خطوات محسوبة
ـ أحمد حمزه نمير: كل خطوة يخطوها الإنسان فى مسيرة حياته لابد أن يعرف إلى أين ستقوده؟، ومدى مكاسبه منها، وما سيخسره من الإقدام عليها، من خلال هدفه الذى وضعه أمام عينيه، سواء كان التفوق والنجاح، أو تحقيق مجد كبير، أو إنجاز متميز فى مجاله، أو هدف مادى بحت يكون صاحبه شغوفا بجمع الأموال، ونيل المكانة الاجتماعية التى يفرزها الثراء، أو أنه يفضل أن يعيش حياة متوسطة مستورة هادئة بلا صخب فى ظل معطيات معقولة أو بسيطة، وقد اكتفى بما وصل إليه أو كبح طموحه عندها، أو أن يعيش بلا هدف، فلا يعرف ماذا يريد؟، ويترك نفسه يلاطم الأيام والليالى، وتتقاذفه الأحداث ويفقد القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بشئون حياته الخاصة، ويترك مصيره فى أيدى الآخرين، ويظل يشكو طول عمره، ثم يتوقف عند هذه المرحلة، ولا يستطيع النهوض بسهولة، مع أن الحلول لا تنتهى، والفرج والخير الإلهى لا ينضب، ودوام الحال من المحال، والارتكان والمكوث فى منطقة الشكوى لن يحل أى مشكلة.. والسؤال: ما فائدة استعمال العقل والتدبر والتروى واستشارة من نثق بهم، وجمع معلومات دقيقة، ثم التوكل على الله قبل الوقوع فى مشكلات مع الأشخاص الذين يكون بينهم ارتباط نسب أو غيره؟، وإذا كانت هناك مفاجآت فى هذا الارتباط لم تكن فى الحسبان، يجب التوقف وحساب المزايا والعيوب، وتداعيات الانفصال، وفرضية تفضيل الاستمرار خاصة فى وجود أطفال، وكل هذا يخضع لاعتبارات تقدير واحترام الطرف الآخر، ورفض الإهانة، وضمان الرعاية المعنوية والمادية والتواصل، وتجنب الوقوع فى ورطات مالية فادحة تتسبب فى تبديد الأموال، والوقوع تحت طائلة القانون، مع اللجوء إلى ذوى الخبرة وأهل العلم والقانون إذا التبس الأمر، وضاقت السبل فى إيجاد الحل، وللعلم فإن الكثير من الحلول الحاسمة لن تنال الرضا، أو تحقق طموحهم أو توافق أهواءهم، ويحضر التراجع والتردد فى المجازفة باتخاذ قرار بهذه الحلول، ولكنها حلول واقعية منطقية تبدو وكأنها قاسية، ولكنها تمكن أصحاب المشكلات من تجاوزها بأقل الخسائر، وبدء مرحلة جديدة لاستعادة الرضا والاستقرار فى الحياة بخطوات محسوبة، وإن مضى الوقت وتأخر العمر، ولكن الأمل لن يكون بعيدا.
لهيب الصمت
ـ المستشار فوزى زيدان: تعلمت لأجلك لغة الصمت، وأبىَ كبريائى أن يخرج عن صمته، فشكت حبك عينى بدمعها، والدمع لهيب أذاب الثلج حوله، فنحت طريقا على الخد سلكه باسمك، وأنت، كما أنت للثلج تمثال، كأن قلبى بصمته نحتك للحب عنوانا.. ووصفك إلها لصمت المحبين.. لذلك تعلمت لأجلك لغة الصمت، فكنت أنا قبلة لصمت المحبين.
قادرة على العطاء
ـ ن ـ ص: أنا سيدة عمرى واحد وستون عاما، أديت واجبى الأسرى، وربيت ابنتىّ، وتخرجتا فى الجامعة، وتزوجتا والحمد لله، ولم أقصر فى حقهما، ولم أفكر فى الزواج، برغم وفاة زوجى، وهو فى الخامسة والأربعين من عمره، وتابعت فى الوقت نفسه أمى وراعيتها فى الظروف الصحية الصعبة التى ألمت بها على مدى عشرين عاما.
وقد خرجت إلى المعاش العام الماضى، وأعيش وحيدة، وليس لى أقارب يعيشون بالقرب منى، وتسكن ابنتاى فى منطقتين بعيدتين عن سكنى، ولا أجد ما أستغل وقتى فيه، وأعانى فراغا قاتلا، وكنت أعمل فى مجال التغذية، كمديرة للجنة الصحة والسلامة بجهة عملى، وأرغب فى المشاركة بأى عمل اجتماعى أو إدارى مناسب، سواء بأجر أو بدون أجر، حيث إننى مازلت فى كامل حيويتى ونشاطى، فهل أجد من يساعدنى؟.
وثيقة الزواج
ـ مهندس هانى أحمد صيام: من الصور المرفوضة التى تشوب المشهد الاجتماعى أن يعمد بعض الشباب المقبلين على الزواج إلى التحايل على القانون الخاص بتقدير رسوم عقد القران بتضمين الوثيقة مهرا ومؤخر صداق على نحو يقل كثيرا عن المسمى بين الأسرتين بالفعل، وذلك بهدف النزول بقيمة الرسوم المقررة إلى أدنى مستوى لها، واعتبار ذلك ـ مع الأسف - نوعا من (الشطارة والفهلوة) وأرى أن هذا التوجه ـ والذى يعد بمنزلة التهرب من الضرائب - لا يلقى بظلاله القاتمة على الدولة ـ ممثلة فى وزارة العدل ـ والمأذون فقط، وإنما تطال تداعياته الزوجين ووكيل الزوجة والشاهدين أيضا، أما الدولة والمأذون، فيتم التعدى على جانب من مستحقاتهما كرسوم ببخس قيمتى المهر ومؤخر الصداق مع سبق الإصرار والترصد فتنخفض نسبة مستحقاتهما تبعا لذلك، وأما الزوجان - ولأن الجزاء من جنس العمل - فيعتريهما غُبن صارخ كل على حدة بما اقترفت أيديهما من إثم، فنرى الزوجة تدفع الثمن عند الطلاق إذ يقوم الزوج بدفع قيمة مؤخر الصداق لها ـ إمعانا فى الخصومة - طبقا لما هو منصوص عليه فى عقد الزواج، وليس وفقا لما تم الاتفاق عليه فى الحجرات المغلقة، والزوج نراه يعض على الزوجة الأنامل من الغيظ عند الخُلع حيث تبادر - نكاية فيه - برد المهر المنصوص عليه فى وثيقة الزواج، والذى يقل كثيرا عما دفعه الزوج المخلوع بالفعل والذى يتدنى أحيانا إلى ربع الجنيه فقط لاغير، وأما وكيل الزوجة والشاهدان فهم شركاء فى الإثم لأنهم صدّقوا على وثيقة الزواج، وهم على علم كامل بتلك الواقعة المؤسفة التى باتت فى نظر البعض عادة مألوفة وسلوكا معتادا.
ولأن الله أمرنا بأن نؤدى الأمانات إلى أهلها، وأن رسول الإنسانية أخبرنا منذ أكثر من أربعة عشر قرنا بأن من غشنا ليس منا، فإنى أبث مناشدتى إلى شبابنا المقبلين على الزواج بالخروج على هذا التوجه غير المحمود وتوخى المصداقية التامة والشفافية المطلقة عند كتابة المهر ومؤخر الصداق حتى لا يستهلان حياتهما الزوجية بمخالفة (مسجلة) أو خديعة (موثقة) تحت أى ظرف، ولأى سبب فتضعهما فى موقف صعب يوم الحساب وحتى لا تبُخس حقوقهما فى الدنيا عند الانفصال لا قدر الله سواء بالطلاق أو الخلع.
العطاء لا ينتظر الجزاء
ـ د. مينا بديع عبد الملك ـ أستاذ بهندسة الإسكندرية: كتب المؤلف الأمريكى الساخر «مارك توين» (1835 – 1910)، عن السعادة التى وجدها أخيرا، وكيف وجدها، قائلا: (كنت أعطى، ولكننى كنت دائما أتوقع أجرا على هذا العطاء، إلى أن ألم بى المرض وحملونى إلى المستشفى، وعلى الفراش الصغير فى الغرفة التى احتواها الألم والسكون تعلمت أعظم درس فى الحياة.. كنت أرى الأيدى التى تمتد لتخفف عنى آلامى، والعيون التى تنظر إلىّ وقد امتلأت بالرفق والعطف والرحمة، لقد تعاون الجميع على علاجى وإعادة الحياة إلى جسدى المُتعب والمتألم، وشُفيت، وقمت من فراشى لأدفع أجر هؤلاء الذين سهروا الليل، وضحوا براحتهم من أجلى، بضع مئات من الدولارات.. هل كانت أجرا حقا على ما قدمه لى هؤلاء؟ وأى أجر هذا الذى يمكن أن يعوضهم عما بذلوا من جهد من أجل شفائى؟.
إننى لو قدمت ثروتى كلها، لِما استطعت أن أرد إليهم بعض ما بذلوه من أجلى.. يومها أحسست بأن العطاء لا ينتظر الجزاء.. يومها شعرت بأننى أستطيع أن أعطى دون أن أتوقع أجرا على هذا العطاء.. يومها بلغت قمة النضج الفكرى والعاطفى، واكتشفت أن أعظم شىء فى الحياة أن يعثر المرء على شىء كبير يستثمر فيه كل جهده ووقته وفكره.. عندها فقط يبدأ إحساسه بالحياة ذاتها). حقا مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ، ويا لسعادة الإنسان الذى يعطى ـ ويعطى بسخاء ـ دون أن ينتظر حتى كلمة شكر، لأن المعطى المسرور يحبه الله ويبارك فى حياته بل ويبارك حتى فى القليل الذى بين يديه، ما أروع أن يكون الإنسان معطاء.
رابط دائم: