رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

خطوة تاريخية

بريد;

لي بعض الملاحظات والخواطر حول العمل الخيرى من خلال تجربتى فى هذا المجال، وأوجزها فيما يلى:

أولاً: كما أن للأنهار فروعاً، فإن للعمل الخيري كنهر للخير فرعين: الأول.. الإعانة، والثانى.. التنمية، فالعمل الخيري يجب ألا يكون مقصوراً على تقديم الإعانات والمساعدات فقط ولكن يجب أيضا أن ينسحب إلى التنمية، وذلك ترجمة للمثل الصيني «لا تعطني سمكة ولكن علمني الصيد».

ثانياً: الحاجة ملحة لإنشاء قاعدة بيانات للجمعيات والمؤسسات الخيرية لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص «من يأخذ كم؟، ومن أين؟»، فهناك من يطوف الجمعيات الخيرية لجمع أكبر قدر من المساعدات، في حين أن هناك محتاجين قد لا يستطيعون الحصول على شئ.

ثالثا: من لهم باع طويل في العمل الخيري أصقلتهم التجارب والممارسات اليومية، فتعلموا درساً ثميناً مفاده أن من يلح في السؤال ويتفنن في تأكيد حاجته إلى المساعدة ليس بالضرورة هو الأكثر عوزاً فقد يكون هناك كثيرون غيره أكثر منه احتياجاً:.. يقول تعالى: «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ، يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا، وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» (البقرة273).

رابعاً: لا مراء فى أن الخير مازال موجودا في مجتمعنا، بيد أن اللافت للنظر هو أن الأكثر ثراء ليس بالضرورة هم الأسرع استجابة لمد يد العون للحالات الإنسانية التي تحتاج العون إزاء المصائب والملمات، ولاسيما الأمراض العضال، وقد يكون هذا راجعاً إلى ما يعانيه الإنسان المصري الآن من أمراض اجتماعية أدت إلى العزلة والأنانية والهروب إلى الذات.

خامساً: فرق شاسع بين أن نقرأ عن أو نسمع قصص البؤس الإنساني وشظف العيش الذى يعانيه البؤساء وبين معايشتهم علي أرض الواقع لترى بأم عينيك البؤس في دموع رجل أو استغاثة ملهوف أو آلام طفل يئن من المرض، فكما يقال: «ليس من سمع كمن رأى».

سادساً: من الملاحظات اللافتة أن أبناء بعض الأسر التي تعاني الفقر والعوز هم من المتفوقين في دراستهم، وأن هذه الأسر تولي اهتماماً لافتاً رغم كل ظروفها الصعبة لتعليم أبنائها حتى لا يتم توريثهم الفقر، فالتعليم أداة فاعلة في رأيهم للحراك الاجتماعي، ومن ثم فإن الأطفال إذا تعلموا لن يعانوا ما عانته أسرهم.

سابعاً: هناك نسبة محسوسة من الأسر الفقيرة التي تنفق عليها «السيدات المعيلات»، إما لكونهن أرامل أو مطلقات أو لعجز الأزواج عن العمل، ولكن الأدهى أن بعض الأزواج الأصحاء فقدوا النخوة وآثروا أن تنفق عليهم الزوجات بما في ذلك توفير السجائر.

ثامناً: إزاء واقعنا الاجتماعي بين سكان المنتجعات والعشوائيات، وبين سكان القصور والقبور وذوبان الطبقة الوسطى رمانة الميزان المجتمعي، فمن الحصافة والذكاء أن يبادر الأثرياء بتقديم يد العون قدر استطاعتهم لكل محتاج، وعلى هؤلاء قراءة قول الحق سبحانه وتعالى: «وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (الذاريات19)، ومن ثم فإن مساعدة الأغنياء للفقراء ليست اختياراً ولا تفضلاً، ولكنها واجب شرعي، وحسبنا أن الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة.

تاسعاً: فى ضوء تجربة «بنك الطعام» الرائدة في مصر والتي انتقلت إلى أكثر من 80 دولة على مستوى العالم لما حققته من نجاح لافت، ليتنا نفكر جدياً في تأسيس بنوك للعلاج والكساء والتعليم، لكي يعود مجتمعنا إلى سابق عهده حين كان أجمل ما فينا الرحمة والتكافل والألفة، ولم تعرف الأنانية طريقها إلينا إلا عندما أصبح المال سيفاً مسلطاً على رقابنا، فضاعت الرحمة وغاب التكافل، وظهر بين ظهرانينا (أثرياء الصدفة)، وفي هذا السياق نقول: حسناً أن خصصت الدولة خمسمائة مليار جنيه للريف لرفع جودة حياة الفلاحين، فهذه لاشك خطوة تاريخية للوقوف بجانب الفلاح، وإقالة عثرته وإنقاذه مما يعانيه الآن من صعوبات ويكابده من معوقات.

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بجامعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق