يبدو وكأن جدول الزيارة لا يكتمل دون المرور عبر البوابة الزجاجية الكبرى المفضية إلى المقر الرئيسى لصحيفة «الأهرام» بشارع الجلاء. وكذلك الحال دوما مع «الأهرام». فالكل مر من هنا، جاء طالبا للرأى والحوار مع عقول أدارت الحياة الإعلامية والفكرية بمصر لعقود، أو جاء لعرض رأيه وموقفه على كتاب الأهرام، مدركا أن ذلك السبيل الأمثل لنقل وجهة نظره إلى مختلف فئات قراء الصحافة فى مصر. أو جاء بغرض الزيارة الخالصة لوجه الوجود بمكان يشكل قيمة تتجاوز الأزمان والأشخاص.
وفى كل الأحوال كانت كاميرات مصورى الأهرام توثق وتخلد تلك الزيارات. فالرئيس الجمهورى الأول محمد نجيب يلتقى فى مطلع الخمسينيات قيادات الأّهرام، وذلك قبل سنوات من بداية عهد « مقر الجلاء». والقائد جمال عبد الناصر يحتفى عام 1968 مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وأهل «الأهرام»، بافتتاح مقرهم الجديد.
وكان إزاحة الستار عنه ببنيته التحتية المتطورة وتكريسه مبدأ «المؤسسية الصحفية» دعما عظيما للمصريين المناضلين بعد شهور من وقوع نكسة 1967. كان الافتتاح أحد الأدلة على أن مصر عازمة على المضى قدما، على التحديث، على التأثير، على الوفاء بدورها التاريخى.
وكما احتفظت الطرقات وجدران «الأهرام» ومعها ذاكرة كبار الأهراميين بذكرى واضحة لما دار من أحاديث خلال زيارات الرئيسين السابقين محمد أنور السادات وخلفه محمد حسنى مبارك، احتفظت أيضا كاميرات مصوريها بلقطات لهذه الزيارات تكاد تبعث التاريخ حيا.
وكما كانت «الأهرام» بالنسبة لمسئولى مصر، كانت أيضا بالنسبة لمسئولى العالم العربى قديما وحاضرا، ولا أصدق على ذلك من حديث الصور، فالزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات زار «الأهرام»، وصالة التحرير العريقة بالدور الرابع استقبلت ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، وقبله وبعده تجول بها زعماء ورؤساء وملوك من مختلف أنحاء الوطن العربى.
ولم يكونوا وحدهم، فالفيلسوف سارتر جاء هنا بصحبة رفيقته فى فقه الوجودية سيمون دى بوفوار. ولم تكن زيارات الست أم كلثوم مجرد مرورا، فهنا كان مقر الأصدقاء. جاءت فى إحدى المرات محتفلة بإتمام الأديب نجيب محفوظ الخمسين، فالتأم شمل استثنائى حتما تمهل أمامه التاريخ. وكان مكتب العظيم كمال الملاخ، صاحب «من غير عنوان»، منتدى شهد اجتماع أهل الثقافة والفن فى مصر والعالم العربى.. الجميع مر من هنا .. ولا أدل على ذلك من الصورة...
رابط دائم: