يمكث المؤلف والأديب طلعت حرب فى جانب خفى من شخصية الزعيم الاقتصادى، ولكن الصحفى العجوز توفيق حبيب (1880-1941) صاحب العمود الأهرامى «على الهامش»، استطاع أن يلقى الضوء على هذا الجانب فى مقال نشره إثر وفاة حرب تحت عنوان: «المؤلف الأديب»، فكتب «لم تصرف الأعمال المصلحية طلعت حرب عن معالجة الأدب والتاريخ، فنشر عدة مؤلفات: (تاريخ دول العرب والإسلام) و(كلمة حق عن الإسلام والدولة العلية) و(البراهين البينات فى وجوب تعليم البنات).
وأشار حبيب فى مقاله إلى دور حرب فى تعريف الشعب المصرى بالمعركة السياسية والفكرية الكبيرة التى قامت فى عام 1910 بسبب مشروع مد آجل إمتياز قناة السويس، وذلك من خلال كتاب له عن قناة السويس ودعمه بالأرقام والتواريخ، فكان هذا الكتاب خير دليل لمجلس شورى القوانين والجمعية العمومية فى ذلك الوقت لإصدار قراره برفض مد الامتياز بإجماع الآراء. ووفقاً للصحافى العجوز فإن طلعت حرب أهدى مكتبته الخاصة للبنك الذى قام بتأسيسه، وختم حياته بكتابه «خطب طلعت حرب» فى ثلاث مجلدات كبيرة.
وكانت «الأهرام» شاهدة على ميلاد الكاتب طلعت حرب، ففى عددها الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1898 ورد خبر وهذا بعض مما جاء فيه «اهدانا حضرة الكاتب الذكى الاديب محمد أفندى طلعت حرب من موظفى الدائرة السنية واحد أعضاء الجمعية الجغرافية الخديوية نسخة من الجزء الأول من كتاب تاريخ دولة العرب والاسلام المدبج ببراعة ويتلوه ثلاثة أجزاء، عبارة الكتاب سلسة منسجمة فنشكر حضرة المؤلف على اجتهاده وتدقيقه ونرجو لكتابه جزيل الرواج وثمنه 12 قرشا صاغا».
ووثق الصحافى العجوز أحد أهم المعارك الفكرية التى خاضها الكاتب طلعت حرب، وكانت فى مواجهة قاسم أمين (1863-1908). فحسب يوسف حبيب أنه فى عام 1898، جرى التالى: «ولما ظهر كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين كان طلعت حرب فى مقدمة من تصدوا لنقده، وتفنيد آرائه بكتابه (تربية المرأة والحجاب)، ثم رد على كتاب (المرأة الجديدة) بكتاب (فصل الخطاب فى المرأة والحجاب)».
وقصة النزاع الثانى تفجرت فى عام 1901، ونُشر فى الأهرام بتاريخ 31 مايو من العام ذاته مقال، وفيما يلى بعض مما جاء فيه «فصل الخطاب، عنوان كتاب جديد ألفه حضرة الفاضل محمد افندى طلعت حرب ردا على كتاب (المرأة الجديدة) لعزة قاسم بك أمين وصدره بعبارة لحضرة العلامة المفضال فضيلة مفتى الديار المصرية عن شأن المرأة المسلمة، ثم أورد عبارتين جاءتا فى كتاب رد قاسم بك أمين.. أنه لا يتأتى تقريب الرجل من المرأة بدون مخاطرة، ومفاد الثانية ان من المسلمين من خرج عن حدود دينه ولكنه لم يخرج واحد منهم عن العوائد الزوجية إلى طريقة الغربيين، وهكذا إبنى المؤلف رده على قاسم بك أمين من كلام قاسم بك أمين..».
ويوضح الصحفى العجوز اتفاق طلعت حرب مع قاسم أمين فى جانب ويختلف معه فى جانب آخر، فجاء فيه «ولزم فى كلامه كله جانب الجدل الممدوح والمناظرة الصحيحة، فقارئ كتابه يجد أنه متفق مع صاحب (المرأة الجديدة) على وجوب التربية وممعن النظر فى فصوله يجد أنه لا يسلم برفع الحجاب وهو يرى أن قوما من الكتاب يعنيهم أن يبحثوا فى ذلك خلافا للآخرين وهو مالا نوافقه عليه لأن حرفة الكاتب لا تنحصر فى أمر دون آخر».

برفقة مجموعة من رجال الاقتصاد بمطار ألماظة عام 1931 الصور ـ أرشيف المعلومات
رابط دائم: