على الرغم من هدوء الأوضاع على الحدود «اللبنانية -الإسرائيلية» فى الوقت الحالي، غير أنه ومع استمرار الأزمة متعددة الجوانب وقتامة المشهد فى لبنان، تثار التساؤلات حول إمكان اندلاع حرب إسرائيلية ثالثة على لبنان، سواء كانت عبر استغلال تل أبيب لظروف البلاد، ومن ثم سحق قدرات حزب الله، أو حتى قيام الحزب بإلهاء اللبنانيين الغاضبين من تردى الأوضاع، وكسب تعاطف الشارع، وبالتالى حصد المزيد من المكاسب على الأرض.
وقبل مناقشة فرص الحرب بين الجانبين، فإن حزب الله يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة ومتطورة، كما أن تحركاته على الصعيد الإنساني، واهتمامه بالعمل على تحسين الأحوال الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية، يقوى شوكته على الأرض ويكسبه تعاطفا شعبيا.
على الجانب الآخر، تدرك إسرائيل أن مسألة شن هجوم عسكرى على لبنان ستضر كثيراً بها، خاصة بعد الضربة الموجعة التى لحقت بها، عقب كابوس عملية «حراس الأسوار» فى غزة، ووصول الصواريخ الفلسطينية إلى تل أبيب وضواحيها.
فإسرائيل ترسل عبر أكثر من مصدر إعلامى ومسئول حكومى خلال الفترة الأخيرة، رسائل تشدد على أن الانهيار الاقتصادى فى لبنان، الناجم عن الجمود السياسى يهددان استقرار تل أبيب، ويدفع بها لحالة من الاستنفار المستمر على حدودها الشمالية.
وذهبت تل أبيب إلى أبعد من ذلك حين ربط رئيس الوزراء نفتالى بينيت طهران ببيروت، مدعيا أن لبنان أصبح حاليا على حافة الانهيار نتيجة لـ «استيلاء إيران» عليه. وهو قلق إسرائيلى جاء بعد اقتراح للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بشأن جلب ناقلات نفط إيرانية، لإنقاذ البلاد من أزمة المحروقات، وهو ما يعنى ضمنيا زيادة قبضة طهران على الأراضى اللبنانية. لكن المراقبين يستبعدون شن إسرائيل أى حرب على لبنان، خوفا من اهتزاز صورتها أمام العالم، لأن الدخول فى حرب مع لبنان بدون أى مبرر سيدفع الاتحاد الأوروبي، وربما واشنطن لاتخاذ ردود أفعال ضدها هذه المرة.
الحرب بين الجانبين ليست فقط ضربات عسكرية، وإنما حرب باردة عبر وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الإعلامية، يتم خلالها رصد المليارات لتثبيت وجهة نظر كل طرف، حيث أكد نصرالله ضرورة تطوير المواجهة الإعلامية، مثل تطوير أدوات المواجهة العسكرية والأمنية والسياسية «لأنها جزء أصيل فى المعركة».
خلال السنوات الأخيرة، جمع حزب الله ترسانة هائلة من صواريخ (أرض - أرض)، وأسلحة متطورة، وعمل باستمرار على تطوير وتحسين دقة ومدى هذه الترسانة، حتى تتمكن من تهديد إسرائيل فى أى حرب مستقبلية.
على الجانب الآخر، سيحاول الإسرائيليون بلا شك القضاء على هذه الترسانة وتحجيم قدرات حزب الله، ولكن ذلك سيشكل تحديًا هائلاً، خاصة إذا تذكر القادة الإسرائيليون قدرته على الصمود طوال 34 يوماً، وهى المدة التى استغرقتها الحرب عام 2006.
بالطبع حزب الله لن ينجر لهذه الحرب، لكن وعلى الجانب الآخر، فإن السؤال: هل توجه إسرائيل ضربة استباقية، وتتذرع كالعادة بحماية أمنها الإقليمي؟.
رابط دائم: