رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

توفر 5 مليارات دولار سنويا..
محطات تحلية المياه.. «صنع فى مصر»

تحقيق ــ إبراهيم العزب

  • د. نبيل المراغى: لدينا ١٠٠ محطة حاليا ونسعى لإنتاج ٩‪٫‬٦ مليون متر مكعب يوميا
  • د. حسام الصغير: التوطين يحمينا من التبعية السياسية والاقتصادية

 

 

كشف تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة بتوطين صناعة معدات تنقية مياه البحر والصرف، عن براعة وقدرة الخبراء المصريين فى الابتكار وسرعة الاستجابة، حيث تم التوصل إلى براءة الاختراع لشمعة التنقية فى «الفلتر» الضخم لمحطات التحلية، وأمكن تصنيع محطات بأيد مصرية ١٠٠%، توفر مليارات

الدولارات سنوياً. وأكد الخبراء أن المحطات الحالية تنتج ٩‪٫‬٦ مليون متر مكعب من المياه يوميا ونحن بحاجة إلى عدد مماثل من المحطات لإنتاج كميات مضاعفة، خاصة أن الحكومة تتوسع فى إنشاء المدن الصناعية والزراعية والسكانية الجديدة لتحقيق التنمية المستدامة فى جميع القطاعات.

 

توفر ٥ مليارات دولار سنوياً

يؤكد د. عبدالله زغلول، رئيس مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة، أن المركز له نشاط بحثى كبير فى هذا المجال منذ عدة أعوام حتى تمكن من الوصول إلى الـ (know how) براءة الاختراع لتشغيل شمعة الفلتر فى المحطات العملاقة التى يمثل حجمها ٤٠% من حجم المعدات الرئيسية لمحطات التحلية العاملة، وكانت مصر تستوردها من أمريكا وكوريا الجنوبية بأسعار مرتفعة، لكن الفريق البحثى لمركز بحوث الصحراء ظل يداوم على الفحص والاستنتاج بضعة أعوام حتى تمكن من الوصول لهذه التقنية، وتم عمل ١١ محطة تحلية تنتج ألف متر مكعب يومياً، تساهم فى برامج التنمية للمناطق الصحراوية، وتستهدف الخطة زيادة هذه الكميات من المياه المحلية الى ٤ آلاف متر مكعب يوميا خلال ٣ أشهر لتغطية احتياجات محافظة مطروح بالكامل وتشجيع المجتمع المحلى على ارتياد هذه الصناعة للتوسع فى نشرها على مستوى الجمهورية.

ويضيف أنه تم توقيع بروتوكول بين وزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع ووزارة الزراعة، لتصنيع هذه المحطات كاملة بتكلفة مخفضة ٣٠% عن مثيلاتها المستوردة من الخارج، وهذا التخفيض يصل للمحطات المحلية التى ينشئها المركز إلى ٥ مليارات دولار سنوياً، ولدى الفريق القائم بالتصنيع خطة للتوسع فى التصنيع وترويج المنتج فى الأسواق المحلية والعالمية لهذه المكونات للمحطات، وتتميز الصناعة المحلية التنافسية فى الجودة والتكلفة النهائية لكل أجزائها ولدى المركز خطة للوصول للتصنيع المحلى لمحطات لتنقية مياه الصرف، سوف يعلنها قريباً. ويؤكد أن تكليفات الرئيس السيسى تهدف إلى توطين الصناعة المحلية للدخول للثورة الصناعية الرابعة التى تعتمد على الروبوت والكفاءات التقنية العالية للتشغيل الآلى.

مكون محلى ١٠٠%

على صعيد القطاع الاستثماري.. يؤكد د. نبيل المراغى، الخبير المصرى العالمى فى تحلية المياه، أن تصنيع المحطات الحديثة سيعتمد على المعدات ذات المكون المحلى بنسبة ١٠٠%، وانه هناك شراكات مع عدد من الجهات الادارية لتحلية مياه الصرف واستخدامها فى رى الزراعات العضوية بغرض التصدير وتحلية مياه البحر واستخدامها فى الشرب بالمنازل والقرى السياحية والفنادق.

ويضيف أنه تم تصنيع محطات للتحلية تعمل على أعماق تصل الى ٨ أمتار تحت الأرض، وجميع مكوناتها مصرية ١٠٠% وتعطى انتاج ٢٥ ألف متر مكعب من المياه فى اليوم، والمحطة الواحدة عبارة عن ٤٠ وحدة للتحلية، وتنفرد كل وحدة بقضيبين أحدهما من اليمين والآخر من اليسار، يسير عليهما ونشان مهمتهما تركيب وفك وصيانة كل وحدة على حدة حال تعرضها لأى أعطال أو عند الصيانة الدورية للوحدة.

ويقول ان هذا الجيل من المحطات متطور للغاية وأعمال الصيانة له بسيطة ويشغل مساحة أقل من التى كانت تشغلها الوحدات المستوردة من المانيا ومساحتها متران فى ٦ أمتار، لذا فإن تكلفة التحلية للمتر المكعب تنخفض عن مثيله من الوحدات المستوردة بنحو ٧٥% وتم بالفعل إقامة محطة لتحلية مياه الصرف لإنتاج مياه معقمة للزراعات العضوية بغرض التصدير فى مرسى مطروح.

ويضيف أن مصر تمتلك محطات لتحلية مياه البحر والصرف يصل عددها الى ١٠٠ محطة، ونحن بحاجة الى ١٠٠ محطة اخرى لإنتاج ٩٫٦ مليون متر مكعب يومياً، من المياه النقية سواء من البحر أو مياه الصرف للزراعة، مؤكدا ان محطات تحلية مياه البحر ستكون قريبة من الشواطئ وتضخ المياه النقية عبر الشبكات للهيئة القومية لمياه الشرب، اما تنقية مياه الصرف فتتم من خلال وحدات متخصصة لمياه الصرف، ثم ضخها عبر أنابيب موزعة على المناطق الزراعية لمنع تبخيرها والحفاظ عليها على أن يعاد تنقية، واستخدام هذه المياه عدة مرات للاستفادة القصوى منها، مؤكدا ان المحطات الجديدة ستكون بأيد مصرية ١٠٠% وفقا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى وتكلفتها ستكون مخفضة عن مثيلاتها المستوردة.

ويقول إن مبادرة الرئيس السيسى بتخفيض سعر الفائدة على القروض الصناعية الى ٥% شجعت الكثير من المستثمرين الوطنيين على ارتياد الاستثمارات الكبرى مثل مشروعات تحلية المياه ونأمل أن يتم تخفيضها الى ٣% كما هو الحال فى مبادرة التمويل العقارى لجذب المليارات من الدولارات من الأموال المصرية المهاجرة فى دول أوروبا والولايات المتحدة.

ويطالب باختصار الموافقات والتراخيص من الاجهزة الادارية المختصة لإنشاء المشروع ليكون شهرا بدلا من عام كامل أو ستة أشهر بحد ادنى المعمول بها حاليا لأن أموال المستثمر تظل معطلة وحبيسة بلا استخدام طوال هذه الفترة خاصة أن تكلفة المحطة التى تنتج ١٠ آلاف متر مكعب يوميا من المياه النقية تبلغ ١٠ ملايين دولار.

طريقتان للتحلية

أما د. بهجت الداهش، عضو لجنة تعميق الصناعة، فيقول إن تحلية مياه البحر تكون بالتبخير من خلال تسخينها ثم تكثيف هذه الأبخرة لتكوين المياه ناتج التحلية، ثم استخدام الملح المترسب فى الأغراض التجارية والصناعية، ويمكن أن تستخدم فى هذه العملية الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح التى يمكن الحصول عليها بزرع طواحين الهواء على الشواطئ، موضحا أن المانيا من أشهر الدول التى تستخدم الخلايا الضوئية لتحلية المياه نظرا لأن الطاقة الشمسية تغيب عن السطوع على أراضيها لفترات زمنية طويلة لكن فى مصر الشمس دائمة السطوع على أراضيها كما أن تكلفة الخلايا الضوئية عالية لكن الخلايا الشمسية عبارة عن أنابيب زجاجية مفرغة وهى رخيصة.

ويضيف: هناك طريقة أخرى تعتمد على الضغط «الاسموزى العكسي» وهى الاكثر استخداما بأن تسحب هذه المياه من البحر عبر مواسير وتمرر على فلتر ضخم فى المحطات الكبرى يسحب كل الأملاح الموجودة فى المياه وهذه الطريقة مكلفة لأنها تحتاج بشكل دائم الى تغيير الفلتر وسعره مرتفع ثم تمرر المياه بعد تحليتها فى أنابيب زجاجية لتدفع على الشبكة القومية لمياه الشرب، حيث تمر عملية التنقية بأربع مراحل متتالية وتعد تحلية مياه الآبار أوفر وأسرع من المياه المالحة، خاصة وأن المناطق المجاورة للبحار تكثر فيها الآبار، موضحاً أن تكليفات الرئيس السيسى ليست فى مجال تصنيع معدات محطات التحلية فقط، لكنها موجهة للحكومة لتعميم عمليات التوطين فى مجال التصنيع عامة خاصة وأن كورونا قد علمتنا الدرس وقتما أغلقت الحدود الدولية لمنع انتشار الجائحة، كما أدركنا ضرورة تعميق المنتج المحلى والاستغناء عن الواردات لتوفير العملات الاجنبية خاصة التى تعتمد على التكنولوجيات المتقدمة علاوة على أن توطين الصناعات المتقدمة يمهد للدخول الى الثورة الصناعية الرابعة.

الفقر المائي

وتضيف أنهار حجازي، الخبير الدولى فى الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، أن العقدين الماضيين شهدا تراجعا فى نصيب الفرد من المياه ليصل الى نحو (600 متر مكعب فى السنة) وهو دون حد الفقر المائى، وذلك نتيجة للزيادة السكانية المضطردة، وسلوكيات الاستهلاك المهدرة للموارد المائية، وإدراكا لما تقدم فقد وجهت القيادة السياسية الحكومة الى المبادرة بتبنى استراتيجية وطنية للحفاظ على موارد المياه المتاحة ورفع كفاءة استخداماتها، فى كافة القطاعات وعلى الأخص بمعالجة مياه الصرف الزراعى والصحى واعادة استخدامها، والتوسع فى تبطين الترع للحد من المياه المتسربة الى التربة المحيطة، كما تتبنى الحكومة برنامجاً للتوسع فى انشاء محطات تحلية المياه المالحة بقدرات كبيرة وخاصة فى المناطق الساحلية، حيث تم انشاء العديد من هذه المحطات بقدرات تصل إلى 150 ألف متر مكعب يومياً لكل محطة، بإجمالى يربو على خمسة ملايين متر مكعب يومياً.

وبالنظر إلى أن محطات التحلية المنشأة حالياً تعتمد على تقنية «الاسموزى العكسي» وتحتاج إلى استخدام الكهرباء، ومع توافر مصادر الطاقة المتجددة فى مصر يصبح الربط بين الوفاء باحتياجات التوسع فى محطات التحلية من الطاقة، وتوافر هذه المصادر أمرا ضروريا وعلى الأخص فى المناطق الجديدة لمشروعات التنمية ويساند هذا التوجه ما حققته مصر من التوسع فى انتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، حتى وصل اسهام المصادر المتجددة فى عام 2019/2020 الى نحو 10% من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة على الشبكة القومية واسعارها مخفضة، وعلى ذلك فإن المصادر المتجددة للشمس والرياح لها دور مهم فى نشر محطات تحلية المياه وانجاح اقتصادياتها فى التشغيل خاصة فى ضوء تناقص تكاليف نظم انتاج الكهرباء منها، والخبرات الوطنية التى توافرت فى هذا المجال نتيجة للمشروعات القومية الكبرى التى تم تنفيذها فى ظل التشريعات والاجراءات التنظيمية التى اعتمدتها الحكومة لتشجيع تنفيذ مشروعاتها فى المناطق التى تصلها الشبكات الكهربية أو البعيدة فى المناطق النائية سواء فى الصحراوية أو الساحلية.

حماية من التبعية والاحتكار

ويؤكد حسام الدين الصغير، أستاذ القانون التجارى وعميد حقوق حلوان الأسبق، أن تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة بتوطين التكنولوجيات المتقدمة فى البيئة المحلية تهدف لحماية مصر من الممارسات الاحتكارية التى تطبقها الدول الصناعية والشركات الكبرى العالمية عليها لاستغلالها ماليا وربط عمليات توريد هذه التكنولوجيات بأهدافها السياسية والاقتصادية التوسعية بغرض تعميق التبعية لهذه الشركات أو الحكومات الموردة، موضحاً ان مبادرات القيادة السياسية تحمى مصر من هذه الممارسات التى لا تراعى مصالح مصر أو الدول النامية على وجه العموم، وتخطط مصر لإنشاء قاعدة صناعية كبيرة قائمة على الخبرات والخامات المحلية، حيث تسعى القيادة السياسية دائما الى تطويع هذه التكنولوجيات لصالح المواطنين وخطط الدولة الاستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير المليارات من العملات الأجنبية التى تضيع فى استيراد هذه التكنولوجيات وقد احتزت بخطوتنا الكثير من الدول النامية التى تنبهت من خطورة الممارسات الاحتكارية للشركات الكبرى وتقدمت بعدة شكاوى الى الأمم المتحدة من حرمان الدول النامية من إجراء تعديلات او تحسينات على التكنولوجيات أو المنتجات الناتجة عن استخدامها المستوردة واستجابت لجان الأمم المتحدة لشكاوى هذه الدول.

ويقول إن المشرع المصرى كان سباقاً وفطناً الى هذه السلبيات، لذا قد راعاها فى قانون التجارة ووضع نصوصا تجيز إبطال كل شرط فى العقد يكون من شأنه تقييد حرية المستورد للتكنولوجيا تطويعها لصالح البيئة المحلية أو الحصول على تكنولوجيا منافسة أو مماثلة أو شراء الخامات أو معدات الانتاج أو قطع غيارها من المورد وحده دون غيره أو المنشآت التى يحددها المورد أو تدخل هذا المورد فى تعيين الأشخاص الأساسيين فى الشركات الوطنية.

ويؤكد ان اتفاقية (التربس) العالمية سارت على هذا الدرب، وتدعم نصوص التشريع المصرى أيضا الذى يكافح الممارسات الاحتكارية للشركات الكبرى أو الحكومات المصدرة للتكنولوجيات المتقدمة وأجازت للدول أو الشركات المستوردة اتخاذ التدابير القانونية لمنع هذه الممارسات الاحتكارية، بل ان المحكمة الدستورية العليا فى مصر أقرت أن تسوية النزاع ودياً بشأن هذه المنازعات أو التحكيم حول عقود نقل وتوطين التكنولوجيا تكون وفقاً للقانون المصرى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق