رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. أحمد نوار: لا يمكن مقارنة الإبداع التشكيلى الآن بإبداعات 23 يوليو.. الزمن اختلف

منار سليمة;

مصر خاضت حربا ضد الإرهاب.. والآن تخوض أخرى من أجل مستقبل أفضل



تبقى الفنون على امتداد العصور وعبر التاريخ قادرة على إعادة تشكيل الوعى وبث نوازع تدفع الشعوب نحو النهضة، ومحركا فاعلا فى استنهاض الأمم نحو الثورة على الطغاة ومحاربة المستبدين من مستعمرين أو أفراد أو جماعات، فللفرشاة قوة لا يستهان بها، وتأثيرها لا يمتع العين بالجماليات وحسب، لكنه يصحو بوجدان وضمير الشعوب، فبالفن والثقافة تستقيم الكثير من انحناءات ومصائر الأمم، وبه تدون الانتصارات والعزائم بدءا من جدران المعابد وحتى أروقة المتاحف.

وللحديث عن الفن وأثره وتأثره بأحداث يوليو وما قبلها وبعدها كان هذا الحوار مع الفنان المقاتل د. أحمد نوار، الذى يصطف بعد لقبه العديد من المهام والأدوار والرؤى التى شكلت رؤيته وصنعت شهرته محليا وعالميا.. فإلى نص الحوار.




من خلال مشواركم الممتد والخبرات المتراكمة كيف يمكن للفن التشكيلى إعادة تشكيل وتوجيه أفكار وقيم المجتمعات وبناء جسور مع الشرائح المختلفة، وبشكل عكسى كيف تتمكن أجيال الفن التشكيلى من زيادة تفاعلهم بمجتمعاتهم خاصة وسط نداءات الثورات وخوض الحروب؟

الفنون بشكل عام قد تتلامس أهدافها مع كل ما يسمو ويرتقى بالإنسان وسط مجتمعاته على اختلاف نهجها وسلطاتها، والفن التشكيلى يعد أكثر الفنون تلاحما مع الشرائح المختلفة وذلك نظرا لتداخله مع تفاصيل حياتهم اليومية كوظيفة بصرية، بدءا من الشوارع والطرقات بمفردات ورموز مرئية من إعلانات مرسومة أو مصورة، وعلامات إرشادية وواجهات المحلات ومرورا بالتماثيل المنتشرة فى الميادين والمبانى المعمارية بزخارفها، بالإضافة للمتاحف التى تضم كنوزاَ متنوعة الانتماءات والأفكار والعصور، فهذه العلاقات المباشرة تحدث تأثيرات فى نسيج ثقافة المجتمع.

والفنان التشكيلى بدون شك يتأثر بكل ما يحيط به ولعل الفن هو وثيقة لإثبات ذلك الآن ومنذ إبداع الإنسان الأول على جدران الكهوف،حيث تتنامى فكرة التعبير عن المتغيرات الإنسانية والسياسية والثقافية والاجتماعية فى حياة الشعوب لذا نشاهد أعمالا فنية تنقل لنا تفاصيل أدوات المصرى القديم وتجهيزاته للآلات الحربية، وعن براعته فى علوم الطب والهندسة والفلك وغيرها من مجالات الحياة كما نرى على مر التاريخ العالمى توثيقات مرئية تحكى من خلال إبداع الفنان التشكيلى عن الانتصارات والهزائم فى الحروب والثورات، ومنها ما نجده فى لوحات الفنان الأسبانى «فرانشيكو جويا» التى عبر فيها عن فظائع الحرب لأول مرة بتقنية الطباعة الغائرة بالأبيض والأسود كشكل اولى لفن الجرافيك، وفى عام 1937م، كان للوحة «الجيرنكا» للفنان العالمى « بابلو بيكاسو» أكبر الأثر على العديد من السياسات والقرارات الدولية، حيث عبر فى لوحته عن مأساة تدمير قرية الجيرنيكا فى إسبانيا على يد الديكتاتور فرانكو.

وعلى المستوى المحلى قدم النحات الراحل «جمال السجينى» وتمثاله عن العبور نموذجا للدلالة عن انصهار الجيش والشعب لتقديم ملحمة الانتصار فى 1973، والتمثال كائن الآن بإحدى ميادين مدينة بنى سويف، كما كان من بين عطاء الفنان الراحل «عبدالهادى الجزار»، لوحاته الأشهر، ومنها «الميثاق» والتى تخاطب وعى المجتمع بشكل مباشر ومعايير الحرية وحقوق المواطنين والمساواة والعدالة.

من خلال رؤيتكم لثورة 1952، والتى بزغ معها العديد من الفنانين المصريين بدور فاعل لأجل بث روح الوطنية والانتماء هل يمكن المقارنة بين أدوات الإبداع وإدراك المفاهيم فى ثورة 23 يوليو وثورة 30 يونيو الحديثة؟

ثورة 23 يوليو جاءت فى زمن افتقدت مصر للحرية والاستقلال بعد احتلال دام سبعين عاما، فكان الخلاص من الحكم الملكى، وإعلان أول جمهورية، وبكل تأكيد تفجرت طاقات إبداعية من خلال جميع روافد الفنون بدون استثناء، وكان للفن التشكيلى أدوار تتزايد وتتنافس على التعبير عن مكاسب الثورة، فأثروا المتحف المصرى للفن الحديث بأعمال تعد الأهم والأكثر تأثيرا وكوثائق مشاهدة على الأحداث ومن أشهر فنانى تلك المرحلة الزمنية: حامد عويس، عبدالهادى الجزار، حامد ندا، السجينى، محمد مصطفى، أما مع ثورة 30 يونيو فلا أستطيع المقارنة لعدة أسباب: الأول أن كلا منهما تنتمى لزمن مختلف، والأفكار تنوعت، فالعملية الإبداعية لا تأتى كرد فعل للحدث، لكن تولد عبر التعايش والتأمل والتفاعل والاختمار لتفاصيل الحدث، ليخرج المخزون بكامل طاقاته فى أعمال الفنان اللاحقة، ولعل ما ميز ثورة 30 يونيو هو تعدد المهام ففى الوقت الذى شهدت فى مصر حربا ضروسا ضد الإرهاب، كانت هناك ثورة من البناء والتشيد ومد الطرق، إنها إدارة وطن بقياداته من أجل مستقبل أفضل.

كيف تقيم وتقرأ المعارض التشكيلية اليوم، فرغم تزايدها كما وتنوع ما يعرض إلا أن هناك فجوات تحول دون الوصول لشرائح المجتمع المختلفة؟

تزايد عدد المعارض ليست حقيقة؛ لأن قاعات العرض وعددها يقاس بحجم الكثافة السكانية للمدينة الواحدة، القاهرة من كبرى عواصم العالم ويقطنها أكثر من 25 مليون نسمة، فعدد القاعات هنا لا يتعدى عشرين قاعة يعنى تقريبا قاعة لكل مليون نسمة، فعواصم أوروبا أقل عدداَ بالسكان وأكثر فى تعداد القاعات ومساحات العرض، وهذا مرجعه لثقافة المجتمع القائمة على أن الفن ليس ترفا، بالإضافة لدخول الفنون هناك فى المجالات التسويقية والجانب الاقتصادى مما يحقق ضمانه تواجده كمنتج ثقافى ووظيفى فى مجتمعاتهم.

وفى رأيكم متى سنتمكن من وصول أدوات الفن التشكيلى لرجل الشارع كأسلوب للتفكير وهوية للارتقاء بالمجتمع فى بلادنا؟

سؤال مهم للغاية، وببساطة يتحقق هذا عندما يزداد الاهتمام بالتربية الفنية بالمدارس وحتى الجامعة لإقامة أجيال تجد فى الفن أسلوبا للتقدم والارتقاء مع رعاية المواهب فى كل المحافظات.

إضافة لذلك يجب وضع كود فنى يطبق فى جميع الوزارات والمدن يختص بالتخطيط العمرانى وفقا للمعايير الجمالية والمجتمعية ومنها الالتزام بمعايير المدن والشوارع وإنشاء مؤسسة تختص بضبط المخالفات وحماية الواجهات الجمالية للمنشآت واحترام القيم المعمارية والطرز البنائية مع الاهتمام بوضع تماثيل وفنون بميادين مصر والحدائق العامة.

وفى النهاية يشير د. نوار إلى أنه لايزال الأمل قائما فى تحقيق ثورة فنية ومتحفية حقيقية فى ظل ما تشهده مصر من عصر نهضة حاليا، ويشير كذلك إلى أن الواقع الذى نراه حولنا فى كل مناحى الحياة يجعلنا نتطلع للأفضل ويجعلنا نستشعر اقتراب اكتمال أحلام الفن والفنانين وتفاؤلهم بما هو قادم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق