التفشى المتسارع للسلالات الجديدة المتحورة من فيروس كورونا المستجد، أصاب العالم أجمع بحالة من الإنهاك الاقتصادي، انعكس بطبيعة الحال على الأوضاع المعيشية والاجتماعية والتعليم. ولم يكن العالم العربى ببعيد عن تداعيات كارثة كورونا العالمية.
وتراوح الوضع الوبائى بين دوله وفقا لأوضاعهما الاقتصادية وقوة الأنظمة الصحية. فلا يخفى على أحد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من الأفضل عالميا وعربيا فى مواجهة الفيروس. فى حين, يشير المركز العربى للاستعدادات للكوارث، التابع للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر, إلى أن العالم العربى سجل أكثر من 125 ألف إصابة و1554 حالة وفاة خلال أسبوع واحد من شهر مارس الماضي. وهو ما يعنى أن الإجراءات الاحترازية لا تزال الاستراتيجية الأهم فى مواجهة الأزمة.
إلا أن أهم ما يميز المشهد العربى خلال فترة جائحة كورونا، التى امتدت إلى نحو العامين ومن المنتظر أن تطول، هو حالة التضامن بين الأشقاء العرب. والحرص على إمداد الدول الأكثر تضررا بالمساعدات الفورية. فالقادة يدركون جيدا أن السفينة العربية واحدة وإنقاذها يبدأ من مد يد العون لبعضهم البعض.
تقرير الأمم المتحدة حول الجائحة الصادر فى يوليو 2020، أكد أن وتيرة الإصابة والوفيات فى العالم العربى أقل منها فى دول العالم. ولكن مع تسارع تفشى الوباء فى العالم ككل، تضاعفت الأزمات التى تعانيها المنطقة العربية، مع تزايد معدلات الفقر بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفيروس، وضعف الأنظمة الصحية فى المنطقة، ناهيك عن الأوضاع المتردية فى بؤر الصراعات بالمنطقة.
وخلال الفترة الماضية، قدر رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب حمدى الطباع، أن تبلغ خسائر الاقتصاد العربى جراء جائحة كورونا 323 مليار دولار. كما توقع أن يحدث انكماش باقتصاديات الدول العربية بفعل مكافحة الفيروس، وتراجع أسعار النفط وتدهور السياحة.
ويؤكد خالد حنفى الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، أن التقديرات الأولية تشير إلى أن المنطقة العربية قد تخسر 42مليارا من الناتج المحلى الإجمالي، كما قد يرتفع معدل البطالة فى المنطقة بما لا يقل عن 17 مليون وظيفة.
وقال السفير حسام زكى الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إن الجائحة ساهمت فى توسيع الفجوة فى تحقيق أهداف أجندة 2030، إذ واجه العديد من الدول العربية تحديات جسيمة. وأكد أن التعافى من الوباء فرصة سانحة لإعادة البناء على نحو أفضل من خلال تنفيذ مبادرة إعادة الإعمار المستدام، وفقا لركائز وأهداف التنمية المستدامة.
ونرى من بين خطوط هذه الصورة شبه الحالكة، بصيص أمل يتمثل فى التضامن العربى الذى كان هدفه مساعدة بعض الدول بالمنطقة من أجل إيقاف تفشى وانتشار فيروس كورونا، حيث أرسلت مصر والسعودية والكويت والإمارات والجزائر بمساعدات عاجلة إلى تونس ولبنان والسودان وفلسطين، إلى جانب شحنات من اللقاحات فى ظل تفاقم الوضع الوبائي. ويبقى المطلوب على المستوى العربى لتجاوز الجائحة، أن تفرض دول المنطقة تدابير منسقة ومتجانسة للاقتصاديات العربية على المدى القصير والمتوسط والطويل، مع توفير التمويل اللازم للقطاعات الأكثر تضررا.
رابط دائم: