ملحمة يومية.. فى طبعات ثلاث

• نصر : خامات وأحبار المطابع حاصلة على «الأيزو» 
• عزيزة: طاقاتنا تسمح بـ70 ألف نسخة ورقية فى الساعة

جانب كبير من العمل اليومى داخل مؤسسة الأهرام لا يحيط به القارئ علما، بينما يقلب صفحات الجريدة بين يديه.. يطالع أخبارها وتقاريرها والعناوين.. يعتاد مع مرور الوقت أسماء الصحفيين، ويرتقب مقالات كبار الكتاب وأصحاب الرأى اللامعين.. لكنه لن يجد ذكرا لكتائب من الجنود المجهولين المخلصين، من عمال وفنيين ومهندسين، يعكفون يوميا، دون كلل أو ملل، على تنسيق الصور وطباعة الصفحات، وتحويلها من مادة صحفية مكتوبة إلى نسخة ورقية مطبوعة.. فى ملحمة إنجاز يومية.. يروى المختصون فصولها عبر هذه السطور. تحمل مطابع الأهرام قبسا عظيما من عراقتها.. ولم لا؟.. فهى جزء من تلك المؤسسة العملاقة الضاربة بدورها التنويرى فى جذور الجذور.. تنثر عبر العقود والأزمان الخبر والرأى والفكر.. وتصنع وعى الأجيال.الطباعة هنا ليست لجريدة أو مجلة من إصدارات الأهرام فحسب، وإنما لعشرات الصحف والدوريات والكتب، على اختلاف توجهاتها، وليس للسوق المصرى وحده، بل لدور نشر أجنبية كذلك.

كيف يسير العمل هنا، وكيف ينتظم هؤلاء الجنود فى ورديات كخلايا النحل، ببدايات ونهايات زمنية محسوبة بالثانية، لا تنتهى قبل الساعات الأولى من صباح كل يوم؟
 

قررنا أن تكون البداية مع المهندس أسامة نصر مدير عام المطابع الصحفية بمؤسسة الأهرام، والذى أكد مواكبة الأهرام للمواصفات العالمية، من أحبار وخامات قياسية، حاصلة على شهادات «الأيزو»، وتخضع للتحديث المستمر. فالطباعة بالمؤسسة، حسبما أوضح، منظومة متميزة، ذات دقة عالية وجودة طباعية وانضباط فى العمل، يقف خلفه فريق مؤهل كفء قوى ومتخصص، يقوم بدوره على أكمل وجه، مدعوما بأفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة، كل فرد فى مجال محدد يكمل به عمل الآخر، فالصورة التى يراها القارئ فى الأهرام بلونها الطبيعي، على سبيل المثال، تمر بمراحل تكنولوجية دقيقة، إذ يتم تفصيلها إلى 4 ألوان أساسية، ثم تقوم الأجهزة بتحليل نسب تلك الألوان، وهكذا تتوالى الخطوات الدقيقة، التى تضمن، فى النهاية، خروج صورة واضحة بجودة عالية، والفضل فى هذه الدقة يرجع، بعد الله، للعنصر البشرى الذى تعتز الأهرام به، ويفخر بالانتماء لها.

قبل أن تبدأ ماكينات الطباعة العملاقة فى الدوران.. ثمة خطوات لابد من إتمامها، كما يقول المهندس أسامة، إذ لابد من التأكد من اكتمال وتجهيز الموضوعات الصحفية بأنواعها، وكذلك الإعلانات، من خلال قسم الجمع التصويري، وتتم هذه العملية من خلال أجهزة كمبيوتر متطورة، تستخدم شبكة داخلية للحيلولة دون اختراقها. ثم تأتى مرحلة تنفيذ الصفحات التى تتطلب إعداد الألواح الطباعية «البليت»، وهى صفحات مصنوعة من الزنك تضاهى صفحات لجريدة، وظيفتها نقل المادة المكتوبة إلى الورق الأبيض، لتتم طباعة الجريدة، بتزامن دقيق بين مطابع المبنى الرئيسى لجريدة الأهرام، وبين مطابع 6 أكتوبر، ليحين دور إدارة التوزيع فى إيصال الجريدة لكل محافظات الجمهورية.

بين «الفونط» و«البنط»

مزيد من التفاصيل تكشف عنها المهندسة عزيزة عبد الحميد نائب مدير عام المطابع والمسئولة عن أقسام التجهيزات الصحفية، قائلة: يتكامل عمل كل الإدارات فى الأهرام لإنجاز مهمة طباعة الجريدة، فإدارة التحرير ترسل «ماكيت» أى نموذج للشكل المطلوب لتوزيع المادة الصحفية والعناوين والصور على صفحات الجريدة، وهى مهمة «قسم الإخراج» الصحفى بإدارة التحرير، إلى «قسم التنفيذ»، حيث يقوم المنفذ بتحويل تلك المادة الصحفية، وفقا لبنط «حجم الخط» وفونط «شكل الخط» محددين، يختلفان فى العناوين عن المتن أو تعليق الصورة، وكذلك الصور، لتصبح الجريدة فى صورة ملف على الكمبيوتر، جاهز للطباعة.
وتضيف المهندسة عزيزة: تقوم مهمة قسم «الاسكانر» على التعامل بشكل فنى وتقنى مع الصور والرسوم البيانية وتصحيح الصورة على أجهزة الكمبيوتر من خلال برامج خاصة، ومراجعتها بدقة قبل طباعتها، مشيرة إلى طاقة ماكينات الطباعة بالأهرام التى يمكنها إنجاز طباعة نحو 70 ألف نسخة فى الساعة الواحدة، كما تقوم الماكينات، بعد الطباعة، بتجميع ورق الجريدة، وهى مهمة تتم فى حجرة «الميل روم»، وإرفاق أى ملاحق أو إعلانات مع الجريدة، وربطها مع العدد، وتسليمها لإدارة التوزيع.     

صيانة دورية

لا يقتصر العمل بمطابع الأهرام على طباعة الجريدة وإصداراتها، إذ تلجأ صحف كثيرة للاستفادة من الإمكانات الطباعية الفريدة لدينا، كالوطن واليوم السابع والشروق والبورصة والمال، وغيرها كما يؤكد المهندس هشام عاشور مدير إدارة الطبع، قائلا: «نخصص لكل جريدة برنامجا خاصا بها، يتحدد بناء عليه استخدام ماكينة الطباعة لـ«برج» طباعى واحد أو أكثر، حيث تتكون الماكينة من 5 أبراج طباعية، يمكنها أن تطبع جريدة مكونة من 56 صفحة وأكثر، حسب عدد الصفحات، وكذلك عدد الصفحات الملونة، كما يتم تجهيز الورق وفقا لعدد صفحات الجريدة، ولدينا غرفتا تطبيق فى الماكينة، مما يمكننا من طباعة جريدتين فى وقت واحد».

ومع نشاط الطباعة اليومى الذى لا يعرف توقفا أو إجازات، لارتباطه بصحيفة يومية، تبرز أهمية الصيانة الدورية للماكينات على رأس الأولويات، سواء الكهربائية أوالميكانيكية، والتى تشمل دورات صيانة يومية ولحظية، أى فى وقت الإنتاج، لتفادى الأعطال.
 وينتقل المهندس هشام إلى شرح موجز لآليات إصدار طبعات ثلاث يوميا من جريدة الأهرام، قائلا: تبدأ «الطبعة الأولى» فى حدود الساعة 7 مساء، والطبعة الثانية نحو الساعة 11، وهى توقيتات ليست ثابتة بدقة، بل تتغير فى نطاق محدد، وفقا لأى أحداث مهمة وطارئة سياسية أو رياضية، تقدرها إدارة التحرير بالجريدة، والتى تتولى كل يوم، بالتعاون والاتفاق مع إدارة الإعلانات، تحديد عدد صفحات الجريدة، لنقوم، بدورنا، بتجهيز الماكينات، بما يناسب هذا العدد، موضحا أنه يتم التحكم فى كل مراحل عملية الطباعة من خلال لوحة تحكم مزودة بشاشة رئيسية، أما الطبعة الثالثة، حسبما يشرح المهندس هشام، فتبدأ بعد منتصف الليل تقريبا، ويحدث، أحيانا، أن نلجأ لما يسمى «الغيار السريع»، وهو عبارة عن تدخل عاجل لتعديل أو إضافة مادة طارئة، بناء على تعليمات رئيس التحرير،حيث تتوقف الماكينات، ويتم تركيب اللوح الطباعى فى الماكينة، لإعادة تشغيلها مرة أخرى. 

كتب وفواتير وأجندات

يحدثنا المهندس محمد محمود مدير عام المطابع التجارية بقليوب، قائلا: كما يتضح من المسمى، فنحن نطبع كل ماهو تجارى، منه ما يتعلق بنشاط صحفى أيضا، مثل المجلات، سواء تلك التى تصدرها الأهرام، كمجلة نصف الدنيا، وعلاء الدين، والشباب، أو الصادرة عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مشيرا إلى أن حوالى 80% من المجلات فى الأسواق تتم طباعتها فى مطابع المؤسسة التجارية، بخلاف التعامل مع العديد من دور النشر الأجنبية، نطبع كتبها لثقتها الكبيرة فى كفاءة وجودة مطابع الأهرام، ومن الطباعة مايتعلق بنشاط ثقافى، مثل الكتب، سواء كتب التراث أوكتب وزارة التربية  والتعليم، حيث يمكننا طباعة أكثر من 10 آلاف كتاب يوميا، وهناك طباعة تخص مرافق حكومية، مثل فواتير شركات الكهرباء والغاز والمياه لكامل أنحاء مصر، والورق المثقب، وطباعة الأجندات والنتائج، فضلا عن مطبوعات وزارة المالية ومصلحة الضرائب، كما تقوم الأهرام كذلك بطباعة نشرات وعلب الأدوية والورق الحرارى لماكينات «الإيه تى إم ATM «