رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الوساطة الخارجية.. وألاعيب المفاوض الذكى

‎رشا عبدالوهاب

‎كان الرئيس الأمريكى بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ولاعب شطرنج محترفا، وله مقال شهير عن أخلاقيات اللعبة، يقول إن «الحياة تشبه لعبة الشطرنج، نكسب أحيانا نقاطا، وعلى الخصوم والمنافسين الاعتراف بذلك». ورغم أن السياسة الخارجية الأمريكية تبدو استبدادية بمنطقها القائم على مقولة «إما معنا أو ضدنا»، إلا أن الممارسة الناجحة والفعالة للسياسة تتطلب مفاوضات وتسويات أغلب الوقت، فلا توجد دولة قوية بما فيه الكفاية لتحصل على ما تريد من جانب واحد، وتعقيدات السياسات الدولية تجعل من المستحيل سيطرة طرف واحد على مجرى الأحداث. ومن ينتصر فى أرض المعركة، لا ينجح بالضرورة على مائدة المفاوضات. فالدبلوماسى الأمريكى المخضرم هنرى كيسنجر، الذى شغل منصبى وزير الخارجية ومستشار الأمن القومى خلال إدارتى ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، وأرسى ما يسمى بالدبلوماسية المكوكية، يرى أن «الموقف التفاوضى للمنتصر يتضاءل دائما بمرور الوقت، كل ما لم يتم فرضه خلال صدمة الهزيمة يصبح من الصعب بشكل متزايد تحقيقه فى وقت لاحق».

‎بينما يعتبر أيقونة مناهضة العنصرية فى جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا مثالا للمفاوض الذكي، فهو من بين أنجح المفاوضين فى التاريخ لأنه كانت له طريقة خاصة به على مائدة المفاوضات صقلتها الخبرة وسنوات المقاومة والسجن. وتحدث روبرت منوكين أستاذ القانون الدولى ورئيس برنامج التفاوض فى جامعة هارفارد العريقة عن ذكاء مانديلا وصبره ومثابرته وبراجماتيته وتفكيره الاستراتيجي، لقد رفض الفكرة القائلة بأنه يجب على المرء إما التفاوض مع الشيطان أو المقاومة بقوة، لأنه قام بالحلين فعلا وأثبتا عدم فعاليتهما، وكان على استعداد لتقديم تنازلات، لكن الأهم بالنسبة له احترام مبادئه السياسية. فلقد نجح عبر المفاوضات فى اقناع خصومه، وفى مقدمتهم نظام الفصل العنصري، وحقق النتيجة التى لم يكن بالسهل إنجازها عبر العنف أو المقاومة. كما قدم تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ومبعوث السلام السابق إلى الشرق الأوسط عشر نصائح حول مهارات التفاوض لحل النزاعات على المسرح الدولى من واقع خبرته فى التوصل لاتفاق «الجمعة العظيمة» بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية عام 1998، وهي: التفاوض على إطار عام، تحجيم الصراع لضمان عدم خروجه عن السيطرة، الاهتمام بأبسط التفاصيل، الإبداع، الاعتماد على الطرف الثالث، النظر إلى الحل على أنه رحلة، الاستعداد لحدوث خلافات واضطرابات، التخلى عن الأيديولوجيات الجامدة، اغتنام فرصة التغيير لقلب الوضع القائم، وأخيرا عدم الاستسلام. ‎والوساطة فى الصراعات الدولية هى شكل من أشكال تدخل طرف ثالث لإدارة النزاع وتسويته بطريقة ودية، بعبارة أخرى هى «بديل»عن التقاضى أمام هيئة قضائية، وهى واحدة من أقدم وأكثر الآليات شيوعا لحل النزاعات الدولية.

‎وتلعب الأطراف الثلاثة المحايدة، سواء أفراد أو منظمات أو دول، مجموعة متنوعة من الأدوار، بما فى ذلك تسهيل المفاوضات، وفحص حقيقة ادعاءات الطرفين، والمساعدة فى تقديم حل خلاق، وكتابة الاتفاقيات التى تعكس احتياجات الأطراف المتنازعة. وشهد العالم العديد من الأمثلة على الوساطة الناجحة منذ القرن التاسع عشر، ومنها تدخل بريطانيا العظمى بين البرتغال والبرازيل، والبابا ليو الثالث عشر رئيس الكنيسة الكاثوليكية فى عام 1885 فى الأزمة بين ألمانيا واليونان حول جزر كارولين. وتم اتخاذ خطوات مهمة أخرى نحو إنشاء آلية وساطة فى اتفاقيات لاهاى لعامى 1899 و1907 وفى ميثاق عصبة الأمم. وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، على وجه الخصوص، أخد الأعضاء على عاتقهم التزاما أكبر لتسوية نزاعاتهم بشكل سلمي. وتنص الفقرة 3 من المادة 2 من الميثاق على أن على جميع الأعضاء تسوية منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية. وبموجب المادة 33 من الفصل السادس، يجب على أطراف أى نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولى للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذى بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التى يقع عليها اختيارها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق