النظام الفيدرالى أو الاتحادى، نظام سياسى تكون فيه السلطة مقسمة بين حكومة مركزية وكيانات أصغر على شكل ولايات أو مقاطعات. وهناك 27 دولة حول العالم يطلق عليها اسم الدول الفيدرالية، أشهرها الولايات المتحدة ذات الولايات الـ51، وألمانيا فى أوروبا وولاياتها الـ16. ورغم أنه نظام معمول به منذ مئات السنوات ومازالت الدول التى ارتضته لها تعمل به ولا تسعى لتغييره، على الأقل فى المستقبل القريب، لكن لكل شيء عيوبه واختلافاته، التى قد تشكل الكثير من العقبات.
ويوزع النظام الفيدرالى السلطة بين الحكومة المركزية والولايات، التى تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظام، يحدد سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية. والحكم الذاتى لكل جهة يكون دستوريا ولا يمكن للسلطة المركزية تغييره.
وترجع أصول فكرة هذا النظام إلى الأب الروحى للنظام الفيدرالى أو رجل الدين الألمانى جوهان ألتيزيوس فى القرن الـ16 التى تتحدث عن التنظيم السياسى فى إطار اتحادي. والنظام السياسى الأمريكى هو نموذج للفيدرالية بين الولايات، حيث يتم توزيع مهام ومسئوليات اختصاصات الولاية وفقا لمجالات السياسة. ومع الوقت تم توسيع نطاق اختصاص الحكومة الفيدرالية بحيث يمكن للحكومة الفيدرالية تنظيم المجالات الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى سلطات أخرى.
أما الفيدرالية الألمانية فهى نموذج لما يسمى بنظام الشبكة، حيث يتم توزيع مهام واختصاصات الدولة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، وفقًا لأنواع الكفاءة أو الجوانب الوظيفية. ويقع الاختصاص التشريعى إلى حد كبير على عاتق الحكومة الفيدرالية، بينما تقع مسئولية تنفيذ القوانين الفيدرالية وكذلك القوانين الداخلية للولايات على عاتق الولايات. ينتج عن هذا الحاجة إلى التعاون لأن المستوى الفيدرالى متشابك بشكل وثيق.
ولأن الهدف الرئيسى للحكومات الفيدرالية هو الدمج بين مجموعة متنوّعة من الأعراق والثقافات تحت مظلة المصلحة الوطنية، يشعر العديد من الأمريكيين بعلاقات وثيقة مع دولتهم الأصلية من خلال الفيدرالية.
كما أن الفيدرالية توسع نطاق الحكومة على المستوى الوطنى ومستوى الولاية والمستوى المحلي، مما يقرب الناس من القادة ويزيد فرص المشاركة فى حكومتهم. فى المقابل، فإن الولايات المتحدة ليس لديها سياسة واحدة بشأن القضايا، بل لديها 51 سياسة، مما يؤدى غالبًا إلى الارتباك. كما يتسبب أيضا تداخل الحدود بين الحكومات الوطنية وحكومات الولايات بشكل عام، فى اتساع حجم الأزمات وضياع المسئوليات.
ورغم أن التقاليد الفيدرالية الألمانية أقدم وأكثر ثباتًا من التقاليد الأمريكية، لكن الكثيرين يؤمنون بضرورة إصلاح الفيدرالية. فقد يبدو أن الفيدرالية الألمانية تسمح لرؤساء وزراء الولايات بالتصرف مثل أمراء العصور الوسطى الذين يدافعون عن استقلالهم ويستقلون بقراراتهم. لكن فى الوقت نفسه، كانت الفيدرالية أساسية فى نجاح ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية مرورا بتداعيات الوحدة الألمانية بعد عام 1990. ولكن، فى ظل الكوارث والأوبئة مثل التغير المناخى وجائحة كورونا واضطراب التنسيق واتساع حجم الأزمة، ألقى كل من قادة الولايات والحكومات الفيدرالية باللوم على بعضهم البعض دون إيجاد حل، مما يسهم فى إشعال الخلافات القديمة سواء فى أمريكا أو ألمانيا حول شكل الحكومة الأفضل والتوازن بين الاستقلال الإقليمى والاستجابات المحلية. ولكن رغم مرور الأعوام والأحداث يظل الباب مفتوحا للحكومات والشعوب لتتعلم من نجاحاتها وإخفاقاتها.
رابط دائم: