد البرى;

أنا سيدة عمرى خمسون عاما، تزوجت فى سن صغيرة من وكيل لى فى العمل، كان يبحث عن زوجة تحمل صفات الطيبة والأدب، وقال لى وقتها إنه وجد فىّ كل ما كان يتمناه.. والحقيقة أننى كنت أحبه دون أن يعلم، وظل حبى مكتوما داخلى، وطلب كثيرون من الزملاء أن يتقدموا لخطبتى لكنى رفضتهم بأدب، وأجلت مسألة الارتباط من أجله، وعندما تقدم لى طالبا يدى، طرت من الفرحة، ومرت الأيام، وتزوجنا، ولكنى منذ اليوم الأول، أدركت أننى مجرد زوجة فقط، فكل هدفه الإنجاب وتكوين أسرة ولا يهمه الحب ولا يهتم بأمرى، وجرحنى ذلك جدا، إذ كنت أتمنى أن أكون «زوجة وحبيبة»، وقاومت هذا الإحساس، وحاولت أن أقنع نفسى بأنه يمكن فى المستقبل أن يحبنى مثلما أحبه، وحملت فى ابنتى الأولى، ولم أتصور أن الحمل صعب جدا، فقد تسببت أعراضه فى جفاف وهزلان فى جسمى، ونقصان فى نسبة الدم، وكل هذا لم يكن مشكلة بالنسبة لى، فتعبى الأكبر عانيته من معاملة زوجى القاسية لى، لدرجة أنه لم يأت إلى المستشفى الذى وضعت ابنتى فيه، لزيارتى، وكان هذا الموقف صدمة لى، وتأكدت وقتها من أن قلبه قاس، وليس بالمحب، وقد حملت ثلاث مرات، وعاملنى بالطريقة نفسها.

وما زاد الأمر سوءا بيننا، أنه كان دائما يقلل منى أمام الجميع، وأنا أحاول أن أتجاهل موقفه، إبقاء على العشرة، ومن منطلق حبى الجارف له، والذى ليس له حدود.

لقد ضحيت كثيرا بحقوقى من أجل أن أوفر له ولأبنائى كل شىء، ولم أتخيّل أبدا أن تكون له علاقة بسيدة أخرى.. نعم لقد لاحظت ذلك، وتتبعت هاتفه المحمول، ووجدت عليه رسائل، وأشياء لا تكون إلا بين المتزوجين، وقد دفعنى ما رأيته، إلى الذهاب للسجل المدنى للاطلاع على البيانات، فلم أجد غيرى زوجة له، فواجهته بالأمر، فأنكر أن تكون له علاقة بأخرى.

إننى أتألم بشدة لما أراه، وهذا من حقى كزوجة، فيجب أن أعرف.. هل هو متزوج عرفيا أم لا؟، فليس هناك غير اختيارين، إما أنها علاقة زوجية، أو علاقة محرمة، وبما أنه مصل وقارئ القرآن، فأكيد هى زوجته، والسؤال: هل تزوجها عرفيا؟، وإذا كان الأمر كذلك، فهل هذا زواج صحيح، وهو فاقد أهم شرط وهو الإشهار.. إننى ناقشته كثيرا، ولجأت لطبيب نفسى، ومنذ ذلك اليوم، وهو يتهمنى بالجنون، وبتخيل أشياء غريبة، حتى لا يحاسبه أحد.

لقد بلغت به الغطرسة إلى حد التطاول بالضرب والإهانة، ولكنى مازلت أحبه، وأبكى كل يوم، وأدعو الله أن يمحو حبه من قلبى حتى لا أكون ضعيفة أمامه، وإنى أسألك: كيف أتصرف؟.. هل قسمه بالله أنه لم يتزوج، يعنى أننى مخطئة برغم أننى أمتلك دلائل كثيرة على ذلك؟، وهل أنفصل عنه، أم أظل معه، وأتجاهل ما أراه وأسمعه.. أرجوك دلنى، ماذا أفعل؟.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

شرحت ما يتعلق بعلاقتك بزوجك من ناحيتك، ولم تذكرى شيئا عنه، وهناك نقاط غامضة تتعلق بالأمر، وربما يرجع بعضها إلى أنك ترأسينه فى العمل، أو أنك تعاملينه من هذا المنطلق، وسماع الطرفين مهم جدا فى حل مثل هذه المسائل التى يتصور فيها كل طرف أنه على حق، والحقيقة أنه كلما كانت طباع الزوجة صعبة المراس، وتتسم بالعصبية والعناد والصوت العالى وعدم إعطاء زوجها التقدير المطلوب، كلما كان الأمر أكثر سهولة على الزوج لاختيار أخرى يشعر معها برجولته وتقديره ويحصل منها على الدعم الذى يحتاجه والشغف الذى فقده، ويجدد بها حياته، وقد لا يتزوجها، ولكن يحافظ على علاقته بها، وفى بعض الأحيان يتزوجها عرفيا من منظوره الشخصى، كما يفعل الكثيرون متجاهلين أن الإعلان أهم شروط الزواج الصحيح.

أما عن المقارنة بين الزوجة والحبيبة، فمن الضرورى أن نعرف مدى تأثير تلك الحبيبة على الرجل وعلى حياته، فإذا كان ضعيفا أمامها، فلا داعى لعقد المقارنة بينهما، فهو بالفعل يسير على خطاها ومنهجها، دون تفكير، وفى تلك الحالة مهما تكن زوجته ناجحة وجميلة فلا ينظر إليها أبدا، فعقله وقلبه قد تعلق بالمرأة الجديدة فحسب، ولا يريد غيرها، وحينئذ يبتعد عن المقارنة بينهما، حتى لا تكون المقارنة خاسرة فى حق الأخرى.

وبصراحة شديدة، هناك نقطة أخرى أجدها بين ثنايا رسالتك، وهى تتعلق بالناحية الجسدية، فما وجدته على هاتفه المحمول من أشياء لم تذكريها، وهى مفهومة بالطبع يصب فى أن علاقته بالأخرى تطورت إلى هيام وولع، لدرجة أن أحدهما لا يستطيع البعد عن الآخر، ولا يدع التفكير فيه ولو للحظة، ويشعر أن حياته بدونه لا تساوى شيئا، كما أنهما يتركان كل همومهما، ويلتقيان بعيدا عن مشكلات وهموم وعناء الأسرة، فيكون أحلى الكلام والوصال والحب، بينما يجتمع الزوجان فى البيت ليواجها الهموم والأزمات والأبناء وقضاء الحوائج!

هذا هو الواقع للأسف الشديد لدى بعض الأزواج الذين لا يقدرون قيمة زوجاتهم، وأيضا الزوجات اللاتى لا يقدرن قيمة أزواجهن!

وعلاقة الزوج بأخرى خارج إطار الزواج، تكون خالية من أى تبعات أو مسئوليات، لكنها علاقة محرمة، ولا تملأ إلا قلب غافل لاه خال من حب الله ورسوله، فكم من امرأة أضاعت شرفها وحياءها وكرامتها من أجل عشيق، وكم من رجل أضاع بيته وزوجته وأبناءه من أجل عشيقة، ومن غير المعقول كذلك أن نطالب الزوجين بعلاقة كهذه، إذ كيف يكون ذلك، وهما اللذان ليس بينهما أى حرمان جسدى، ولديهما مهام وأعباء جسام؟.

إن العلاقة الزوجية تناولها القرآن الكريم فى قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم 21)، فالرجل يمسك المرأة، إما لمحبته لها أو رحمة بها أو للألفة بينهما وغير ذلك»، وشتان بين علاقة زوجك بك، وعلاقته بمن تقولين أنه على علاقة بها.. فدعى أمره إلى خالقه، واعطه فرصة لإصلاح علاقته بك، وحذريه من مغبّة الوقوع فى علاقة محرمة، أو الزواج دون علمك، وأن عليه الوضوح التام، لكى تكملا معا الحياة فى هدوء واستقرار، وإنى أحذره من الانسياق وراء شهواته التى ستجرفه إلى الهاوية، ووقتها لن ينفعه الندم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق