رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بصدق النية والذكر والصلاة..
حج غير القادرين.. عبادة ممكنة رغم الأعذار

تحقيق ــ رجب عبدالعزيز

فى مثل هذه الأيام المباركة من كل عام تتوق قلوب ملايين المؤمنين لأداء فريضة الحج، وتتجه أفئدتهم إلى بيت الله الحرام، ويكثر حنين مَنْ حيل بينهم وبين أداء المناسك، من المرضي، وأصحاب الأعذار، والفقراء، وغير القادرين، الذين أخلصوا النيات، وأكثروا الدعوات، بأن يكتب الله لهم الحج إلى بيته الحرام.. هنا يحمل علماء الدين البشريات لهم بأن هناك أعمالا كثيرة لا تقيدها جائحة “كورونا”، ولا غيرها من الأعذار، لكنها تعدل فى أجرها حج النافلة والعمرة، وربما نال صاحبها ثواب كل منهما، دون بذل مال أو تكبد مشاق.

يقول الدكتور محمد عباس المغني، أستاذ الثقافة الإسلامية المساعد بكلية الدعوة: من يُسر الشريعة الإسلامية أن من نوى طاعة من الطاعات، وأخلص النية والعزم ثم مُنع منها لمانع شرعى أو كونى كالفقر، والعجز، والمرض، والوباء، والنوازل، فإنه يُكتب له ثوابها كاملاً غير منقوص، بفضل الله تعالي، ويؤيد ذلك قوله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً».

ويضيف أن من همَّ أى نوى وعزم على فعل طاعة من الطاعات، ولم يعملها لعذر كتب الله له الأجر كاملاً كأنه عملها وأداها، ففى الحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَي»، أى لكل امرئ ثواب وأجر ما نواه من العمل الصالح.

ويشير د.المغنى إلى أن السنة النبوية رصدت مجموعة من الأعمال الصالحة التى يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة فى الجزاء والأجر، لا الإجزاء والإسقاط، بمعنى أن المسلم إذا أدى هذه الأعمال نال ثواباً مثل ثواب الحج والمعتمر، إلا أنه لا يسقط عنه الفريضة متى تيسرت له الأمور.

ويوضح أن من هذه الأعمال النية الصالحة والعزم الصادق على أداء الحج والعمرة، فالمسلم ينال أجر العمل الذى نواه ولم يؤده ما دامت نيته صادقة، ويدل على ذلك قوله، صلى الله عليه وسلم، لما رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، ومنهم.. عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِى مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ”. وهذا ينطبق على كل الأعمال الصالحة، وعلى رأسها الحج والعمرة.

كأجر حجة وعمرة

ويضيف: هناك أيضًا أداء الفرائض المكتوبة بالمساجد جماعة إذ يعدل حجة وعمرة فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ».

ويقَولَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِى جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ»، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ»، ومن الممكن أن تُؤدى فى البيت فى ظل ظروف جائحة «كورونا»، وتشارك المرأة الرجل فى هذا الفضل والأجر.

ومنها بر الوالدين، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّى أَشْتَهِى الْجِهَادَ، وَإِنِّى لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَالِدَيْكَ؟» قَالَ: أُمِّي. قَالَ: «فَأَبْلِ اللَّهَ عُذْرًا فِى بِرَّهَا، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ وَمُجَاهِدٌ، إِذَا رَضِيَتْ عَنْكَ أُمُّكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَبِرَّهَا».

ومن هذه الأعمال مجالس العلم والذكر: فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ».

مكفرات الذنوب

ويرى الدكتور عبدالمنعم إبراهيم عامر، الباحث الشرعى والإمام بالأوقاف، أنه إذا كان ثواب الحج المبرور هو مغفرة الذنوب ودخول الجنة مصداقاً لقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، وقولَه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَتَانِ أَوِ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ يُكَفَّرُ مَا بَيْنَهُمَا»، فإن هناك كثيرا من الأعمال تبلغنا هذه المنزلة، كونها مكفرات للذنوب، منها: صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء فقد قال صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ).

ويضيف: من الأعمال التى تمحو الذنوب والخطايا أيضًا: قيام رمضان وليلة القدر، ومنها أيضا: الذكر المشروع بعد الأذان، إذ يقول رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»، ذلك بالإضافة إلى إسباغ الوضوء وصلاة الجماعة، إذ يقول رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ».

فى سياق متصل، يوضح الدكتور مصطفى المهدي، مدرس الشريعة بحقوق عين شمس، أن من مكفرات الذنوب، التى تمحو ذنوب العبد وخطاياه، كذلك: الصلاة بإخلاص وسكينة، إذ يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

والحرص على الأذكار المشروعة بعد الصلاة، إذ يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَبَّحَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، خَلْفَ الصَّلَاةِ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ». ومنها أيضا: تغسيل الميت وتجهيزه واتباع جنازته، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، وَكَفَّنَهُ، وَحَنَّطَهُ، وَحَمَلَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا رَأَي، خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ، مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق