بالكارتون والشمع والكانسون والناصبيان والأعواد الخشبية، صمم مجسما يحاكى المسجد الحرام، بمآذنه البيضاء الشامخة الثلاث عشرة ذات الأهلة الذهبية، وقبابه السداسية المتلألئة، وأبوابه، وساحاته، مستعينا بمهارة صاحبها الإتقان والصبر. فقد عكف الشاب المصرى محمود أحمد فتحى، خريج كلية التربية قسم الفلسفة، على إنجاز عمل فنى يعكس ما بداخله من اشتياق إلى حج البيت، وتأدية مناسكه، بعد أن فرضت جائحة «كورونا» على سكان المعمورة إجراءات كان من أشدها قسوة، تقييد توافد المسلمين لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وقد أبدع إخصائى التربية الخاصة، فى تصميم ماكيت للمسجد الحرام بشكل التوسعة الجديدة، استغرق العمل فيه نحو ٦ أشهر أو يزيد، بدأها بالاستعانة بصورة للحرم المكى، كانت بمثابة الدليل الاسترشادى له نحو إنجاز لوحته الفنية. فكان بين الحين والآخر يلقى نظرة عليها، فيلتقط جزءا من تفاصيلها، ومن ثم يجتهد بكل دقة فى محاكاته بأنامله الرشيقة على تصميمه، حتى اكتماله ووضع اللمسات الأخيرة التى زينتها الزخارف الجمالية والإضاءة المتناسقة.
يحكى فتحى لـ«الأهرام» عن بدايته مع تصميم الأعمال الفنية، قائلا: «إن شغفى بالرسم والتلوين منذ الصغر داخل قاعة مكتبة مركز شباب قريتى (قمن العروس) التابعة لمركز الواسطى بمحافظة بنى سويف، دفعنى إلى تطوير مهاراتى الفنية فى إعادة تدوير الكارتون واستخدامه فى تصميم بعض الأشكال منها زينة وفوانيس رمضان، كما أن حبى للأعمال اليدوية كان حافزا لى لتعلم مهارة صناعة الفساتين والكوفيات بأوراق الكورشيه، إلا أن العامل الأهم فى ارتباطى بهذا اللون من الفنون، هو تعاملى اليومى مع الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة منذ نحو عشرة أعوام، عملت خلالها على تصميم العديد من الوسائط التعليمية من كتب ولوحات و(بازل) صممتها بقماش الجوخ لتبسيط المواد الدراسية، وبالتالى مساعدتهم على التلقى والاستيعاب بسهولة ويسر».
ويضيف فتحى: «مع بداية العام الدراسى، أقوم بعمل رسومات وأشكال فنية ثلاثية الأبعاد بعضها يعلق على جدران المدرسة التى أعمل بها وداخل أروقة الفصول، وتغمرنى السعادة عندما ألمح الابتسامة تعلو على وجه من تقع عيناه على تصميم من أعمالي». ولكن يظل إنجازه فى تنفيذ مجسم المسجد الحرام من أكثر الأعمال التى تدخل على نفس الشاب فتحى بهجة وراحة خاصة.
رابط دائم: