كان والدى الأديب الكبير يوسف إدريس، أحد نجوم الدور السادس بالأهرام، هذا الدور الذى كان يضم بين جنباته عددا كبيرا من الكتاب والأدباء، وكان مقاله يمثل نبض الشارع ويحقق له التواصل مع هموم الرجل العادى ومشاكله، تلك الهموم التى كانت تحتاج إلى تواصل سريع».
والمبدع لابد له من رحم يحتويه، ويوسف إدريس ككاتب وجد هذا المكان الذى يحتوى عقله وتفكيره وشطحاته الفكرية وهو الأهرام، وكانت بالنسبة له المظلة التى عمل تحتها بأمان. فغير الإبداع الأدبي، كان يحتاج إلى منبر يسمح له بمناقشة المشاكل التى تهم الناس بشكل سريع وذلك عن طريق وسيط المقال الصحفي».
وكانت الأهرام هى البيت الثانى له، كانت عبارته (رايح الأهرام) بمثابة أحد ثوابت حياته، حتى ظننت أنه بالفعل البيت الثانى له ولنا. وبالفعل تحقق لى زيارة هذا البيت الثاني، عندما اصطحبنى والدى لزيارة الأهرام وأنا فى عمر الستة أعوام، وكان انطباعى الأول هو الانزعاج من كثافة الزحام».
وتدريجيا، ومع التقدم فى العمر أدركت أفضال ذلك البيت وأهمية دوره السادس الذى كان يضم بجانب أبى عددا كبيرا من أهم كتاب الأهرام ومصر مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم، وساهموا جميعا فى تشكيل الوعى المصري».
ورغم ما كان يتعرض له والدى من بعض المضايقات فى مرحلة ما بعد رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل، إلا أنه رفض كل العروض التى قدمت له ليكتب فى إصدرات أخرى، لأنه كان متمسكا جدا بالأهرام، لأنها إحدى المؤسسات التى تقوم عليها الدولة المصرية، وهو كان عقله وقلبه مع مصر ،ومع عظمة هذه الدولة. فقد كان يدرك أن مصر فى مصاف الدول الكبرى، وذلك الإدراك لم يتعارض أبدا مع توجهه لنقد ما يراه يستحق النقد الشديد.
رابط دائم: