رغم أنها كانت منذ قديم الزمن عاصمة لمصر فقد ظلت قرى مركز الحسينية منسية عهودا وعهودا، قبل أن تمتد اليها يد التطوير ممثلة فى مشروع تطوير الريف المصرى ضمن مبادرة حياة كريمة، ليقع الاختيار على قراها جميعا ضمن المرحلة الأولى للتنفيذ ليهبها «قبلة حياة» ويفتح لها بابا نحو المستقبل
فمن بين 4500 قرية و30 ألف تابع على مستوى الجمهورية، تم اختيار 41 قرية بمركز الحسينية ضمن المبادرة.
«الأهرام» قامت بزيارة لقريتى قهبونة وبحر البقر ورصدت كواليس وتفاصيل مهمة وتناقشت مع كل المسئولين عن عمليات التطوير التى تغير وجه الحياة فى مناطق كانت شبه معدمة. فى البداية نشير إلى أنه من بين القرى الـ41 المختارة بمركز الحسينية «قرية قهبونة» والتى تعددت فيها الشكاوى لتجسد حالة من البؤس يحياها الأهالى ليصبح لها الحظ فى الدخول ضمن قرى المبادرة، وداخل القرية التى تحولت لخلية نحل لا تخطو أمتارا إلا وتصادفك المعدات والآلات، فمنذ الإعلان عن بدء التنفيذ والعمل لا يتوقف بالقرية وتوابعها، العمال رائحون وعائدون هنا وهناك يقومون بعملهم فى البناء أو يضعون المواسير للصرف أو للغاز
ويؤكد هشام أبو الليل رئيس الوحدة المحلية لقهبونة، أن القرية تضم 5 قرى و54 تابعا ويقطن بها نحو 28 ألف نسمة، مشيرا إلى أن العمل بالفعل بدأ منذ اللحظة الأولى لإعلان المبادرة، فعلى سبيل المثال مبنى الوحدة المحلية تم تسليمه لإنشاء مجمع خدمات مساء الجمعة وبدأ العمل صباح السبت، لافتا إلى أن القرية ستشهد إنشاء مجمعين للخدمات لتوفير مختلف الخدمات وسهولة تقديمها وخدمة الشباك الواحد وأضاف لدينا توجيهات بتيسير العمل وتذليل أى عقبات للإسراع بمعدلاته وقال السيد على مسئول التنمية بالوحدة المحلية إنه جار إنشاء مجمعين للخدمات الأول يضم شهرا عقاريا ومكتب سجل مدنى وبريد ووحدة للشئون الاجتماعية ومركزا تكنولوجيا وإدارة للتموين،و أما الثانى فسيضم وحدة بيطرية وأخرى للإرشاد الزراعي، بالإضافة لمقرر للجمعية الزراعية ووحدة لتجميع الألبان للتيسير على المزارعين وتسويق انتاجهم.
ويروى عادل العرينى من أهالى القرية: كانت مشكلة الكهرباء بعد المياه والصرف أبرز المشكلات، فكانت تنقطع دائما بالصيف خاصة فى قرى الأطراف، بسبب انخفاض الضغط العالى نتيجة بعد المصدر بمنطقة العباسة. وعبر حسنين عبد المؤمن «80 سنة» أحد أصحاب المنازل التى سيتم إعادة تأهيلها عن سعادته، قائلا: «شكرا ياريس وربنا يخليك ويوسع عليك ويكفيك المرض ويعلى شأن مصر دايما كمان وكمان».
وأمام منزلها البسيط المتهالك وقفت ناهد جودة، إحدى السيدات من سكان القرية والتى تم إدراج اسمها للحصول على مساعدات مالية، وعلى ملامحها نظرة الرضا قائلة: «احنا ناس غلابة لا عندنا زرع ولا بقرة نربيها ولا أى مصدر دخل وبنشتغل باليومية ويادوب بنكفى نأكل ولادنا، لكن من يوم ما سمعنا عن مشروع حياة كريمة وانه «هيبقى لينا معاش وبيت جديد واحنا بقى عندنا أمل». وفى قرية الملكيين القبلية كانت الفرحة غامرة لإدراج قريتهم ضمن مبادرة الرئيس حياة كريمة للاهتمام بالفئات الأكثر احتياجا، وقال عبد الله على السيد مدير بالتربية والتعليم: إنها مبادرة لم نكن نحلم بها فشبكات المياه متهالكة والبيوت كادت تنهار على رؤوسنا بسبب الصرف العشوائى وكان البعض يقيمون وسط الأنقاض، أما الآن فسيتم إحلال وتجديد لشبكات المياه وعمل منظومة للصرف وسيتم توصيل الغاز، وطالب بإنشاء مركز شباب أسوة بالقرى الأخري.
وقال حاتم عبد القادر خلف من أهالى القرية: لم نكن نشعر بشيء فأصبح لدينا كل شيء، حاجة حلوة بتحصل، واستطرد: قديما كنا نشرب من مياه الخلجان والمصارف وبعدين بقينا بنشترى الميه، دلوقتى عندنا ميه شرب نضيفه من الحنفيه والغاز يوصل لحد البيت.
أما جاد سميح من أهالى القرية فقال كان حلمنا الأهم شبكة صرف وكانت المياه هى الأهم لكن خلاص، توافرت المياه والصرف ومجمع للخدمات وإحلال وتجديد شبكة الكهربا والطرق والكباري.
وفى قرية بحر البقر كانت الأجواء أيضا مغايرة وكما تقول أمل فرجانى مدرسة بمدرسة بحر البقر: لأول مرة كسكان للقرى نشعر بحالة من الرضا، وأن هناك من يتذكرنا ويلتمس معاناتنا، ويسعى للتخفيف عنا بل ويساوينا بقاطنى العواصم الكبرى من حيث الاهتمام وتوصيل المرافق وسبل التكنولوجيا الحديثة، مشيرة إلى أن مشكلات الصرف والطرق والإنترنت كانت من أهم المشكلات التى تشكل عقبة لسكان أغلب القري، حتى الوحدة المحلية وهى مبنى إدارى لم يكن بها إنترنت فكان وجوده مقتصرا على المدارس فقط لتطبيق النظام الجديد. وقال النائب السيد رحمو عضو مجلس النواب عن دائرة الحسينية إن المشروع القومى لتطوير الريف المصرى نقلة نوعية كبيرة ستغير خريطة الحياة داخل الريف بشكل لم تشهده الدولة المصرية من قبل.
يقول الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية: كان اختيار 41 قرية بمركز الحسينية، اختيارا موفقا، فهو يمثل ثلث مساحة المحافظة تقريبا. فضلا عن وقوعه على أطراف المحافظة وتشكل حدوده جزءا كبيرا من حدودها، اذ يتقاطع ويتداخل مع ثلاث محافظات أخرى.
وقال محافظ الشرقية أن المشروع يمنح قرى المركز قبلة الحياة ويضعها على الخريطة مرة أخرى فهو بمثابة نقلة حضارية كبرى بعد عهود من الإهمال مشيرا الي أن التطوير يشمل 14 قطاعا للنهوض بالخدمات الأساسية والحيوية للمواطنين وعلى رأسها السكن الكريم والصحة والتعليم والمرافق والطرق والرى والتضامن الاجتماعى وإرساء معالم بنية تحتية لاستثمار محلي، فضلا عن تفعيل دور التعاون الإنتاجى للمجتمعات الريفية لتوفير سلال غذائية وحتى التحول الرقمى لضمان مواكبة الأهالى لعصر التكنولوجيا ومختلف المستجدات.
من جهته أكد المهندس سامى معجل رئيس مدينة الحسينية، أن المركز يقع على مساحة 383 ألف فدان ويضم 10 وحدات محلية وأن التطوير سيمتد لجميع المجالات تقريبا وتشمل 14 قطاعا للنهوض بالخدمات الأساسية والحيوية، ومنها الصحية والتعليمية ومختلف الخدمات التنموية، بإجمالى تكلفة حوالى 11.5 مليار جنيه، سعيا لتغيير وجه الحياة ومكافحة الفقر وإشعار المواطنين بفارق ايجابى فى المستوى المعيشى وأيضا التطور لمجتمعه المحلي.
وعن ابرز القطاعات التى يشملها التطوير قال عاطف صالح مدير مشروع تطوير قرى الريف بمركز الحسينية إنها تتضمن القطاعات الخدمية ومنها مياه الشرب والصرف الصحي، حيث سيتم إحلال وتجديد شبكات المياه ومد شبكات جديدة لتوفير المياه النقية لجميع التوابع، وإحلال وتجديد شبكات الكهرباء القديمة والمتهالكة وإنشاء لوحة توزيع كهرباء بتكلفة 70 مليون جنيه بقرى بحر البقر، وكذا القطاع الصحى والاجتماعى من خلال إنشاء وحدات صحية وإنشاء 4 وحدات إسعاف على الطرق الرئيسة ونقاط إسعاف داخلية، وتطوير المستشفى المركزى لخدمة القرى وإنشاء مبنى جديد على مساحة 2500 متر للغسيل الكلوى وقسم متكامل للحروق، بالإضافة لإنشاء وحدات اجتماعية لاستقبال الأسر محدودة الدخل وإجراء الأبحاث الاجتماعية لها التى تمكنهم من صرف المساعدات المالية المختلفة، وتطوير المنازل المتهالكة والآيلة للسقوط والتى تم حصرها فى أكثر من 3 آلاف منزل والقطاع التعليمي، حيث جار إنشاء وتطوير 12 مدرسة بتكلفة 57 مليونا و102 ألف جنيه، لإضافة 143 فصلا جديدا. كما تشمل المبادرة النهوض بقطاع الرى من خلال تبطين 7 ترع ورفع كفاءتها، لحماية البيئة ومكافحة التلوث وضمان وصول المياه لنهايات الترع.
رابط دائم: