نقطة الانطلاق

ها نحن تحفُنا أنوار ونفحات الأيام العشر الأوائل من شهر ذى الحجة، وهى كما ورد فى السنة النبوية خير أيام السنة ويغفل الكثيرون من الناس عنها، فالمرء يكد ويتعب طوال العام، ونعيش فى دوامة من التفكير والقلق التى تأخذ الكثير من وقتنا وطاقاتنا، ومن حق أنفسنا علينا أن نعطيها فسحة إيمانية تُدخل إليها الطمأنينة وهدوء النفس وراحة البال، وذلك باغتنام هذه الأيام إلى توجيه الأذهان لمضاعفة الأعمال التى تزيد اكتساب الحسنات، وتفتح المجال واسعا لروح العطاء والسخاء على الفقراء والمساكين وذوى الحاجة، وتشريف الأعمال بصيام يوم عرفات، وختمها بشعيرة الأضحية، فهى أيام خيرٌ وبركة، ونجعل ذلك ملازما لنا فى كل مكان نرتاده، وفى كل وقت يمر علينا.. ولعله من عظيم المآثر التى ينبغى أن نقتنصها أن نجعل هذه الأيام المباركة كنقطة انطلاق لنمط حياة بمثابة صحوة روحية كفيلة بأن تُبعد كل المشاعر والأفكار السوداء عن خواطرنا، فنقاوم بكل جوارحنا لكى نعيش الحياة كما أرادها لنا الخالق سبحانه وتعالي.. كائنات ترجو الخير وتصب فى صالح الخير المحض، وكأننا نعيش فى خندق الخير والجمال .. إن هذه الأيام ذاخرة بالعديد من الأعمال التى يستطيع الإنسان أن يتقرب بها إلى الله سبحانه، ويجب ألا تمر كغيرها من أيام العام، فباب الخير واسع، ويستطيع المسلم أن يدخله من أى جهة يشاء، وأن يُشمر عن ساعديه ليحذر ضياع هذا الموسم العظيم، واغتنام كل ما من شأنه أن يكون لنا زادا فى دُنيانا وأخرانا فيسعدنا طوال الوقت وعلى مدار العام وليس أدل على عِظم هذه الأيام من القسم بها فى قوله تعالى (والفَجْرِ ولَيالٍ عَشْر).

عبد الحى الحلاوى ــ قوص