بالتزامن مع الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، أمس، قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر دعم لبنان وشعبه فى باريس، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، إنه سوف يتم إرسال مساعدات مباشرة إلى الشعب اللبنانى خلال الأشهر المقبلة، لكن «لن يكون هناك شيك على بياض لصالح النظام السياسى»، وذلك فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس اللبنانى ميشال عون أن لبنان يمر اليوم بأصعب أوقاته، وبحاجة إلى مساندة من المجتمع الدولى.
وأحيا اللبنانيون أمس، الموافق الرابع من أغسطس، الذكرى السنوية الأولى لانفجار بيروت، الذى أودى بحياة أكثر من ٢٠٠ شخص، ودمر أحياء فى المدينة وفاقم انهيارا اقتصاديا ينهش البلاد، مطالبين بالعدالة ومنتقدين انعدام محاسبة المسئولين عن الانفجار المروع.
وتعهد الرئيس الفرنسى بتقديم مساعدات طارئة جديدة للبنان، بقيمة ١٠٠ مليون يورو، فضلا عن ٥٠٠ ألف جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
ماكرون يتحدث أمام المشاركين في مؤتمر دعم لبنان
ورأى أن «المسئولين اللبنانيين يراهنون على ما يبدو على اهتراء الوضع مع تعطيلهم تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر واعتماد إصلاحات»، مهددا مرة أخرى، بفرض عقوبات عليهم. وأكد أن «الأزمة التى يشهدها لبنان لم تكن حتمية، بل جاءت نتيجة إفلاس شخصى وجماعي، قائلا إن المسئولين اللبنانيين مدينون لشعبهم بالحقيقة والشفافية.
وشدد الرئيس اللبنانى على أنه «لا أحد فوق سقف القانون مهما علا شأنه، وليذهب القضاء إلى النهاية فى التحقيق والمحاكمات، حتى تبيان الحقائق وتحقيق العدالة المنشودة فى انفجار مرفأ بيروت».
وأوضح أن إعادة التشغيل الكامل لمرفأ بيروت، الشريان الحيوى للاقتصاد اللبنانى هى ضرورة ملحة، لافتا إلى أن لبنان الذى يضع فى قمة أولوياته تأهيل وتطوير هذا المرفق يرحب بأى جهد دولى فى هذا الإطار.
ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتى أن الوطن فى خطر، ولا شىء ينقذه سوى الوحدة والترفع عن الأنانية والمصالح الشخصية.
وقال ميقاتى: «إننا نقف إلى جانب أهالى الضحايا فيما يطالبون به لجهة تحقيق العدالة وإظهار الحقيقة كاملة».
وطالب الجميع بوجوب التعاون مع القضاء «من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، وإنزال العقاب بجميع الذين كانت لهم يد فى هذه الجريمة بحق الوطن والشعب».
وفى كلمته أمام مؤتمر المانحين الدولى، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن انفجار مرفأ بيروت هو أكبر من مجرد حادثة أو كارثة على ضخامتها، إذ أن الأسباب الجوهرية التى أدت إليه لا تزال كامنة فى المُشكلات السياسية والتجاذبات العميقة التى يُعانى منها لبنان.
وأضاف الأمين العام أن هذه الأسباب مازالت، للآسف، قائمة من دون تغيير بعد مرور عام كامل على هذه المأساة، كما أنه من المؤسف، أيضا، عدم حدوث أى تقدم تقريباً فى مسار الكشف عن الحقيقة وعن المُتسببين والمسئولين عن هذه الجريمة فى حق الشعب اللبنانى. ونقل مصدر مسئول بالأمانة العامة عن أبو الغيط قوله: إن الشعب اللبنانى يستحق أفضل مما ناله، وأن الجميع صار يعرف طريق الخروج من هذا المأزق الخطير، ولكن لا يزال البعض يُصر على أن يضع مصلحته السياسية فوق مصلحة لبنان، محذرا من أن المؤسسات اللبنانية قد تنهار تحت وطأة هذا الجمود والشلل السياسى.
وفى الوقت ذاته، حث الاتحاد الأوروبى السلطات اللبنانية على الوصول لنتائج عاجلة بشأن التحقيق فى انفجار مرفأ بيروت.
فى حين شكا وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس من عدم إحراز تقدم فى لبنان، قائلا: إن «حجم الدمار لا يزال مروعا، وخلفيات هذه الكارثة غير واضحة بعد مرور عام على الانفجار فى مرفأ بيروت».
وقال ماس: «لا يوجد حتى الآن أى تقدم على الإطلاق فى تشكيل الحكومة أو تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل»، واعتبر ذلك تصرفا غير مسئول نظرا لتدهور الوضع الاقتصادى، مشيرا إلى أن الناس هناك لم يعودوا يعرفون كيف يطعمون عائلاتهم، موضحا أن نظام العقوبات الذى فرضه الاتحاد الأوروبى على لبنان من أجل الحفاظ على الضغط على صناع القرار السياسى يعتبر لذلك «صحيحا وضروريا».
وفى أول خطاب عام له منذ خضوعه لجراحة قبل نحو شهر، قال البابا فرانسيس بابا الفاتيكان: إن لديه رغبة «شديدة» فى زيارة لبنان، معبرا عن أمنياته فى نجاح جهود الرئيس الفرنسى لجمع مساعدات للبنان بأكثر من ٣٥٠ مليون دولار فى مؤتمر دعم الشعب اللبنانى، كما وجه تحذيرا جديدا للساسة المتشاحنين.
رابط دائم: